المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

ما حقيقة المشاركة اللبنانية في ورشة ’التطبيع الأكاديمي’ في ميونخ؟

في الثالث والعشرين من حزيران عام 1955، صدر قانون مقاطعة "اسرائيل". القانون ورغم الدعوات العديدة لتعديله، إلا أنّ المادة الأولى منه جاءت بعبارات واضحة لا لبس فيها. كل أشكال التعامل مع العدو محرّمة. يستمد هذا القانون فلسفته وفقهه من لازمة يؤمن بها القانون اللبناني، فحواها أن "إسرائيل" عدو، وبحسب قانون العقوبات اللبناني فإنّ الصلات محظورة معه، أو مع أحد رعاياه. وفي هذا المقام، لا مجال للتأويل والتفسير والإستثناءات. البعض قد يظن، أو يُقنع نفسه بأنّ التطبيع يقتصر على الشق الإقتصادي، وفي هذه مغالطة كبيرة. القانون كان صريحاً في هذا الموضوع، لدى ذكره كل أنواع التعامل، بما في ذلك الثقافي، والإقتصادي، والعسكري، والفني، الخ..

قد يعتبر البعض أن التطبيع الفكري والثقافي من أخف أشكال التطبيع، وفي ذلك وهم. فهذا النوع يُعد الأكثر خطورة، نظراً لما يحمله من تبادل ثقافات، وأفكار تحارب معتقداتنا، وهذا ما يسعى اليه بعض المنظمين للندوات والمؤتمرات العالمية، خصوصاً على أرض الإتحاد الاوروبي، والتي تسعى الى شرعنة تواجد الكيان الصهيوني على طاولة واحدة مع مشاركين عرب. ورشة "التطبيع الأكاديمي" التي ستتفتح أعمالها اليوم- تحت عنوان "الفينيقيون في فينيقيا: اتجاهاتٌ حديثة واكتشافاتٌ جديدة"-، في ميونخ، لا تخرج عن هذا المنطق الداعم لكيان العدو، والمؤمن بحتمية وجوده. الخطورة لا تكمن هنا، فهذا ديدن الدول الغربية منذ عقود. الخطورة تكمن في نية أستاذتين جامعيتين من لبنان المشاركة في هذه الورشة، وهو ما يُعد خرقاً فاضحاً لقانون مقاطعة "إسرائيل". كما يُعد تشويهاً ممنهجاً لصورة الجامعة اللبنانية التي ستمثلها د. حنان شرف حتى ولو كان ذهابها بصفتها الشخصية، وهو ما أثار موجة استياء عارمة في صفوف اللبنانيين، الذين دعوا الى عدم التهاون ومحاسبة المسؤول عن هذه المشاركة. 

الناطق باسم رئاسة الجامعة اللبنانية د. علي رمال يُرجّح لموقع "العهد الإخباري"  فرضية مشاركة د. شرف -وهي أستاذة متعاقدة بالساعة في قسم الفنون والآثار في الجامعة اللبنانية- بصفة شخصية، لكن لا شيء محسوم برأيه حتى الساعة، إذ لا وثائق ولا مستندات. يشير رمال الى أنّ القضية أثيرت للأسف في وقت تأخذ فيه الجامعة عطلة الأعياد، وهو ما عرقل مهمتنا في التدقيق، أضف الى تواجد رئيس الجامعة د. فؤاد أيوب خارج البلاد. لكنّ رمال يعود ليرجح فرضية مشاركة شرف بطريقة غير رسمية، إذ إنّ أصول التعامل مع هكذا مشاركات في الجامعة تقتضي إرسال كتاب الى وزارة الخارجية لأخذ الإذن وتغطية النفقات، والخارجية بدورها تشترط عدم تواجد "إسرائيليين" في المؤتمر أو الورشة. وهنا، يُؤكد رمال أنّ أصل المشاركة  سواء كانت رسمية أم فردية هي مشاركة غير مقبولة قطعاً. برأيه تشكل خرقاً واضحاً لكافة الأعراف والقوانين في بلد يؤمن بالعداء المطلق لـ"اسرائيل" ككيان محتل ومغتصب لحقوقنا العربية.

بدوره، رئيس الجمعية اللبنانية لمقاطعة "إسرائيل" وعضو حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" عبدالملك سكرية يوضح لـ"العهد" أنه أجرى اتصالاً برئيس الجامعة د. فؤاد أيوب -المتواجد خارج لبنان- وأخبره (سكرية) بما يجري، منوهاً الى أنّ مشاركة شرف سواء كانت فردية أم رسمية هي مشاركة باسم الجامعة اللبنانية شئنا أم أبينا، فرد أيوب بالإشارة الى أنه سيكلف عميد كلية الفنون والآثار في الجامعة بمعالجة الموضوع. عندها طلب سكرية من رئيس الجامعة إصدار تعميم لما للمشاركة من تداعيات على الرأي العام الذي انتفض وعبر عن رفضه لهذا التطبيع على وسائل التواصل الاجتماعي، فلفت أيوب الى أن مذكراتنا الإدارية نحبّذ أن تبقى داخلية". 

حتى الساعة، لا شيء واضح بحسب سكرية لجهة مشاركة شرف أم تراجعها عن الخطوة، إلا أنه يعرب عن اعتقاده بأن القضية شبه محسومة لجهة عدم مشاركتها، خصوصاً بعد الحملة التي طالتها، والتي استنكرت خطوة شرف المسيئة بحق لبنان، والمخالفة لتعليمات الجامعة اللبنانية. وفق قناعات سكرية، على الدولة محاسبة ومساءلة كل من تسول له نفسه القفز فوق القانون، لأنّ العدو وحلفاءه يسعون الى تنظيم مؤتمرات الهدف منها التطبيع بين الكيان والدول العربية، تحت عناوين متنوعة ثقافية، فنية، أكاديمية، أو عناوين براقة تحمل شعارات "حقوق الانسان" للتغلغل بمجتمعنا وممارسة الغزو الثقافي الذي يسعى لكي الوعي وغسل الأدمغة والانقلاب على الثقافة والتراث والالتزام بشكل يصبح الوعي فيه غير محصن بما يكفي"، فهل تعزف شرف عن خطوتها بعد كل ما قيل ويقال في رحاب مشاركتها أم تُصر على موقفها، يسأل الرأي العام؟.

03-نيسان-2018

تعليقات الزوار

استبيان