كرم حزب الله الفعاليات المسيحية في الجنوب بمناسبة عيد الميلاد، وذلك بغداء تكريمي رعاه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله، وذلك في حديقة ايران ببلدة مارون الراس بحضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور أيوب حميّد، متروبوليت صور وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميخائيل أبرص، مطران صور للموارنة، وعدد من الآباء المسيحيين، وعلماء دين من مختلف الطوائف الدينية، وفعاليات وشخصيات ثقافية واجتماعية.
وقد تحدث النائب فضل الله فقال إن هذه المناسبة تجمعنا مسلمين ومسيحيين على القيم والمبادئ التي جاء بها الأنبياء والرسل، وكلهم يكمل بعضهم بعضا، كما في إيماننا الإسلامي، أن كل نبي من أنبياء الله، جاء بالخير والقيم التي ترفع من شأن الإنسان، وتجعله في هذه الدنيا يعيش حياة كريمة، وفي الآخرة الحياة السعيدة.
وأضاف النائب فضل الله إن السيد المسيح (ع) وأمه مريم البتول (ع)، يحملان بالنسبة إلينا القداسة الكبرى كما كل الأنبياء والرسل، ولأننا ننتمي إلى هذا الإيمان والثقافة، نتعاطي مع رسالة السيد المسيح (ع) أنها الرسالة المنقذة للبشرية، ونحن في إيماننا الإسلامي نؤمن بأن السيد المسيح (ع) يخرج في آخر الزمان مع الإمام المهدي (عج)، ليخلصا البشرية جمعاء مما لحق بها من ظلم وانحراف وخروج عن جادة الصواب.
وتابع النائب فضل الله اليوم نلتقي مع هذه القيم التي أراد بها نبينا المسيح (ع) أن يواجه الظلم والانحراف، الذي أراساه قبل 2017 عاماً، فواجه في الهيكل أولئك الذين أيضاً كانوا يتحكمون بعباد الله باسم الدين، ودعا إلى إخراج اللصوص من الهيكل.
وأردف النائب فضل الله نحن نحتفي هنا في هذه البلدة في مارون الراس وفي هذا الجنوب والجبل العاملي، ونطل على الأرض المحتلة على قضية مقدسة تجمعنا ليس فقط في لبنان، بل من المفترض على امتداد العالم كمسلمين ومسيحيين، معتبراً أن قرار الرئيس الأميركي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لهذا الكيان الغاصب، ونقل السفارة الأميركية إليها، جاء ليساعد الكيان الإسرائيلي على تهويدها ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والقرارات الدولية، وكل ما أجمع عليه العالم، لا سيما وأن هذه المدينة محتلة، وأن مقدساتها هي للمسلمين والمسيحيين.
وأكد النائب فضل الله أننا في لبنان أجمعنا على رفض هذا القرار والتنديد به والوقوف في وجهه، وكنّا على مستوى الدولة والمرجعيات الروحية والأحزاب والقوى السياسية، موقفاً واحداً في مواجهة هذا القرار بمعزل عن التعابير والمصطلحات والأدبيات التي استخدمت، لأن ما يمثله لبنان من بلد للتعايش والتنوع، ونموذج رائد في حمل قضايا المظلومين، هو معني بمواجهة مخاطر وتداعيات هذا القرار، سواء على مستوى ما يلحق بالقدس، أو على مستوى ما يمكن أن يصيبنا في لبنان، لأننا معنيون بهذه القضية الفلسطينية، وقد تحملنا في لبنان على مر تاريخنا الكثير الكثير من أجل هذه القضية، وسنبقى نحمل راية الدفاع عن القدس والشعب الفلسطيني وقضيته، ونكون إلى جانب هذا الشعب المنتفض اليوم في القدس وبيت لحم، حيث كان السيد المسيح (ع)، وجاء نبينا الأكرم (ص)، والتقت الرسالتان هناك في مواجهة هذ الظلم والاحتلال والعدوان الإسرائيلي.
وشدد النائب فضل الله على أننا في لبنان على نقيض تام لهذا الكيان الإسرائيلي، فنحن بلد التنوع والتعايش والكرامة الوطنية، وهناك كيان عنصري غاصب محتل لا يمكن في أي وقت من الأوقات وفي أي لحظة من اللحظات أن يتعايش البلد النموذج لبنان مع هذا الكيان العنصري، الذي لا نعتبر أن له أي شرعية في أي حبة تراب من تراب فلسطين، فهذا الكيان مضاد لبلدنا بكل المعايير والمقاييس، ولذلك عندما نكون نحن هنا موحدين، يضعف هذا العدو، وعندما يحاول إضعاف بلدنا، يتسلل إلينا من خلال الفتن والتحريض، لأنه يريد أن يثبت أنه لا يمكن للطوائف أن تتعايش في ما بينها، ويريد أن يهود فلسطين والقدس، وأن يكون كياناً عنصرياً لا مكان في جواره لبلد مثل لبنان، ولذلك نحن على نقيض تام معه، وسيبقى هذا التناقض والتضاد دائماً ما دام هذا الكيان موجوداً.
ولفت النائب فضل الله إلى أننا نتطلع إلى بلدنا الذي ينعم اليوم على المستوى الأمني باستقرار قد لا نجده في الكثير الكثير من محيطنا، والناجم عن تضحيات جسام قدمها شعبنا من خلال المقاومة والجيش، ومن خلال هذا التكامل ما بين الأدوار، وهذا ما نسميه في أدبياتنا معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وأكد النائب فضل الله أننا حمينا بلدنا بعد أن حررناه في مواجهة العدو الإسرائيلي، ونحميه اليوم في مواجه العدو التكفيري، فلبنان لم يكتفِ بهذا المقدار من الدور أي أنه حرر الأرض وحماها، وإنما أسهم في إسقاط المشروع التكفيري المتلاقي مع المشروع الإسرائيلي في سوريا، وذلك من خلال تضحيات المقاومة ودورها، لافتاً إلى أنه في السابق كان الشعار دوماً سحب القوات الأجنبية من لبنان الذي كان بلد تتنفس عليه صراعات المنطقة، وأما اليوم، فلم يعد هذا البلد ساحة ومتنفساً لصراعات الآخرين، بل صار مؤثراً في المنطقة، وصار المطلب والشعار الذي يرفع هنا وهناك، اسحبوا العناصر اللبنانية من بعض الساحات العربية، لأن هذه العناصر كانت مؤثرة، ولها الدور الكبير في تغيير معادلات ليس على مستوى لبنان، وإنما على مستوى المنطقة لحماية لبنان.
وشدد النائب فضل الله على أننا عندما تدخلنا في سوريا كان ذلك من أجل لبنان والقدس كي لا تضيع فلسطين ويسقط لبنان في يد هذه الجماعات التكفيرية، فلبنان حميناه بمسلميه جميعاً سُنة وشيعة ودروزاً، وبمسيحيه من كل الطوائف والمذاهب، وبتضحيات مجاهدينا وجيشنا وقوانا الأمنية، استطعنا أن نؤمن هذه الحماية، ولكنها تحتاج إلى حماية سياسية واجتماعية توفرها مؤسسات الدولة، ولذلك نحن في الوقت الذي نفاخر بأننا حافظنا على العيش المشترك بخاصة في هذا الجنوب وفي هذه المنطقة الحدودية، وبأننا ننتمي إلى وطن التنوع والتعايش والسلم الأهلي، نريد أن نصل إلى مرحلة نفاخر فيها بأننا جميعاً ننضوي تحت سقف دولة تحمي الجميع وتوفر لهم مقومات العيش الكريم، ويطبق فيها الدستور ويخضع الجميع للقانون، وتحترم الصلاحيات كي تنتنظم امور اللبنانيين، وينصف كل مغبون، ويأخذ كل ذي حق حقه.
بدوره المطران أبرص أشار إلى أن ذكرى ولادة السيد المسيح تزامنت هذا العام مع ولادة انتفاضة شعبية جديدة للشعب الفلسطيني ضد القرار الأميركي الباطل باعتبار القدس المحتلة عاصمة لاسرائيل، وقد شكّل موقف رجال الدين المسيحيين من ساحة كنيسة المهد في بيت لحم، موقفاً تاريخياً مسيحياً مشرفاً، فقد أكدوا رفضهم تهويد القدس، وأن هذا القرار يعدّ إهانة وتطاولاً على المسيحيين والمسلمين، وتغييراً للوضع القائم في المدينة المقدسة، وأن الفلسطينيين بجميع أطيافهم يرفضونه، وأن أي تعد على المقدسات والأوقاف المسيحية والإسلامية هو استهداف لكل الشعب الفلسطيني، مؤكداً أننا جميعاً معنيون لمواجهة مشروع ترامب الاستعماري الجديد القاضي بإنهاء القضية الفلسطينية والقضاء عليها.