تحتاج المرحلة القادمة في بلدة الطفيل العائدة لتوها إلى حضن الدولة اللبنانية الكثير من العمل وخصوصا على المستوى الخدمي. والى حين عودة الدولة اللبنانية بخدماتها ومؤسساتها إلى الطفيل ستبقى الحدود السورية هي المتنفس الطبيعي والوحيد للأهالي هناك.
للمقاومة اليد الطولى في عودتنا
لهذا لم يكن غريبا أن يأتي أهالي الطفيل على ذكر فضل المقاومة. فوزي أسعد حسن مختار الطفيل لعقود طويلة، وجّه التحية عبر موقع العهد للمقاومة وسيدها ولسوريا الرئيس بشار الأسد الذين انتشلوا البلدة وأهلها من الواقع المرير الذي فرضه مقاتلو المجموعات المسلحة.
بدوره، أوضح أسعد دقو وهو أحد العائدين للبلدة من مخيمات عرسال لـ"العهد" كيف أن قيادة المقاومة تواصلت بكل الأسر المتواجدة في المخيمات تدعوهم للإجتماع مع رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك الذي رحب بهم، وأخبرهم بأن بلدتهم باتت آمنة وترحب بعودتهم اليها متى شاؤوا.
عودة الأهالي لم تقتصر على اللبنانيين، فثمة سوريون من أهالي الطفيل يسكنون البلدة وتجمعهم علاقات مصاهرة مع الكثير من اللبنانيين داخلها.
"لم نختر وجهة نزوحنا"
يتفقد تركي منزله الذي هجره وأهل بيته تحت أزيز الرصاص ذات إرهاب، ليس ثمة جدوى من التأمل طويلا في منظر الدمار الذي لحق بالمنزل. يُحدّث تركي نفسه قبل أن يباشر إصلاح ما يمكن إصلاحه. سألناه عن سبب اختياره النزوح إلى عرسال بدل التوجه إلى الداخل السوري على اعتبار أنه يحمل الجنسية السورية، تبسم الرجل قائلا: صدقني لم أختر وجهة هروبي فقد طاردني الرصاص مع عائلتي إلى الجرود لأجد نفسي في عرسال أقطن خيمة وسط مئات الخيام بعدما تحول الوطن إلى خيمة نزوح. واستفاض الرجل في الحديث عن الواقع المأساوي الذي عاشه على جميع الأصعدة.
عاد الأهالي وغابت الدولة
توجيه الشكر للمقاومة على دورها الأكبر في عودة أهالي الطفيل إلى بلدتهم غالبا ما كان يعقبه الإستنكار الشديد لغياب الدولة اللبنانية عن "البلدة المنسية" كما أجمع على تسميتها كل الذين تحدثوا لموقع "العهد". فتخلي الدولة اللبنانية عن الطفيل جعل أهلها يعتمدون بالمطلق على الدولة السورية في كل شيئ تقريبا.
ضريبة الجغرافيا
موقع الطفيل كبلدة بقاعية ترزح في أقصى السلسلة الشرقية لجبال لبنان على الحدود السورية اللبنانية جعلها تدفع ثمنا كبيرا منذ نشوء الأزمة في سوريا، سيما وأنها تتداخل بشكل لافت مع الجغرافيا السورية. ومع سيطرة المجموعات المسلحة على البلدة في العام 2012 تحولت الطفيل إلى ممر عبور للمجموعات المسلحة من العمق اللبناني نحو الداخل السوري وبالعكس حسب المعارك ضد الجيش السوري والمقاومة التي لم تكن حينها قد دخلت إلى سوريا، ومنذ ذلك الوقت تعامت الكثير من وسائل الإعلام عن واقع يقول بأن بلدة لبنانية مساحتها تصل إلى 52 كيلو مترا مربعا قد باتت بأكملها تحت سيطرة المجموعات المسلحة، الأمر الذي رسخ القناعة لدى الأهالي بأنهم متروكون لمصيرهم وأن أحدا لا يحفل بهم. واقع استمر حتى شهور قليلة خلت حين اطلقت المقاومة معركة الجرود لتطلق معها سراح بلدة اسرها الإرهاب لسنين بعدما أسرها الإهمال لعقود.