لا تكاد تقفل نافذة بوجه التجاذبات السياسية بين الأطراف المحلية إلا لتفتح أمامها أبواب تدخل منها الأزمات تلو الأخرى، حتى نتائج الامتحانات الرسمية بات لها ارتدادات غير مباشرة على الساحة السياسية، حيث جرى التراشق بين عدد من المسؤولين على خلفية التدخلات في السلطة القضائية للافراج عن موقوفين على خلفية إطلاقهم النار ابتهاجًا بنجاح طلاب الشهادة المتوسطة.
وإن كانت أزمات النازحين السوريين والمخيمات والكهرباء وغيرها لا تكفي الشعب اللبناني، فقد عادت سلسلة الرتب والرواتب إلى الواجهة مع تهديد هيئة التنسيق النقابية بالنزول إلى الشارع ومقاطعة تصحيح الامتحانات، وهذه المرة من مقر الاتحاد العمالي العام، وكل هذه الملفات ستكون كحقول ألغام تتنقل وسطها الحكومة في جلستها التي ستنعقد اليوم في بعبدا.
"الأخبار": الأمن والقضاء أمام امتحان السبت: السلطة تغطّي مطلقي النار!
اعتبرت صحيفة "الأخبار" أن فضيحة التدخلات السياسية لدى القضاء، التي أدت الى إطلاق غالبية من أوقفوا بتهمة إطلاق النار بعد إعلان نتائج امتحانات «البريفيه»، تتوالى فصولاً. «قنبلة» وزير الداخلية نهاد المشنوق لم توقف التدخلات، ليتراجع عدد الموقوفين إلى سبعة فقط. السلطة التي تقدمت خطوة في مكافحة هذه الظاهرة عبر التشهير بمطلقي النار، تراجعت عشر خطوات بتغطيتهم وإطلاقهم
ورأت أن الدولة اللبنانية، بكافة أجهزتها الأمنية والقضائية، أمام امتحانٍ حقيقي السبت المقبل. طلاب البكالوريا ينتظرون نتائج الامتحانات الرسمية، فيما يترقّب بقية اللبنانيين «رعب الابتهاج» الذي يعرّض حياة الأبرياء للخطر، بعدما أخفقت الفتاوى الدينية والدعوات السياسية، وحتى التهديد بالتوقيف، في ردع «هواة» إطلاق الرصاص في الهواء ابتهاجاً.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسوأ من ذلك أنّ الدولة اللبنانية، بكل أجهزتها الأمنية والقضائية، تقف عاجزة أمام قمع هذه الظاهرة. وعندما تتخذ قراراً بتوقيف مطلقي النار، تتواطأ على نفسها وعلى المواطنين، لترك المخلّين بالأمن وتوفير مظلة حماية لهم.
الفضيحة فجّرها وزير الداخلية نهاد المشنوق في برنامج «للنشر»، أول من أمس، إذ كشف أن تدخلات سياسية أدت إلى إطلاق ٧٠ من أصل ٩٠ أوقفتهم القوى الأمنية بجرم إطلاق رصاص الابتهاج. وأوضح أنّ بعض الموقوفين لم يصلوا حتى إلى المحكمة العسكرية، بل اكتفوا بتقديم إفاداتهم في المخفر وأطلق القضاة المعنيون سراحهم. لكن ذلك كله لم يكن سوى رأس جبل الجليد. فقد توافرت معلومات لـ«الأخبار» عن أن «قنبلة» المشنوق لم تحل دون تفاقم الفضيحة، بعدما انخفض عدد الذين لا يزالون قيد التوقيف إلى سبعة فقط!
فالقضاء، في معظمه، يأتمر بالسياسة، وأداء بعض القضاة في عددٍ ليس قليل من الملفات كان ــــ ولا يزال ــــ موضع شبهة، كما في توقيف رضا المصري الذي لم يلبث القضاء أن تركه ضارباً عرض الحائط بجهود أشهر بذلها فرع المعلومات في تتبّعه، وليس انتهاءً بالفنانة السورية أصالة نصري التي لم يحظَ مكتب مكافحة المخدرات بـ«شرف» استضافتها في غرفة «خمس نجوم» الى جانب «أمير الكبتاغون» السعودي. وما بين هذين الملفين قضايا وملفات يصعب حصرها.
"النهار": طريق سلسلة الرتب والرواتب ليست معبّدة
وفي ملف أساسي آخر، كتبت "النهار".. اذا كانت سلسلة الرتب والرواتب مطلباً حياتياً ملحّاً تتحرك له النقابات العمالية، مدعومة بوعود رئاسية عدة أبرزها للرئيس نبيه بري، وفي ظروف تملي على النواب اقرارها قبيل الانتخابات، فإن الواضح حتى الآن أن هذه السلسلة لن تسلك طريقاً آمنة بدليل ما حذر منه النائب ابرهيم كنعان أمس من بكركي بقوله: "لسنا بحاجة الى مسرحية جديدة حولها بل الى اقرارها واعطاء الناس حقوقهم من عسكر ومتقاعدين وأساتذة واداريين". وبرز هذا التخوف في حديثه الى "النهار" مساء، إذ دعا الى "حركة سياسية لحماية قانون السلسلة من المزايدات لأن السلسلة قضية وطنية وانصاف القطاع العام واجب"، مؤكداً ان السلسلة ليست موضوعاً لكسب الشعبية.
ورأت أن الحاجة الفعلية في السلسلة الجديدة الى ثلاثة أمور لم يتم الاتفاق عليها بعد:
أولاً: اعطاء المتقاعدين حقهم في السلسلة، لان حرمانهم إياها يخالف القانون وتحديداً المادة 18 من قانون التقاعد، ويدفع الموظفين الى الفساد وسرقة المال العام اذا ايقنوا ان الدولة ستتركهم لمصيرهم السيئ بعد تقاعدهم. وهذا الامر طالب به رئيس الجمهورية وزير المال. وتختلف التقديرات لكلفته. ففي حين تشير أوساط لجنة المال والموازنة الى 200 مليار ليرة يمكن تقسيطها، ترتفع الارقام في وزارة المال الى نحو مليار ليرة. وهذا التباعد في الأرقام يزيد منسوب عدم الثقة بالمؤسسات الرسمية التي لا تلتقي على حسابات موحدة ودقيقة.
ثانياً: ان تمويل السلسلة يجب ألا يكون من الضرائب المباشرة على الناس، بل يجب التركيز على الوفر الممكن في النفقات التي تبلغ سقفاً غير محدد في ظل غياب الموازنة الرسمية. وتشير أوساط متابعة الى بنود معلقة في الموازنة الجديدة تؤمن وفراً بقيمة تقرب من مليار دولار يمكن ان تساهم في تمويل السلسلة اذا ما تم الاتفاق عليها. وتوفير التمويل أمر لم يتفق عليه وهو يلقى معارضة شديدة اذا ما ارفق بضرائب مباشرة من كل المعنيين ومنهم نواب أصحاب مصالح متعددة.
ثالثاً: أدرجت في ملف السلسلة مجموعة بنود اصلاحية اعتبرت موازية لها اذ لا يجوز زيادة كلفة القطاع العام 1200 مليار ليرة سنوياً من دون القيام بتحسين خدماته، وهي عملية معقدة بعض الشيء في ظل الفساد المستشري والذي ينخر المؤسسات. ومع هذا الواقع تبرز جبهة معارضة تعتبر الزيادات هدراً للمال العام من دون نتيجة مع تحميل القطاع الخاص اعباء اضافية بما يدفعه الى هجرة البلد. وهذه الجبهة تجد صداها الجيد في أوساط نواب ووزراء.
أمام هذا الواقع المأزوم، تدعو الجهات النقابية وتحديداً هيئة التنسيق النقابية الرئيس بري الى جعل الجلسة علنية ومنقولة عبر وسائل الاعلام للتأكد من صدق مواقف الكتل النيابية أو عدمه، وهو امر يثير ريبة عدد من النواب خوفا من تحول الجلسة حفلة مزايدة واحراج وصولاً الى اقرار السلسلة بطريقة غير مدروسة ترتد سلباً على الجميع.
"الجمهورية": الحكومة تتنقَّل بين ألغام الخلافات... وإنذار نقابي بالتصعيد
صحيفة "الجمهورية" بدورها اعتبرت في افتتاحيتها أن ملف مطالبة البعض بتعديل قانون الانتخاب الجديد قد طُوي لاستحالة حصول توافق عليه، ما جنّب البلاد أزمة انتخابية جديدة، لتعود الى الواجهة ملفات خلافية عدة طارئة، قديمة وجديدة. وفي هذا السياق، ينتظر ان تتصدّى جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا اليوم، ومن خارج جدول أعماله، لقضايا عدة طرأت أخيراً، واللافت انها تنعقد على وقع خلافات بين بعض الوزراء وكأنّ لكل جلسة «عُرسها وقُرصها».
من المتوقع ان يكون نجم جلسة اليوم 4 ملفات، أوّلها ملف النازحين السوريين الذي يتفاقم بفِعل المناخ وبالافعال السياسية والامنية، وسط مناداة البعض بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية ـ السورية وبإحياء المجلس الأعلى السوري-اللبناني المشترك.
وقد بدأ هذا الملف يعيد الخلافات مجدداً الى الواجهة وهي خلافات كثيراً ما عملت الحكومة على إخفائها. في وقت أعلن مساء وفاة 4 من موقوفي مخيمات عرسال في المستشفيات نتيجة أمراض مزمنة وقبل بدء التحقيق معهم، وهم من عداد الموقوفين المتورّطين في التخطيط والإعداد لعمليات أمنية في الداخل اللبناني.
امّا الملف الثاني فهو النزاع بين وزارتي الداخلية والعدل حول إطلاق سراح 65 الى 70 موقوفاً من أصل 90 على خلفية إطلاق النار ابتهاجاً، وذلك بعد تدخلات سياسية.
والملف الثالث هو ملف سلسلة الرتب والرواتب التي تحلّ بنداً أولاً على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقررة منتصف تموز الجاري في حال لم تبادر الحكومة الى استردادها، في وقت بَدا ظاهرياً انّ هناك توافقاً عليها، فيما يدور ضمناً خلاف حول سُبل تمويلها مشفوعاً بمواقف معارضة تتخذها الهيئات الاقتصادية، استدعت ردّ الاتحاد العمالي العام بإعطاء مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لإقرارها تحت طائلة النزول الى الشارع.
أمّا الملف الرابع فهو ملف الكهرباء خصوصاً في غمرة موجة الحر التي تضرب لبنان وانقطاع التيار الكهربائي خلالها بنحو لافت.
"البناء": مخطط إرهابي لتوريط المخيمات
على الصعيد الأمني وفي ضوء التطوّرات الميدانية على الساحة الإقليمية والحصار الذي يتعرّض له تنظيم «داعش» في كلٍ من العراق وسورية ومع الانتصارات التي يحقّقها الجيشان السوري والعراقي في مختلف الجبهات واقتراب النهاية العسكرية لهذا التنظيم، بعد خمسة أعوام من انتشاره في دول المنطقة بدعمٍ خليجي وإقليمي ودولي، عاد الهاجس الأمني ليلقي بثقله على الساحة المحلية في ظل تنامي خطر تسرّب عناصر «داعش» من سورية غلى لبنان وتنفيذ مخططاتهم الإرهابية وتوريط المخيمات الفلسطينية خدمة لمشاريع خارجية، الأمر الذي حذّر منه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس.
وأكدت مصادر أمنية مطّلعة داخل المخيم لـ«البناء» ما كشفه اللواء ابراهيم، مشيرة الى أن معلومات دقيقة وخطيرة وحسّاسة توافرت لدى الأمن العام والأجهزة الأمنية الأخرى عن مخطط إرهابي داخل المخيمات مستفيدين من اعترافات الموقوفين الإرهابيين في الآونة الأخيرة لا سيما الموقوفين خلال عملية الجيش الأخيرة في عرسال»، وتحدّثت المصادر عن خطرين يهدّدان أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان وهما التكفير والتطرّف وانتشار المخدرات بشكل كبير، وأكدت المصادر أن المخطط الإرهابي الذي يُعدّه الإرهابييون يخدم المشروع الصهيوني والأميركي لتهجير الشعب الفلسطيني من عواصم الشتات لضرب حق العودة»، ولفتت إلى وجود مجموعات تابعة لتنظيمَي داعش والنصرة في معظم المخيمات الفلسطينية وتنسّق مع قيادة التنظيمين الإرهابيين في سورية والعراق وتتلقى الأوامر منها، مرجّحة تصاعد العمليات الإرهابية في لبنان في المخيمات وخارجها بسبب الحصار الذي تتعرّض له تلك التنظيمات والهزائم التي مُنيت بها في سورية والعراق، وبالتالي تحاول نقل المعركة إلى لبنان والمخيّمات تحديداً لوجود بعض البيئات الحاضنة فيه».
لكن المصادر جزمت بأن «المنظمات والقوى الفلسطينية في المخيم قرارها موحّد، ولن تسمح لأي كان العبث بأمن المخيمات وتحويلها الى نهر بارد جديد ولا بأمن الجوار». ولفتت الى أن «تسليم الإرهابي المطلوب خالد السيد للأجهزة الامنية اللبنانية أثبت وحدة القرار الفلسطيني ورفض القوى جميعها تحويل المخيمات الى مأوى للإرهابيين الفارين من وجه العدالة». ولفتت المصادر الى أنه لو كان الموقف الفلسطيني موحّداً منذ بداية الأحداث السورية لما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه».
وعن تهديدات القوى المتطرّفة في المخيم بالردّ على تسليم خالد السيد، وضعتها المصادر في إطار التهويل والتهديدات الجوفاء، مؤكدة أنهم لا يملكون القدرة على تنفيذها وكما أجهض الشعب الفلسطيني المشاريع الصهيونية سيُسقط المخططات الإرهابية». وأكدت أن «القوى الأمنية الفلسطينية ستعتقل أي إرهابي يهدّد أمن المخيم والجوار وستسلّمه إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية».
وإذ لفتت إلى أن «ظاهرة التكفير والتطرّف موجودة في المخيم، غير أن لا تحرّكات ظاهرة للجماعات الإرهابية تؤشر الى مخطط تفجيري قريب، لكن الخطر قائم»، بحسب المصادر، «إذاً تعمل هذه المجموعات بشكل خلايا سرية ومنظمة ومنفصلة عن بعضها وتتنقل بين المخيم والداخل السوري وبعض المناطق اللبنانية كعرسال وطرابلس وبعض مناطق البقاع وبيروت»، لكنها لفتت الى أن «التواصل مستمر وفعّال مع الأجهزة الأمنية لاعتقال الإرهابيين بشكل سريع وعلى صعيد إنهاء ملفات المطلوبين لتحجيم ظاهرة الإرهاب، الأمر الذي سيُحبط أي مخطط إرهابي فضلاً عن حملات التوعية في المخيم للتخلّص من الأفكار الإرهابية المتطرفة بين أهل المخيم».
ونبّه اللواء إبراهيم من مكمن أمني ـ عسكري يُنصب لمخيمات اللجوء الفلسطيني، ويُراد منه استدراج لبنان واللاجئين الفلسطينيين وتوريطهم في ما لا يريدونه من مواجهة يحرصون على تجنّبها على الدوام لأسباب سياسية وعسكرية وأمنية تتصل اتصالاً وثيقاً وشديداً بملفات إقليمية ودولية». وأشار الى أن «ثمة مؤشرات خطيرة كمنت في أهداف هذه العمليات. للمرة الأولى ننجح في توقيف شبكة كانت في صدد ضرب سلسلة أهداف في آن. كان مقرّراً على سبيل المثال الضرب في مدينتي طرابلس والنبطية. وإذا كان ذلك يؤكد ما كرّرناه على الدوام بأن الإرهاب لا يميّز بين فريق وآخر أو منطقة وأخرى، إلا أنه يُنبئ بمرحلة جديدة متميّزة ستكون طبيعتها من العمليات العشوائية لزعزعة الدولة ككل. وهذا يستدعي حساسية أمنية أرفع وأدق وأعلى أولاً لحماية لبنان، وثانياً لأن الجميع يعرف أن الجيش والقوى الأمنية يعملان بطاقتهما القصوى وفي ظل نقص في العديد والعدة».
ورأى إبراهيم أن «عملية تفكيك الشبكة الإرهابية الشهر الفائت حملت مؤشرات إلى أخطار تستدعي معالجات سياسية، وإلا فإننا سنُضطرّ إلى اللجوء إلى عمليات أمنية وعسكرية دقيقة».