تصدر إنجاز الصيغة النهائية لقانون الانتخاب أمس عناوين وافتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم، بانتظار أن تتكلل هذه الخطوة رسميًا في مجلس الوزراء اليوم، ليصار الى اقرار القانون في مجلس النواب نهاية الاسبوع الحالي اذا لم تحصل تطورات مفاجئة، وتحديد موعد اجراء الانتخابات النيابية القادمة، في وقت بدأت تتضح فيه معالم ما بعد الجدال الانتخابي، بظل الحديث عن توجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقاء رؤساء الكتل النيابية قريباً بهدف المشاركة في ورشة العهد الجديد.
وفي التفاصيل الانتخابية، اشارت صحيفة "الاخبار" الى أن "القوى السياسية الكبرى اتفقت قبل ستّة أيام من انتهاء الولاية الممدّدة لمجلس النواب، على مشروع النسبية في 15 دائرة"، لافتة الى أن "المشروع سيُبحث اليوم في مجلس الوزراء، قبل أن يُقرّ في مجلس النواب نهاية الأسبوع الحالي"، ووصفت الصحيفة ما تحقق بأنه "إنجاز كبير، يتمثّل في الخروج من نظام الاقتراع الأكثري، الإقصائي والإلغائي". لكنها تحدثت عن أن "هذا الإنجاز تشوبه الكثير من التشوّهات".
واوضحت "الاخبار" أن "يوم السراي الحكومي أمس كان طويلاً. اجتماعات مُكثّفة بين القوى السياسية الرئيسية، نتج منها تثبيت اتفاق على قانون للانتخابات، يعتمد النسبية في 15 دائرة"، واعتبرت ان "مشروع القانون المُتفق عليه لن يُغيّر بالطبع شكل النظام الحاكم في البلاد، الأكثر عمقاً من أن تبدّله انتخابات، مضيفة "صحيح أنّه جرى «تخفيف» النسبية، وليس الـ15 دائرة هو ما يطمح إليه قسمٌ كبير من اللبنانيين، ولكن انتُشلت البلاد من القعر عبر تجنبيها كارثة دستورية لو أنّ ولاية المجلس النيابي انتهت من دون الاتفاق على قانون جديد".
ووصفت "الاخبار" ما تحقق بـ«الإنجاز»، لسببين أساسيين؛ أولاً، دُفن القانون الأكثري السيّئ الذي حكم لبنان منذ عشرينيات القرن الماضي، فكان مُجحفاً على الصعيد التمثيلي لقوى سياسية عديدة. أما السبب الثاني، والأهم، فهو دخول لبنان عصر النسبية. ولتوضيح أهمية النسبية، اشارت الصحيفة إلى مثل عملي وفيه ان المُرشح في دائرة بيروت الثالثة (سابقاً) كان بحاجة إلى ما يُقارب 75 ألف صوت ليفوز بمقعد، فبات بعد أن أصبح اسم الدائرة بيروت الثانية (وتُعدّ من أكبر الدوائر) بحاجة إلى أقل من 17 ألف صوت (وينخفض العدد المطلوب لنيل مقعد في حال لم تكن نسبة المشاركة في الانتخابات قياسية). يفتح ذلك المجال أمام شكلٍ جديد من التمثيل السياسي. ومرّة جديدة، من دون أن يعني تغييرات جذرية في جوهر النظام.
وتحدثت الصحيفة عن عدة عوامل أسهمت في التوصل إلى هذه النتيجة. مشيرة الى انه يأتي في المرتبة الأولى موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تمسّك بإسقاط ما يُعرف بقانون الستّين، ووصل به الأمر حدّ الامتناع عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات. كذلك فإنّ «الجنرال» أصرّ على رفع لواء «حُسن التمثيل».
اما العامل الثاني - بحسب "الاخبار" - فأتى من جانب حزب الله وحركة أمل اللذين تمسّكا بالنسبية. وكان لرئيس مجلس النواب نبيه برّي دور كبير في التوصل إلى التسوية، من خلال إسقاطه مشاريع القوانين الطائفية والتقسيمية التي طُرحت في الأشهر الأخيرة. يُضاف إلى ذلك، تجاوز رئيس الحكومة سعد الحريري لتوجساته من النسبية، وتسهيله القبول بها وفق أيّ تقسيمات، رغم الخسارة الكبرى التي يُتوقع أن تشهدها كتلته النيابية.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر وزارية إلى أن الانتخابات ستُجرى يوم 6 أيار 2018، فيما قالت مصادر تكتل التغيير والإصلاح إن عون يريد إجراء الانتخابات في تشرين الثاني المقبل كحد أقصى، في مقابل مطالبة تيار المستقبل بأن تُجرى الانتخابات في آذار 2018، على قاعدة أن وزارة الداخلية لن تكون قادرة على إجراء الانتخابات إلا بعد تحضيرات تحتاج إلى 7 أشهر على الأقل. ورغم أن «المستقبل» يريد التمديد لمحاولة «لملمة» أوضاع الشعبية، فإن المنطق يقضي بمنح المرشحين الجدد، الذين سيقررون الترشح بعد إقرار النسبية، مهلة زمنية كافية للإعداد للانتخابات، وخاصة أنهم ينافسون نواباً موجودين في البرلمان منذ 8 سنوات على الأقل (بعضهم نواب منذ ما قبل عام 1992).
"النهار" : القانون الجديد ولد من رحم حكومة ميقاتي واقتراح مروان شربل
من جهتها، اشارت صحيفة "النهار" الى أن القانون الجديد ولد من رحم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي واقتراح وزير الداخلية آنذاك مروان شربل، ولفتت الصحيفة الى أنه على رغم ولادة القانون الباهتة فقد تسابق المعنيون على ادعاء أبوته من باب التجديد والعصرنة أو استعادة الحقوق أو ما شابه ذلك، في محاولات فاشلة لتسجيل انتصارات وهمية لم تعد تنطلي إلا على قلة من اللبنانيين.
وذكرت الصحيفة أن الحسنة الوحيدة للقانون المولود تكمن في أنه يجنب البلاد مزيداً من التشرذم والانقسام ويعيده الى السكة الصحيحة في اجراء الاستحقاق الانتخابي المعطل منذ أربع سنوات. فبعد اجتماعات ماراتونية بحثت في تفاصيل تقنية لم تبدل في الواقع كثيراً، انجز الاتفاق ليصادق مجلس الوزراء عليه في جلسته التي يعقدها اليوم في قصر بعبدا ويحيله على مجلس النواب الذي سيصوت عليه الجمعة بمادة وحيدة ليصدر في ملحق خاص بالجريدة الرسمية قبل 20 حزيران الجاري. وإذا حصل أي تأخير، قد يؤجل الرئيس نبيه بري الجلسة إلى السبت ليصل المشروع ويبلغ النواب انعقاد الجلسة قبل 48 ساعة. وهو يميل إلى المصادقة عليه بمادة واحدة، إلا أنه لا يستطيع منع النواب من الكلام والمناقشة.
"البناء": الصيغة الانتخابية ستطرح على التصويت في جلسة مجلس الوزراء اليوم
بدورها، قالت صحيفة "البناء":"على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وضعت معركة قانون الانتخاب أوزارها وأفضت جولات التفاوض الماراتونية المكثّفة في السراي الحكومي في اليومين الماضيين الى تحرير قانون الانتخاب وفق النسبية على أساس 15 دائرة من سجن التفاصيل بعد أسابيع عدة من المشاورات، ليطرح في جلسة مجلس الوزراء اليوم في بعبدا كبندٍ أول على جدول الأعمال لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي الذي سيقرّه بدوره في جلسته الجمعة المقبل".
ونقلت صحيفة «البناء» عن مصادر وزارية تأكيدها بأن «الصيغة الانتخابية التي أحالتها اللجنة الوزارية الى مجلس الوزراء ستطرح على التصويت في جلسة اليوم وستقر بأكثرية وزارية مطلقة، وستحال الى المجلس النيابي، إذ إن معظم مكوّنات الحكومة ممثلة في لجان التفاوض».
واستبعدت المصادر أن «تلجأ بعض الأطراف الى عرقلة إقرار القانون أو حصول سجالات ونقاشات على تفاصيل معينة قد تؤدي الى تطيير وتأجيل الجلسة»، مشيرة الى أن «اعتراضات بعض الوزراء لن تقف حجر عثرة أمام إنجاز القانون في جلسة اليوم».
ولفتت المصادر الوزارية الى أن «خطر الوقوع في الفراغ كان أحد أهم العوامل الضاغطة على جميع القوى السياسية للتوصل الى قانون جديد، لكن العامل الحاسم كان ضغط الرئيس عون على المفاوضين لضرورة إقراره قبل جلسة مجلس الوزراء اليوم».
لكن المصادر توقعت أن «تأخذ تفاصيل القانون جدالاً ونقاشاً واسعاً في المجلس النيابي، لكن سيعرض على التصويت ويقرّ في جلسة الجمعة بالأكثرية»، وأشارت الى أن «التوافق حول القانون هو جزء من التسوية السياسية التي جاءت بالرئيس عون الى بعبدا والحريري الى السراي الحكومي، إذ إن الفشل في التوصل الى قانون جديد سيؤدي الى الفراغ في المؤسسة التشريعية وتعطيل باقي المؤسسات وبالتالي نسف التسوية برمّتها».
وأكدت المصادر أن «قانون النسبية معتمد في دول عدة وإدخاله الى النظام اللبناني نقلة نوعية ولا يناقض النظام الديموقراطي، لا سيما في بلد يضم طوائف ومذاهب عدة ولا يمكن إلغاء الأقليات، كما أن النسبية تخلق معارضة في وجه الكتلة الحاكمة وبالتالي حكم الأكثريات قد انتهى لصالح المشاركة بين السلطة والمعارضة».
"الجمهورية": مجلس الوزراء يزف اليوم قانون الانتخاب إلى مجلس النواب
من جانبها، لفتت صحيفة "الجمهورية" الى أنه بعد انتظار دام ثماني سنوات ومخاض، بل مخاضات عسيرة، ومفاوضات شاقة شهدت كثيراً من المدّ والجزر، ولِد قانون الانتخاب الجديد، وسيزفّه مجلس الوزراء اليوم إلى مجلس النواب ليقرَّه بعد غدٍ الجمعة بمادّة وحيدة وإن كان لدى البعض رغبة في نقاش لن يُغيّر في ما كتِب، لأنّ هذا الذي كتِب قد كتِب وكان نتاجَ توافقِ ربعِ الساعة الأخير بين الجميع، تلافياً للانزلاق إلى فراغ كان سيُدخل البلاد في فراغات كثيرة لا تُحمد عقباها.
واشارت الصحيفة الى انه بعد اجتماع الليل الفاشل الذي امتدّ إلى السحور في «بيت الوسط»، تحسَّس الجميع خطورةَ الوصول إلى الفراغ النيابي، فبادرَ رئيس الحكومة سعد الحريري صباحاً إلى إلغاء مواعيده واستدعى على عجَل اللجنة الخماسية المكلّفة وضع مسوّدة قانون الانتخاب، وأبلغ إليها وجوب إنهاء مهمتها قبل الإفطار.
وبالفعل، وبعد اجتماع عقَدته هذه اللجنة واستمرّ حتى بعد الظهر، تمّت بلوَرة الاتفاق الانتخابي ـ السياسي على قانون الانتخاب، وتسلّمته اللجنة الوزارية التي اجتمعت في الخامسة عصراً وصاغت المسوّدة النهائية للقانون التي ينتظر أن يقرَّها مجلس الوزراء اليوم ويحيلها على الفور الى مجلس النواب ليقرّها في جلسته بعد غدٍ الجمعة.
الى ذلك، أوجزت مصادر المجتمعين في السراي الحكومي بنود الاتفاق بشأن قانون الانتخاب لصحيفة "الجمهورية" بالآتي:
1- لبنان 15 دائرة انتخابية على أساس النظام النسبي.
2- نقل مقعد الأقليات من دائرة بيروت الثانية إلى دائرة بيروت الأولى.
3- عتبة نجاح اللائحة هي الحاصل الانتخابي: عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد.
4- إعتماد الصوت التفضيلي وطنياً لا طائفياً في القضاء.
5- اللائحة غير المكتملة لا مانع أن تكون، شرط أن تحتوي على مقعد واحد عن كلّ قضاء على الأقل، وهي تتحمّل مسؤولية فقدان أو خسارة أيّ مقعد حصلت عليه ولم ترشّح عليه طائفياً ويحسب من حصّة اللوائح الأخرى على أن لا يقلّ عديدها عن 40%.
6- في طريقة الاحتساب: يُعتمد الكسر الأكبر.
7- الفرز يتمّ باعتماد طريقة دمج اللوائح وترتيب المرشحين في الدائرة على اساس نسبة الصوت التفضيلي في القضاء.
8- تمثيل المغتربين في الانتخابات المقبلة لا زيادة ولا نقصان في عدد النواب. وبعد 4 سنوات، أي عام عام 2022 يُزاد 6 مقاعد للمغتربين، وفي الدورة التي تليها عام 2026 تنقص 6 مقاعد من عدد النوّاب وتكون للمغتربين.
9- موعد الانتخابات والتمديد التقني لمجلس النواب الحالي يتّفق عليه رئيسا الجهورية والحكومة.
10- في الإصلاحات: يجب إنجاز البطاقة الانتخابية الممغنطة والورقة الانتخابية المطبوعة سلفاً.
11- لم يتمّ الاتفاق على تنخيب العسكريين ولا على تخفيض سنّ الاقتراع الى 18 سنة ولا على «الكوتا» النيابية النسائية.
وافادت "الجمهورية" بأنه خلال النقاش بقيَت مدة التمديد للمجلس الحالي عالقة على أن تُحسم في خلوة يعقدها رئيسا الجمهورية والحكومة قبَيل جلسة مجلس الوزراء اليوم. فرئيس الجمهورية يُحبّذ إجراء الانتخابات في تشرين الثاني على أبعد تقدير، فيما رئيس الحكومة ووزير الداخلية وتيار المستقبل يحبّذونها في الربيع المقبل، علماً أنه كان هناك اتّفاق مبدئي بين الجميع على أن يكون التمديد التقني لمدة 3 أشهر، ولكن بعد طرح موضوع الانتخاب بواسطة البطاقة الممغنطة، وفي انتظار إنجاز هذه البطاقة يرى البعض أن لا إمكانية لإجراء الانتخابات بموجبها قبل 9 أشهر، أي في آذار 2018 في حال أقِرّ القانون بعد غدٍ الجمعة.
ولوحِظ أنّ الجميع اعترضوا على موضوع «الصوت التفضيلي» باستثناء الحريري وباسيل اللذين اختلفا على مدّة التمديد في اجتماع اللجنة الوزارية، فدار جدال بينهما لم يخلُ من الحدّة عندما سأل باسيل: «لماذا لا تُجرى الانتخابات خلال 3 أشهر إذا كنّا سنتخلّى عن البطاقة الممغنطة لهذه الدورة؟».
وإذ أصَرّ على رأيه ردّ عليه الحريري مؤكّداً «أنّ الجميع يحتاج إلى وقتٍ للتحضير للانتخابات، فضلاً عن الاعتبارات التقنية والسياسية التي تفرض نفسها». ووافقَ وزير الداخلية نهاد المشنوق الحريري رأيَه، وأكّد أنّ وزارة الداخلية لا تستطيع إجراءَ الانتخابات في مدة أقلّ من 7 أشهر». وانتهى النقاش بالعودة الى النص المكتوب في الاتفاق وهو تركُ تحديد مدة التمديد لاتفاق بين رئيسَي الجمهورية والحكومة.