عن اغتيال «ذو الفقار».. و«جبهة المستفيدين»!
نبيل هيثم
لا شك أن اغتيال القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين، خسارة كبيرة للحزب، ولقوى المقاومة، وستترك أثراً لوقت ليس بقصير.
برغم الخسارة، لم يتعاطَ «حزب الله» مع الحدث بطريقة انفعالية، ولم يتسرّع لإلقاء الاتهامات في هذا الاتجاه أو ذاك، بل اعتمد «التروي المدروس»، من موقع الحرص على كشف كل الملابسات.
الواضح أن «حزب الله» قرر ترك التحقيق الذي بدأه يأخذ مداه حول كل الاحتمالات، علماً أن التفجيرات وطريقة الاغتيال والأسلوب التنفيذي كلها تؤشر في كثير من الحالات الى هوية الفاعل.
واضح أن هناك خيوطاً بيد الحزب، ويفترض بالتحقيق أن يميط اللثام في الساعات المقبلة، عن كل ما يحيط بالاغتيال، وكيف تم، ومن هي الجهة المخططة، والمنفذة، وهل نفذته جهة معينة، أو جهاز مخابرات لوحده، أو بالشراكة بين أجهزة مخابرات من دول عدة تعمل مع بعضها البعض؟ هل هو ناتج عن عبوة ناسفة، عن صاروخ من طائرة حربية، او من طائرة استطلاع، او صاروخ موجه أُطلق من داخل الحدود السورية، او من الأجواء السورية او صاروخ أُطلق من خارجها؟
بكل الأحوال، لا بد من لحظ أمرين بالغي الدلالة:
الأول، رمزية المكان، إذ إن الاغتيال تم على الأرض السورية ذاتها التي اغتيل فيها قبله الشهيد عماد مغنية وبعده ابنه الشهيد جهاد مع العميد الإيراني محمد علي الله دادي، وقبل أشهر الشهيد سمير القنطار. ما يلقي علامات استفهام حول حجم الانكشاف في تلك المنطقة التي كانت تعتبر «ساحة أمان»، وكذلك حجم المساحة والقدرة التي تتحرك فيها أجهزة المخابرات المعادية.
الثاني، تزامن اغتيال الشهيد «ذو الفقار» مع الحرب العالمية على «حزب الله»، سواء الحرب المالية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية والتضييق المصرفي والتي تتكشف يوماً بعد يوم تفاصيل شديدة الخطورة حولها، وكذلك الحرب الإلغائية التي تشنها إسرائيل، وأيضاً الحرب المخابراتية الغربية الإسرائيلية الخليجية التي تسعى الى القضاء على الحزب.
وإذا كانت الجهة المنفذة مجهولة حتى جلاء التحقيق، فإن من البديهي في هذه الحالة أن يشار الى المستفيدين من اغتيال «السيد ذو الفقار، الذين ينضوون في جبهة واحدة وضد هدف واحد»:
أولاً، المحكمة الدولية التي سُخِّرت لاتهام «حزب الله» باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإلصاق الاتهام بالقادة الأساسيين في المقاومة، وفي مقدمتهم الشهيد مصطفى بدر الدين.
ثانياً، الذين يناصبون العداء لـ«حزب الله» في الداخل والخارج.
ثالثاً، إسرائيل، التي تضع قادة المقاومة على منصة الاستهداف الدائم، وبالتالي أي اغتيال لأي كادر أو قيادي أو عنصر في المقاومة هو ربح لإسرائيل، فكيف بشخص مثل «السيد ذوالفقار» له موقعه ورمزيته.
رابعاً، التكفيريون، حيث شكل «حزب الله» المانع الرئيسي لتلك المجموعات الإرهابية من الإمساك بسوريا، والمانع أيضاً للتمدد التكفيري في اتجاه لبنان.
خامساً، الأميركيون، الذين يشكلون الوجه الآخر للاستهداف الإسرائيلي الدائم للمقاومة، ويرعون الهجمة الخليجية على الحزب، ويضعون كل قادة المقاومة على لائحة الإرهاب.. والملاحقة.
سادساً، الخليجيون وفي مقدمهم السعوديون الذين يصنفون «حزب الله» إرهابياً.
هل سيؤثر الاغتيال على الحزب؟
منطق الحزب يقول «الرسالة وصلت. نحن ندرك أننا نخوض معركة كبرى من لبنان الى سوريا وحيثما يجب أن نكون سنكون، وهذا يرتب أثماناً، وبعضها قد يكون كبيراً، ولكن مهما كبرت أثمان الاستمرار فيها ستُدفع بلا تردد على طريق الانتصار. لا شك أن هناك جيلاً من الجهاديين يسقط، وهذه حقيقة وخسارة مُرّة، ولكن مدرسة عماد مغنية وإخوانه الشهداء، لا بد أنها ولاّدة لأسماء جديدة تكمل الطريق».
«حزب الله»، سيحدد خطواته التالية وفقاً لنتائج التحقيق، ولكن كما يرتب اغتيال «ذو الفقار» على الحزب مسؤوليات كبرى حول الرد ونوعيته وزمانه ومكانه، يرتب أيضاً على كل اللبنانيين مسؤولية الملاحقة الجدّيّة للشبكات التكفيرية وخلاياها النائمة في مختلف المناطق، وكذلك مسؤولية البحث عن الشبكات الإسرائيلية.
المصدر: صحيفة السفير