المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

تضارب "إسرائيلي" بشأن التعامل مع الشأن الفلسطيني


مرة أخرى تبدو إسرائيل في موضع تضارب مع نفسها وهي تتعامل مع الشأن الفلسطيني، خصوصا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهي من جهة تريد هدنة طويلة الأجل مع «حماس» وتشجع على استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، ولكنها لا ترغب في دفع أية أثمان. وترفض التقدم نحو السلطة الفلسطينية في رام الله في مسألة التسوية السياسية لكنها تتطلع إلى منع انهيارها خشية نشوء واقع جديد يصعب عليها التعامل معه.


وهكذا رغم الأنباء الكثيرة التي راجت في الأشهر الأخيرة عن اتصالات بين إسرائيل و «حماس» بشأن هدنة طويلة الأجل، يبدو أن المصلحة الإسرائيلية عادت وفجرت هذه الفقاعة. والغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بعد اتهام «حماس» بإطلاق عيارات نارية على مستوطنة «نتيف هعسرا» تشهد على رغبة في تكريس معادلة جديدة.

وأعلن قادة عسكريون أنه مقابل كل طلقة تطلق من غزة سيطلق سلاح الجو الإسرائيلي صاروخا على منشأة لـ «حماس».

ومن الواضح أن هذا الإعلان يتنافى مع الحذر الذي كانت تبديه إسرائيل في تعاملها مع «حماس» والقائم على تجنب الوقوع في منزلق التدهور نحو تصعيد شامل. وبحسب الكثير من التحليلات، فإن إسرائيل تشعر أنها من الوجهة الواقعية تعيش في معضلة أساسها أنه رغم رفضها لشرعية «حماس» في غزة، إلا انها تطلب من هذه الحركة أن تفرض سيطرتها على التنظيمات الأخرى.

ويفترض معلقون أن تدهور الوضع الاقتصادي وانسداد طريق الهدنة مع إسرائيل يضعف قدرة حماس على ضبط الوضع ميدانيا ويعزز احتمالات تدهور الحال نحو مواجهة شاملة.

ويقول هؤلاء إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة وإعلان «تسعيرة الرد» يقرب إسرائيل من عملية واسعة أخرى ضد القطاع.
غير أن المشكلة، في نظر إسرائيل، أنها لا تريد مثل هذا التدهور في هذا الوقت، خصوصا أن الصدام العسكري لا يضمن لإسرائيل تحقيق نتائج جوهرية. ولهذا السبب ثمة أوساط في الجيش الإسرائيلي صارت تطالب بإنشاء آلية للتنسيق الأمني مع حماس عبر طرف ثالث بهدف منع الانزلاق إلى حرب لا يريدها الطرفان. ولا يهم إسرائيل في هذا السياق إن كان الطرف الثالث هو السلطة الفلسطينية في رام الله أو مصر أو أية جهة أخرى.

وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى ما اعتبره البعض «مبادرة بلير»، التي يقف خلفها رئيس الحكومة البريطانية الأسبق طوني بلير. وبعد الضجة الكبيرة حول هذه المبادرة تبين أنها وساطة من دون تكليف وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وفق المراسل العسكري لـ «يديعوت أحرنوت» أليكس فيشمان، قال إن «التعاطي معها سيتسبب بأضرار كبيرة لإسرائيل ويدفع أبو مازن الى الاستقالة حيث يعتقد الاخير أن المبادرة هي خيانة للموضوع الفلسطيني. وأوضح نتنياهو أن كل مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس ستعطي الاوروبيين الشرعية للاعتراف بالمنظمة».

والوضع في الضفة لا يختلف جوهريا، من وجهة نظر إسرائيل، عن الوضع في القطاع إلا من زاوية أنه شكل آخر للمعضلة. ومؤخرا تزايدت المخاوف في إسرائيل من احتمالات الفوضى في الضفة إذا ما أصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الاستقالة. وبحسب «يديعوت» أيضا فإن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أجرت مؤخرا نقاشات حول «اليوم التالي»، وخصوصا حول من سيخلفه. وهناك توقعات بأن تخلف أبو مازن قيادة من ثلاثة أطراف هم صائب عريقات وماجد فراج وسلام فياض. وتخشى إسرائيل أنه في مثل هذا الوضع لا يستطيع هؤلاء السيطرة على الأرض.

ويعتقد البعض في إسرائيل أنه إذا استقال أبو مازن فعليا من رئاسة السلطة والمنظمة، فإن هذا سيشكل ضربة لمدى ثقة الإسرائيليين بتقديراتهم للظروف في الساحة الفلسطينية. وربما لهذا السبب حذر المعلق الأمني في القناة العاشرة، ألون بن دافيد، من أن تهديدات أبو مازن بالاستقالة لم تعد عابرة. وقال إن الرجل الذي بلغ الثمانين من عمره يريد أن يسجل لنفسه خطوة في التاريخ ولا أحد يجزم بماهية هذه الخطوة. وكتب رون بن يشاي في موقع «يديعوت» الإلكتروني أنه خلافا لتهديدات الماضي يبدو أبو مازن هذه المرة أكثر جدية. وأن الاستخبارات الإسرائيلية التي ترى كيف أن الأرض تشتعل في الضفة الغربية لم تعد واثقة من نوعية الخطوات التي قد يلجأ إليها الفلسطينيون ومن بينها احتمالات انفجار انتفاضة ثالثة.

وفي هذا السياق يأتي حديث وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الهاتفي مع الرئيس عباس. وقالت مصادر فلسطينية إن جانبا من المكالمة كرس للحديث عن خطورة الفراغ السياسي الذي قد يحدث إذا أقدم أبو مازن على الاستقالة من منصبه.

المصدر: صحيفة "السفير"
05-أيلول-2015
استبيان