ما زال الأسرى في سجون الاحتلال يبدعون في تحديهم لسياط السجن وعتمة الزنازين، وما زالوا يحولون الألم إلى أمل لا يذوب مع طول الأحكام أو اشتداد الليل وحلكته عليهم، وما زالت أصواتهم تصدح بالحق الذي هم عليه رغم قسوة الأسر وما فيه.
ومن بين هذه الحكايات الجميلة في التحدي تبرز قصة الأسير فهمي مشاهرة (36 سنة) من جبل المكبر في القدس المحتلة، ذاك الأسير الذي حول سجنه إلى ساحة للإنجازات المتتالية.
تقول أم عبيدة زوجة الأسير إن قوات الاحتلال اعتقلت زوجها في الرابع من أيلول عام 2002 أثناء وجوده في عمله بالقرب من مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي شرق القدس.
وتشير إلى أنه وبعد جولات من التحقيق القاسي مع زوجها تم إصدار الحكم الصادم عليه بالسجن 20 مؤبداً بتهمة المشاركة في تنفيذ أعمال مقاومة ضد الاحتلال. ولكنها تؤكد أن هذه الأحكام لا تؤثر على العائلة وصمودها وثباتها.
وتوضح الزوجة أن زوجها يوجد الآن في سجن "ريمون" الصحراوي وأنه بصحة جيدة كونه يمارس الرياضة وهو مدرب و"كابتن" فريق رياضي داخل السجن.
وتحكي أم عبيدة رحلة العذاب بعد الاعتقال حيث قام الاحتلال بهدم منزلهم في جبل المكبر بعد اعتقال زوجها بعام كامل كما نغصوا على العائلة عبر سلسلة إجراءات أبرزها اعتقال الزوجة على حاجز عسكري ومن ثم الإفراج عنها.
وللأسير فهمي ثلاثة أبناء؛ فابنته الكبرى زينة كانت تبلغ من العمر عاماً ونصف حين اعتقل والدها؛ أما الطفل عبيدة فكانت والدته حاملاً به في الشهر الثامن، والطفلة عزيزة التي تبلغ الآن عاماً ونصف ولدت عن طريق تهريب النطف من داخل الأسر.
وتضيف الزوجة: "قررنا إجراء عملية زرع النطف بعد تهريبها من السجن كي تكون لنا الأمل وكي نتحدى قرار السجان بسجن زوجي 20 مؤبداً، وهو قرار مصيري في البداية ولكن الحمد لله أصبح الأمر سهلا والآن عزيزة بيننا كي تكون شعلة تضيء لنا طريق الأمل".
ولم يتوان الأسير مشاهرة عن تحقيق الإنجازات وهو داخل الأسر سواء على صعيد الدراسة أو الهوايات، وهو الأمر الذي تعتبره العائلة "رفعاً لرأسها".
وتقول ابنته زينة " والدي حقق الكثير من الإنجازات منها أنه فاز في المرتبة الاولى بين الأسرى في هواية الرسم والفن التشكيلي؛ كما أنه فاز ببطولة الشطرنج بين الأسرى وكتب اسمه في الصحف المحلية، إضافة إلى حصولة على شهادة التجويد بقراءة حفص ويسعى إلى حفظ القرآن الكريم".
وتشير الطفلة إلى أنها تزور والدها باستمرار وأنها تتبادل معه أخبار دراستها وماذا تفعل في أيامها وما برنامجها لشهر رمضان المبارك، معربة عن أملها في الإفراج عنه.
وتوضح الزوجة أم عبيدة أن زوجها حصل على شهادتي الثانوية العامة والبكالوريوس داخل السجن وحصل على ما سمي بالخدمة الاجتماعية، وهو الأمر الذي يكسر به عتمة الأسر.
وتعرب الزوجة عن أملها في الإفراج عن زوجها خلال صفقات التبادل القادمة كوفاء الأحرار الأولى والتي تنتظر العائلة مكملاً لها على أحر من الجمر.