كما أطفال العالم خطط الطفل عامر بعجاوي لفترة العطلة الصيفية بعد أيام شاقة من الامتحانات سبقتها أشهر طويلة من الدراسة، فبعد أن اصطدم حلمه بمنع جل الفلسطينيين وأطفالهم من السفر إلى دول العالم في العطلة الصيفية اقتصر نشاطه على مشاركة في مخيم صيفي أو دورة رياضية ورحلة وبرنامج ترفيهي؛ فحلمه تلاشى لأن حال الضفة الغربية بات يحدده مزاج المستوطنين. ولأن الأطفال أهم فرائسهم تقزم حلمه إلى بقائه في منزله يشاهد التلفاز ويلهو مع أبناء الحي. غير أن خفافيش الليل كانت له بالمرصاد فحطمت أبسط أحلامه وجعلت الزنزانة واقعاً مريراً له وخطفت البراءة التي رضيت بأن تفرح بحزن.
همجية وتمرد
ويقدم الاحتلال الصهيوني على اعتقال الطفل من قرية يعبد غرب جنين شمال الضفة الغربية وعمره لم يتجاوز 14 سنة؛ هو طالب مدرسي أنهى مرحلة ويستعد لمرحلة أخرى. غير أن الاحتلال والظلم وضع بصمة كسر الطفولة وتجاهل القوانين الدولية فاعتقل من أمام منزله.
ويقول والد الطفل عامر لـمكتب إعلام الأسرى: " تم اعتقال نجلي عامر في الثالث والعشرين من أيار الماضي من محيط منزل صديقه غير البعيد عن الحاجز العسكري المقام على مدخل بلدة يعبد، ونحن نعتبرها عملية اختطاف لأننا لم نعلم بالأمر إلا عند الساعة الواحدة ليلا حين اتصل بنا أحد الضباط وأبلغنا أن عامر في معسكر حوارة وصديقه كذلك، وتم نقلهما بعد ثلاثة أيام إلى سجن مجدو".
ويشير أبو علي إلى أن طفله كان يقدم وقتها الامتحانات النهائية ويعد الأيام كي ينتهي منها ويبدأ العطلة الصيفية كأي طفل آخر؛ ولكن القيود كانت أقرب إليه واستبدلت كرة اللعب بسلاسل وضعت في يديه غصت لها قلوب عائلته حين رأته في المحكمة الأولى التي عقدت له.
ويوضح الوالد أن الاحتلال يريد تقديم تهمتين لنجله الطفل هما اقتحام الحاجز وتعريض حياة الجنود للخطر بكل ما تحمله الجمل من سخرية.
ويضيف:" ابني طفل صغير يحلم باللعب واللهو ونفتقده في كل موضع وكل مكان؛ حين نجلس على مائدة الطعام وحين ندخل المنزل وحين نجلس خارج البيت؛ في كل مكان نفتقد وجوده معنا".
أين الحقوق؟
ويعد انتهاك حقوق الأطفال من أبرز ما يعانيه الشعب الفلسطيني؛ فأكثر من 300 طفل في سجون الاحتلال في الوقت الذي يتعرض فيه العشرات شهرياً للضرب المبرح والاحتجاز والترهيب على يد المستوطنين والجنود في الضفة والقدس، كما أن الانتفاضتين والحروب الثلاث خلفت آلاف الشهداء ممن باتت مقاعدهم في الروضة والمدرسة فارغة إلا من صورة شهيد.
وتبرق عائلة الأسير الطفل عامر عتاباً كبيراً ضاق به صدرها على المؤسسات التي تسمي نفسها حقوقية؛ فهي لم تتواصل مع العائلة ولم ترسل حتى كتاب استنكار لاعتقال نجله. كما أن المستويات الرسمية والحكومية لم تتفاعل مع الأمر وكأنه عابر ولا يضر أحداً رغم أن عائلة الطفل توصل ليلها بنهارها وهي تفكر بمصير ابنها.
ويقول أبوه :" شهر رمضان أصبح على الأبواب ونتمنى أن يكون عامر بيننا فنحن لم نعتد أن يغيب عنا في مثل هذه الأيام، ونشعر بغصة كبيرة حين نفكر في أنه الآن موجود في سجن مجدو الذي زارني فيه قبل ستة أشهر حين كنت أسيراً. نحن عتبنا كبير على كل المستويات التي لم تراع وجود ابننا في السجن وتتعامل معه وكأنه شاب في العشرينيات من عمره. نحن لا نريد أموالا ولا مساعدات. نريد وقفة جادة تخرج طفلنا من بين أنياب الاعتقال. لا نريد كلمات وخطابات رنانة وشعارات بل فعلاً على الأرض".