شدد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله على أنه يجب اعتبار المواجهة الفكرية والسياسية والميدانية ضد الإرهاب دفاعاً عن الإسلام، مشدداً على أن المعركة مع الإرهاب التكفيري هو دفاع عن الإسلام ككل وليس عن الشيعة، داعياً شعوب وحكومات المنطقة إلى العمل معاً من أجل مواجهة الإرهاب.
وأشار السيد نصر الله إلى أن كل ما فعله "داعش" حتى اليوم من جرائم مخزٍية ومرعبة يخدم مصلحة "إسرائيل" مئة في المئة، مشيراً إلى أن هدف التنظيم ليس فلسطين وإنما مكة والمدينة، قائلاً: "فتشوا عن الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأميركية والبريطانية في أهداف داعش".
وفي الموضوع البحريني، شدد السيد نصر الله على أنه لا يحق لمن يتدخل في سوريا عسكرياً وسياسياً أن ينتقد موقفنا السلمي بشأن الحراك في البحرين، مجدداً إنتقاد "حكومة البحرين العمياء والصماء فيما خصّ الدعوات إلى الحوار مع المعارضة"، واصفاً إياها بأنها "خائفة من كل كلام حق".
وفي الموضوع الداخلي، دعا الأمين العام لحزب الله إلى معاودة الجهد الداخلي الوطني لحل مسألة الرئاسة وعدم إنتظار المتغيرات في المنطقة، مجدداً دعم الحكومة لأنه لا خيار غير ذلك إلا الفراغ. وشجّع أي حوار بين أي مكونات سياسية لبنانية لأن ذلك أفضل السبل المتاحة أمامنا"، مؤكداً "مواصلة الحوار مع تيار المستقبل وقد أدى إلى نتائج إيجابية ضمن التوقعات".
وأعرب السيد نصرالله عن تأييده الدعوة إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وطالب الدولة والشعب بحزم أمرهما بشأن مواجهة "داعش" الموجود الممتد من ليبيا إلى جرود عرسال.
وأثنى السيد نصرالله على الخطة الأمنية في البقاع والشمال ودعا إلى تفعيلها ومواصلتها، مشيراً إلى أنه يجب أن تواكبها خطة إنمائية وحلّ لمشكلة عشرات المطلوبين.
وفي كلمة له عبر شاشة في إحتفال نظمه حزب الله إحياءً لذكرى الشهداء القادة (الشيخ راغب حرب، السيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية) في مجمع سيد الشهداء "ع" في الضاحية الجنوبية لبيروت، أدان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسين نصر الله الجريمة البشعة والوحشية التي ارتكبها تنظيم "داعش" التكفيري في ليبيا بحق العمال المصريين المظلومين التي لا يمكن أن يطيقها عقل او قلب او ضمير او دين او اخلاق او انسانية وتقدم من عائلاتهم والشعب المصري والحكومة المصرية والكنيسة القبطية بالعزاء لهذه المصيبة.
ورأى السيد نصرالله أن القادة الشهداء كانوا من أبرز عناوين المقاومة وقادتها ونحن نحتاج أن نرجع إليهم كقدوة واسوة لنا ونحتاج ان نتعلم منهم الزهد عندما تقدم الدنيا علينا بجاهها ومالها وترفها ونتعلم منهم الذل عندما نصبح اغنياء ونتعلم منهم الشجاعة عندما نواجه الاعاصير ونتعلم الحكمة عندما نواجه الفتن.
وقال السيد نصر الله إنه ومنذ 33 عاماً والى اليوم تقدم جيل من الشباب من علماء ومجاهدين ورجال ونساء وحملوا المسؤولية ومنهم من استشهد ومنهم من كان له باع طويل في ميادين الجهاد وتحمل الجراح وتوفاهم الله ومنهم الحاج مصطفى شحادة ومنهم من جرح ومازال يكابد جراحه ومنهم ما زال يواصل الطريق ويحمل دمه على كفه.
واعتبر سماحته أن دماء الشهيد جهاد مغنية واخوانه أحيت بقوة ذكرى شهادة الحاج عماد مغنية واعادت هذا القائد الفز والتاريخي الى صدارة الاحداث من جديد واكدت ان فكره ما زال الاعلى.
وجدد السيد نصر الله شكر اهلنا في الضاحية وبيروت وكل المناطق الذين التزموا بالرجاء بعدم اطلاق الرصاص ويجب ان نتعاون لكي ننتهي من هذه الظاهرة.
وتقدم السيد نصرالله من عائلة الرئيس الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومحبيه وتياره وانصاره بمشاعر المواساة بسبب هذه الحادثة الاليمة التي هوت لبنان وكذلك عوائل جميع الشهداء الرجال والنساء الذين قضوا في تلك الحادثة المؤلمة والخطيرة جداً، وأعلن عن تأييده لوضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب.
وفي موضوع الخطة الأمنية في البقاع، دعا السيد نصرالله إلى تواصلها وتفعيلها، فمنطقة البقاع عانت من اللصوص والمجرمين ومن الذين يخطفون الناس ونأمل أن تكون هذه المرحلة قد انتهت. ونحن نجدد تأييدنا لهذه الخطة الأمنية ويجب جميعا ان ندعم ونساند ونقف وراء الجيش والقوى الأمينة، وأضاف أنه إلى جانب الخطة الأمنية في البقاع نحن نحتاج إلى أمرين: الخطة الانمائية للبقاع إلى جانب الخطة الأمنية خصوصا بعلبك الهرمل وعكار ايضا، الأمر الثاني حل مشكلة عشرات الآلاف من المطلوبين باستنابات قضائية تافهة ولأسباب بسيطة جدا.
ولفت السيد نصرالله إلى أنه اليوم على السلسلة الشرقية في الجهة المقابلة هناك "داعش" و"النصرة"، وعندما يذوب الثلج هناك استحقاق وعلى الدولة ان تحزم أمرها كيف ستتعامل مع هذا الخطر الموجود على التلال والجبال، هذا الأمر يحتاج إلى قرار ويجب ان نجدد التحية لضباط الجيش اللبناني والقوى الأمينة ورجال المقاومة.
وفي شأن العلاقة مع التيار الوطني الحر، دعا السيد نصرالله إلى تعميق العلاقة بين الحزب الله و"التيار" وعقد تفاهمات مشابهة على مستوى الوطن، مشيراً إلى أن أهمية هذا التفاهم مع التيار تتكشف تباعا.
أما بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، حث سماحته على معاودة الجهد الداخلي، وتوجه لكل الحريصين على منع الفراغ بالقول: "لا تنتظروا المتغيرات في المنطقة والخارج، لأن المنطقة متجهة إلى مزيد من المواجهات والازمات. لنعاود الجهد الداخلي لانهاء هذه المسألة".
وفي الموضوع الحكومي شدد السيد نصر الله على أن حزب الله مع دعم الحكومة ومواصلة عملها لأن البديل عنها هو الفراغ ولا أعتقد ان أحدا يناسبه هذا البديل، ورأى أن موضوع آلية انتخاذ القرار سنتعاطى بإيجابية معه وندعو جميع الفرقاء للتعامل معها بإيجابية أيضاً.
وأكد السيد نصرالله أن الحزب سيواصل الحوار مع تيار المستقبل الذي أنتج بعض الأمور الإيجابية التي كانت ضمن توقعاتنا ونأمل ان نتوصل إلى نهاية إيجابية. كما نجدد تشجيعنا وتأييدنا لأي حوار بين المكونات اللبنانية كافة.
واشار السيد نصرالله إلى أنه "ومنذ عقود من الزمن إلى اليوم هناك منطقين في لبنان منطق يقول أننا نريد لبنان بمعزل عن أحداث المنطقة والنأي بالنفس عن كل ما يجري في المنطقة، هذا كلام جميل ، لكن هذا غير واقعي لا يمكن ان نقول ان لبنان لا يتأثر بما يحصل في المنطقة ، لا يمكن لان نقول اننا لا نريد ان نتأثر بانعكاسات أحداث المنطقة. بالعكس اليوم لبنان متأثر بما يجري في المنطقة أكثر من أي وقت مضى. مصير سوريا ولبنان والعراق والاردن وغيرها من البلدان يصنع في المنطقة. من يغيب عن مصير المنطقة يقول للآخرين اصنعوا مصيرنا نحن لا نستطيع ان نفعل شيئا. مصير العالم اليوم يصنع في المنطقة، هناك مصير شعبنا وبلدنا وكراماتنا ومستقبل أجيالنا".
وحول مواقف حزب الله الأخيرة من الحكومة البحرينية، قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله إن "من ينتقد موقفنا ويعتبر انه يسيء إلى علاقات لبنان مع دولة شقيقة، عليه اعدم التدخل في سياسة بلد آخر ولا سيكا سوريا. موقفنا من البحرين يجب ان يشكره كل حريص على بلد عربي ولا يحق لمن يتدخل في سوريا عسكريا وسياسيا أن ينتقد موقفنا السلمي بشأن الحراك في البحرين".
وعن وضع المنطقة، أضاف السيد نصرالله أنه "في السابق قلنا ان تهديد التيار التكفيري ليس تهديد لبعض الأنظمة بل لكل البلاد وكل الشعوب بل هذا تهديد للاسلام كدين ورسالة. كل الوقائع التي حصلت تؤكد هذا الفهم. اليوم كل العالم سلّم أن هذا التيار التكفيري "داعش" يشكل تهديدا للعالم والمنطقة، فقط اسرائيل لا تعتبره خطرا وتهديدا".
وأضاف السيد نصرالله: "سمعت اليوم ان أبو بكر البغدادي عين أميرا لمكة إذا فهدف داعث هي مكة وليس بيت المقدس. فتشوا عن الموساد الاسرائيلي والمخابرات الأميركية والبريطانية في أهداف داعش"، وتابع: "أمام هذا الواقع الذي ليس فيه تضخيم، ندعو شعوب وحكومات المنطقة إلى العمل سوية لمواجهة هذا الخطر الارهابي وجميعنا قادرون على الحاق الضرر به ومن يقف ورائه. أي سلوك يبادر إليه انسان مسلم يدعي الاسلام إذا كان يتناقظ مع الفكرة الانسانية لا يمكن ان يكون أبدا مسلما".
وشدد السيد نصرالله على أنه "يجب اعتبار المواجهة الفكرية والسياسية والميدانية ضد الارهاب دفاعا عن الاسلام. وأنا أقول لكم أننا نعتبر أنفسنا ندافع عن الاسلام بكامله. كل المسلمين مدعوون إلى ان يدافعوا عن دينهم. أبشع تشويع في تاريخ البشرية هو ما تفعله داعش".
وتابع السيد نصرالله أنه يجب ان يقول العالم الذي يشعر بهذا التهديد للدول الاقليمية التي ما زالت تدعم "داعش" ان اللعبة انتهت. ويجب ان لا نخدع أنفسنا في التفريق بين "داعش" و"النصرة" فهما جوهر واحد وفكر واحد وثقافة واحدة والمحصلة هي محصلة واحدة. فالاردن مثلا لا يستطيع ان يواجه "داعش" في العراق ويدعم "النصرة" في سوريا.
وتابع أن الدول الخليجية مقاربة ملفات المنطقة بطريقة أخرى لأن التهديد يطال الجميع، ويجب على حكومات المنطقة أن تعمل على تجميد الصراعات القائمة في المنطقة. الثورة في اليمن هي التي تقف في وجه "القاعدة" التي تخطط للسيطرة على سوريا وصولا إلى السعودية.
وحول الأوضاع في سوريا، اعتبر السيد نصرالله أنه يجب فتح باب الحل السياسي في سوريا والنظام جاهز لأن يدخل في تسوية مع المعارضة المعتدلة وليس الارهابية.
ورأى سماحته ان "على شعوب المنطقة ألا تنتظر استراتيجيات دولية، ويجب ان نبادر كما بادرنا بالفعل في سوريا والعراق، يجب ان نبادر لمواجهة هذا التيار وعدم السماح له بالتمديد. أميركا تستنزفنا وتؤسس من خلال داعش لأحقاد وعداوات لن تنتهي قريبا وتدمر المنطقة لمصلحة هيمنتها وقوة اسرائيل". وتابع السيد نصرالله أن "من يراهن على الأميركيين يراهن على سراب وعلى من يتآمر عليه. يجب أن لا ننتظر أي استراتيجية دولية يجب ان نبادر كما فعلت المقاومة اللبنانية والاسلامية ولم تنتظر اي استراتيجية وانتصرت".
وتوجه السيد نصرالله لمن يدعو حزب الله للانسحاب من سوريا بالقول: "أدعوكم لنذهب سوية إلى سوريا وتعالوا لتذهب إلى العراق وتعالوا إلى ان نذهب إلى أي مكان نواجه فيه هذا التهديد الذي يتهدد أمتنا".
ودعا السيد نصرالله إلى التنسسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري لمواجهة الارهابيين في الجرود، وإلى التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية في ملف النازحين السوريين وفي الملف الأمني.