سبع سنوات على رحيل قائد المقاومة الشهيد عماد مغنيّة
في الثاني عشر من شباط، قبل سبع سنوات، تعرف اللبنانيون على قائد مقاوم، شغلت شخصيته التي غُلّفت بجدار من السرية، اجهزة المخابرات العالمية، من دون ان تكشف اللثام، عن جزء ولو يسير، عن هذه الشخصية التي اقلقت الاحتلال الاسرائيلي وعواصم «سنده» وارعبها.. وحده رفيق دربه وصديق عمره وشريكه في المعارك التي خاضتها المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، قدم للعالم الصورة الحقيقية له، ولدوره الفاعل في بناء مقاومة لا تُهزَم... بل تَهزِم.
ليس الامر عاديا، عند فتى يعايش كل الحروب الداخلية التي دارت في لبنان، تقول مصادر في 8 آذار، من الضواحي الشمالية للعاصمة بيروت..الى ضواحيها الجنوبية، وينتهي به الامر، لتكون وجهته الجنوب، وليس الامر عاديا، ان يكون ابن بلدة صغيرة، بالكاد يتم تداول اسمها، لتكبر تلك القرية، وتحولها دماؤه، الى قرية يدور اسمها على كل الالسن، وفي اعلى المحافل الاستخباراتية المحلية والعربية والاقليمية والدولية، وان يشكل اسم احد ابنائها قلقا دائما لكبار قادة الاحتلال الاسرائيلي ومعهم جنرالات اركان الحروب.
عارفوه، وهم قلة، تلمسوا في بدايات انطلاقته في المسيرة التي اراد، عماد الانسان، المقاوم، الدمث الاخلاق ، المثقف، المتنور، احد ابرز مؤسسي الخلايا الاولى لمقاومة الاحتلال في لبنان، القادم الينا من عائلة فيها من الطيبة والعطاء ما يكفي لصناعة حياة من دون احتلال، عائلة بات تقليدها.. تقديم الشهداء المقاومين... عماد مغنية الاسم الذي تحول الى اسم حركي للمقاومة، يتداولون به من دون ان يعرفوه.
من خارج الضوء، حسم عماد مغنية خياره..واختار طريقه، على حدّ قول المصادر، فأعد العدة التي تناسب زمن الاحتلال، واسس لتشكيل المجموعات القتالية، وشرّع لزمن القنابل البشرية لمواجهة الاحتلال في الاماكن التي يصعب الوصول اليه، فصنع عصر الاستشهاديين على ركام مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في البص ـ صور، وتمرس في ابتداع الاساليب التي تضمن ايلام الاحتلال، ورسم الخط البياني لمسيرة المقاومة في «حزب الله» وساهم مع رفيقه «سماحة السيد» في صنع المعادلات والتوازنات الصعبة التي جعلت العدو يتجرع الكأس المر.. وبقي خارج الضوء..بل هو الضوء نفسه.. في حياة المقاومة وشهدائها واحيائها.
عماد مغنية، صاحب الدينامية التي ميّزته عن ابناء جيله، الشاب المندفع نحو مقاومة الاحتلال والانخراط الفعلي في المقاومة من اجل فلسطين، لم تُشوّه سيرته، حملات التضليل التي شهدها العالم، والتي ساقتها اروقة المخابرات الدولية وكتبة التقارير في مطابخ الصحافة المشبوهة الارتباطات، لتحيك الروايات التي تطمس شخصيته المقاومة وتقدمه للرأي العام على انه «ارهابي».
واشارت المصادر الى انه مع كل انتصار نوعي تحققه المقاومة، منذ سبع سنوات، بقي الوهج الخفي لعماد حاضرا، وبان الخيط السري القائم بين هذه الانتصارات وبينه، انه «فاتح عصر الاستشهاديين» الذي كان يفضل ان يُضرب الاحتلال في عمقه الموجع، عماد مغنية.. الذي قال عن دمائه، السيد حسن نصرالله، بانها «ستكون فاتحة الحرب المفتوحة».. لعله شعر ان الحرب المفتوحة قامت، بعد ان تحول الى نبض لا يتوقف لسلاح ما زال يُقلق العدو، وكيانه المتصدع بيد مقاومين من المدرسة التي ارساها.
ادرك قادة الاحتلال وجنرالات حربه، السابقون والحاليون، بان ما قاله امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في تشييع رفيق دربه الشهيد عماد مغنية، «لقد ترك لنا عماد مغنية الالاف من المقاومين»، انهم لن يخرجوا بعد.. من دائرة النار القادمة اليهم من الشمال، وها هم يتحسسون الوجع الذي لاحقهم في مزارع شبع، وعند تخوم الجولان، وها هم يشعرون جيدا كيف تهتز الارض تحت اقدامهم مع كل زخة رصاص او صلية صواريخ يطاردهم المقاومون بها،.. انها الحقيقة التي تعبر عن حجم الارث النضالي الذي تركه عماد.. لدى المقاومة، باجيالها المتعاقبة التي قدمت مؤخرا، نموذجا من صلبه، هو «جهاد الابن ـ الشهيد» الذي التحق بـ «جهاد الشقيق ـ الشهيد»، برفقة ثلة من رفاق الاب الذين عايشوه، وشاركوه في صناعة يوميات المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي.
واكدت المصادر انه قبل ان تصنع المقاومة اللبنانية، بتضحياتها المتراكمة منذ وطأ اول جندي للعدو ارضا لبنانية، لمعادلة تلو المعادلة في صراعها مع الاحتلال، قيل عن عماد مغنية انه «صانع الانتصارين»، الانتصار المتمثل في تحرير معظم المناطق الجنوبية اليوم، والانتصار الذي سُطر خلال عدوان تموز عام 2006، يستحق القول اليوم، ان عماد مغنية .. جدير بان يكون صانع كل انتصارات المقاومة، التي تحققت، والتي ترتسم معالمها، وهي حتما ستأتي.
طيردبا، بلدة الشهيد عماد مغنية، التي احيت ذكراه امس، ارادت ان تقدم بعض الوفاء لمقاوم استنثائي خرج منها في عصر استثنائي، فارتفعت صوره الى جانب صور ابنه جهاد وشقيقيه الشهيدين فؤاد الذي استهدفه العدو في عملية تفجير نفذها العميل الاسرائيلي احمد الحلاق، وجهاد الفتى اليافع الذي استشهد في تفجير في قلب الضاحية الجنوبية، ومعهم صور شهداء آخرين سقطوا في المسيرة نفسها.