عنوان وحيد انشغلت به الصحف اللبنانية وهو الحديث عن انجاز المقاومة الاسلامية النوعي في عملية مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بضرب قافلة عسكرية اسرائيلية وتثبيت معادلة الردع. وقد اشارت معظم هذه الصحف إلى نوعية العملية وانطوائها على تفوق استخباري لوجستي وعسكري مقابل اخفاق للجيش الاسرائيلي خصوصاً ان العملية المباغتة في الكان والزمان جاءت في ظل حالة التأهب القصوى المعلنة منذ أيام على طول الحدود الشمالية من الناقورة الى الجولان، وخلصت معظم الصحف الى اعتبار أن المقاومة قالت بصوت عال "أن الامر لي" وأن معادلة الردع ثابتة. كما اشارت الصحف الى الاتصالات الدولية والاقليمية التي اعقبت العملية مشيرة إلى انطباع بان بأن العدو قرر أن «يبتلع» الضربة، وألا يذهب بعيداً في ردة فعله وأن الامور لن تصل إلى حرب شاملة.
السفير: لماذا شبعا؟
ونبدأ جولتنا مع صحيفة "السفير" التي قالت: "بعد عشرة أيام على هجوم القنيطرة، حسم حزب الله سريعاً النقاش حول أين وكيف ومتى سيحصل الردّ، وفرض معادلته الدقيقة: «أكبر من ثأر.. وأقلّ من حرب»، في عملية نوعية مركبة انطوت على تفوق استخباري ولوجستي وعسكري في حيز جغرافي شديد الحساسية والتعقيد.
ولعل أهم ما حققته العملية ـ الإنجاز، أنها أجهضت محاولة اسرائيل تعديل قواعد الاشتباك من خلال هجوم القنيطرة، وأعادت تثبيت معادلة الردع على قاعدة «أن أي اعتداء يتعرّض له محور المقاومة.. سيلقى الرد المناسب».
منذ اللحظة الاولى لعملية القنيطرة، كان الاسرائيلي يفضل ان يحصل الرد عبر الجولان، لأن من شأن ذلك أن يمنحه هامشاً واسعاً للرد في الداخل السوري، لكن المقاومة باغتت التقدير الإسرائيلي، فاختارت أن توجّه ضربتها في المكان الذي لم يكن مدرجاً، ربما، في أولوية الحسابات الاسرائيلية.
كان واضحاً أن انتقاء «المزارع»، هو الى حد ما «الخيار الآمن»، الذي يوفق بين حتمية الردّ وبين الرغبة في عدم التصعيد (الحرب)، إذ إن «المزارع» هي منطقة لبنانية محتلة تقع خارج نطاق القرار 1701، وتملك المقاومة فيها شرعية العمل العسكري قبل عملية الأمس وبعدها.
وإذا كانت إسرائيل قد اختارت وفق مقاييسها المكان والزمان للاعتداء على موكب حزب الله في القنيطرة، متوقعة أن يأتيها الردّ من البقعة الجغرافية ذاتها، فإن حزب الله ارتأى أن يوجّه ضربته المضادة في مزارع شبعا، مكرساً بذلك وحدة جبهة الصراع من الجنوب الى الجولان، واضعاً في حساباته أن الردّ عبر الجولان وما سيليه من تداعيات، قد يؤدي إلى إحراج حليفه السوري المنشغل بمواجهة القوى التكفيرية، وربّما الى تدحرج المنطقة كلها نحو مواجهة واسعة، وهو الأمر الذي لا يريده الحزب، وإن كان مستعداً له لو حصل، بدليل القرار بالردّ، ومن ثم وضعه موضع التنفيذ.
وهذه النقطة وغيرها، سيركّز عليها السيد حسن نصر الله في خطابه المقرّر غداً، وربما يتزامن إحياء ذكرى شهداء عملية القنيطرة مع بثّ مقاطع مصورة لعملية شبعا، كما رجّحت بعض الأوساط الاعلامية أمس.
ولئن كانت "إسرائيل" لم تتجرأ حتى الآن على التبني الرسمي والواضح لغارة القنيطرة، فإن حزب الله سارع الى تبني عملية «المزارع» عبر بيان حمل الرقم واحد في رسالة ضمنية بأن أي ردّ اسرائيلي سيرتب رداً سريعاً من المقاومة.
وتعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الردّ على أنه تعبير عن إخفاق استخباري وعملياتي من الدرجة الأولى، خصوصاً أنه تمّ في ظل حالة التأهب القصوى المعلنة منذ أيام على طول الحدود الشمالية من الناقورة الى الجولان، لكن هذا الإخفاق أظهر من ناحية أخرى المعضلة السياسية التي وجدت إسرائيل نفسها فيها إثر دخولها شرك التصعيد مع حزب الله بعد عملية القنيطرة: هل تصعّد ميدانياً أم تتجنّب الصدام الواسع؟
ومن الواضح، أن السلوك الاسرائيلي أعطى انطباعاً بأن العدو قرر أن «يبتلع» الضربة، وألا يذهب بعيداً في ردة فعله، برغم التصريحات مرتفعة النبرة التي أدلى بها بنيامين نتنياهو، غير القادر على خوض مغامرة واسعة على تخوم الانتخابات، ومن دون وجود ضوء أخضر أميركي.
وفي سياق احتواء الموقف، تواصلت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ وقيادة «اليونيفيل» مع حزب الله، أمس، من زاوية الدعوة الى التهدئة وضبط النفس، وتبلّغ الجيش اللبناني من القوات الدولية رسالة، نقلاً عن الجانب الإسرائيلي، مفادها بأن عمليات القصف انتهت وأن بإمكان جنود «اليونيفيل» الخروج من الملاجئ.
وسُجل أيضاً تنسيق بين حزب الله وقيادة الجيش، في ظل ارتياح للموقف الرسمي اللبناني الذي عبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل الذي أجرى اتصالات دولية وإقليمية صبّت كلها في خانة تأكيد الحق اللبناني.
وتلقى حزب الله أمس سيلاً من برقيات التهنئة والدعم من أوساط عربية متعددة، لاسيما فلسطينية على اختلاف مشاربها، ومن ضمنها قيادتا «فتح» و «حماس».
وعرضت صحيفة "السفير" وقائع العملية ثم الاسئلة التي طرحتها وسائل الاعلام الاسرائيلية مشيرة إلى الحرج الاسرائيلي وقالت : "ان العملية النوعية في مزارع شبعا ستضع اسرائيل امام اسئلة صعبة من نوع:
كيف تمكنت المقاومة من تحقيق هذا الاختراق للمزارع المحتلة في وضح النهار، برغم أن الرد كان متوقعاً؟ كيف نفّذت المجموعة عمليتها؟
ثم كيف انسحب المهاجمون بهذه الأريحية من دون أن يواجهوا أي صعوبة؟
ولماذا لم يكن الموكب الاسرائيلي مصفحاً، مع ان منسوب المخاطر كان مرتفعاً؟ ولماذا تأخرت طواقم الإنقاذ بالوصول الى المكان؟
وأضافت "السفير" أنه بمعزل عن طبيعة الإجابات الاسرائيلية، فإن ضربة الامس تؤشر الى إخفاق استخباري - عسكري لاسرائيل، والى انجاز للمقاومة من الوزن النوعي الذي سيعيد التوازن الى كفتي ميزان الصراع، وذلك بعنوان «الأمر لي». فالعملية تمت من أرض لبنانية محتلة وضد هدف اسرائيلي على أرض لبنانية محتلة، برغم كل الالتباسات المحيطة بقضية مزارع شبعا.
النهار: حزب الله يردّ في شبعا... ضمن "قواعد الاشتباك"
أما صحيفة "النهار" فبدت متفاجئة من اختيار مكان الرد واختارت طرح التساؤلات حول توازن الرعب وامكانية حصول حرب شاملة وقالت في المانشيت الرئيسي : "هل يؤدي توازن الرعب والربح والخسارة بين ضربة القنيطرة والرد عليها بضربة مزارع شبعا الى اعادة النصاب الى "ستاتيكو" الاستقرار الذي كان سائدا منذ عام 2006 في الجنوب، ام ان ما جرى يضع لبنان امام واقع تصاعد التوتر جرعة اثر جرعة بما ينذر بانفجار حرب شاملة في لحظة غير محسوبة؟"
وتابعت :"الواقع ان رد حزب الله امس في مزارع شبعا على عملية القنيطرة التي نفذتها "اسرائيل" قبل عشرة أيام وقتل فيها ستة من كوادر الحزب وأحد القادة العسكريين للحرس الثوري الايراني استتبع معطيات ميدانية واجواء شديدة الخطورة ساعات عدة بعد العملية بدت معها المنطقة الحدودية في الجنوب ومناطق شمال "اسرائيل" على مشارف استعادة سيناريو اشتعال شرارة حرب 2006 . ذلك ان الحزب الذي سيطل أمينه العام السيد حسن نصرالله غدا بكلمته الاولى بعد عملية القنيطرة استبق هذه الاطلالة برد على الضربة الاسرائيلية فاجأ معظم المراقبين والمعنيين بمكانه وليس بتوقيته باعتبار ان مجمل المعطيات كان يشير الى ان الحزب سيرد في وقت وشيك ولكن من خارج الاراضي اللبنانية. بيد أن الحزب استهدف قافلة عسكرية اسرائيلية من تسع عربات في مزارع شبعا وقصفها بستة صواريخ من طراز "كورنيت" المضادة للدروع والموجهة الكترونيا الامر الذي ادى الى مقتل ضابط وجندي وجرح سبعة آخرين في صفوف القافلة. وأكدت قيادة القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" انها رصدت اطلاق ستة صواريخ نحو اسرائيل من محيط عام منطقة الوزاني شمال الميسات في منطقة عملياتها.
ورد الجيش الاسرائيلي بقصف مناطق كفرشوبا والمجيدية وحلتا والعرقوب بما يفوق الخمسين قذيفة ونجم عن ذلك مقتل جندي اسباني ضمن الكتيبة الاسبانية في قوة "اليونيفيل". وهدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاثر "بتكرار تجربة غزة في لبنان"، مشددا على ان الجيش الاسرائيلي "على أتم الاستعداد للتعامل مع الاوضاع الامنية على كل الجبهات وبكل قوة".
وبدا واضحا ان رد الحزب في مزارع شبعا حصرا استهدف تحقيق توازن الردع ضمن تبادل الضربات التي لا تشعل حربا شاملة اذ ان منطقة المزارع المحتلة لا تزال ضمن قواعد الاشتباك منذ 2006 ورد الحزب ادرج ضمن التزامه هذه القواعد. كما ان المعلومات افادت ان الحزب ابلغ اسرائيل عبر الامم المتحدة انه يكتفي بالرد اذا لم تصعد الدولة العبرية الوضع فيما بدا في المقابل ان اسرائيل لن تذهب الى اشعال حرب شاملة وفق توقيت الحزب ومن ورائه ايران.
بيد ان ذلك لم يقلل خطورة اللعب على حافة الهاوية بين الفريقين، اذ تقول اوساط مطلعة واكبت التطورات الميدانية والديبلوماسية امس ان حبس أنفاس حقيقيا ساد طوال اكثر من اربع ساعات بعد توجيه الحزب الصلية الاولى من صواريخه في اتجاه قافلة عسكرية اسرائيلية في مزارع شبعا لمعرفة حقيقة الخسائر البشرية التي أسفرت عنها العملية والتي بلغت قتيلين وسبعة جرحى وكان يمكن ان يتطور الامر الى الاسوأ لو جاءت الحصيلة مطابقة لمعلومات اولية تجاوزت هذه النتيجة .
واذ ترجح الاوساط ان يكون الوضع الناشئ ادخل واقعيا في خانة الاحتواء فانها لا تخفي خطورة تصاعد التوتر الذي بات يحاصر لبنان جراء الربط الميداني الطارئ بين جبهتي الجولان ومزارع شبعا من جهة وبروز العامل الاسرائيلي – الايراني في المواجهة من جهة اخرى. كما ان الجانب اللبناني الرسمي بدا في خلفية هذا التصعيد الجانب الاضعف اطلاقا على رغم تشديد لبنان على تمسكه بالقرار 1701 وهو الامر الذي سيترك تداعيات سلبية داخلية برزت ملامحها مع الانتقادات التي وجهتها جهات سياسية داخلية الى "حزب الله" لتفرده تكرارا بقرار الحرب والسلم مع اسرائيل.
الاخبار: تدخل دبلوماسي للتهدئة بعد تهويل على حزب الله
أما صحيفة "الاخبار" فقالت: فور انتشار نبأ عملية المقاومة في مزارع شبعا، انهالت اتصالات على وزارة الخارجية للتأكيد على أهمية «لملمة الوضع وعدم التصعيد» بحسب مصادر في الوزارة. وتلقى وزير الخارجية جبران باسيل اتصالات من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين في لبنان، وفي مقدمهم السفيران الأميركي ديفيد هيل والبريطاني طوم فليتشر ومنسقة الامم المتحدة سيغريد كاغ والقائد العام لليونيفيل لوتشيانو بورتولانو، فيما لوحظ غياب لافت للسفير الفرنسي باتريس باولي.
وأكّدت المصادر أن السفراء سمعوا تأكيدات بأن «لبنان لا يريد أن ينجرّ الى حرب، ولكن عليكم الاتعاظ من تجربة عدوان 2006». وأكدت وزارة الخارجية ان «العملية انطلقت من مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة من خارج الخط الأزرق، واستهدفت قافلة عسكرية إسرائيلية متواجدة في الأراضي اللبنانية المحتلّة خارج الخط الأزرق»، مؤكدة تمسّك لبنان بالقرار 1701 حماية له من الاعتداءات الإسرائيلية.
وعلمت «الأخبار» أن عدداً من السفراء الغربيين، من بينهم باولي، قصدوا، بعد عملية القنيطرة، مسؤولين في حزب الله، وقدموا «نصائح وتوصيات»، وكان لافتاً أن «طبيعة الأسئلة التي طرحت بإلحاح تؤكد أنها تخصّ العدو حصراً».
وقد حاول الدبلوماسيون معرفة موقف حزب الله من عملية القنيطرة وما إذا كانت المقاومة سترد، وكيف سيكون الرد، وأين؟ كذلك كان لافتاً إطلاق «موجة تهويل» وتحذير من أن «لبنان سيدفع كلفة باهظة جراء أي رد» على الاعتداء الإسرائيلي.
وقد سمع هؤلاء موقفاً واضحاً فيه تأكيد لـ»حق المقاومة بالرد وفق ما تراه قيادتها مناسباً». كما سمعوا أيضاً «انتقادات قاسية لسياسة الصمت التي اتبعتها الدول الغربية والأمم المتحدة، واكتفاء الأخيرة ببيان هزيل يتنافى والخرق الكبير الذي قام به العدو في القنيطرة».
وفي السياق نفسه، قال مصدر دبلوماسي روسي لـ»الأخبار» إن وزير خارجية العدو افيغدور ليبرمان «طرح قضية عملية القنيطرة على نظيره الروسي في موسكو، ودعا الى الضغط على لبنان كي لا تتجه الأوضاع إلى المواجهة أو الانفجار».
من جهة أخرى، كشف مصدر أمني لبناني لـ»الأخبار»، أن الأيام الماضية التي سبقت عملية المقاومة وتلت عملية القنيطرة بيومين، شهدت قيام فرق تابعة لقوات الطوارئ الدولية «بأعمال مثيرة للريبة في بعض المناطق الحساسة في الجنوب، بينها جولات في أودية كثيرة بعيدة عن نطاق عملها الفعلي على طول الخط الأزرق، وتسيير دوريات داخل بعض القرى المتاخمة لمزارع شبعا». وأشارت الى «احتكاكات ساخنة مع أهالي هذه المناطق لم تصل أصداؤها إلى وسائل الإعلام، قبل أن يتدخل الجيش بناءً على اتصال من قيادة اليونيفل». وبحسب المصدر الأمني، فقد «أقرت قيادة اليونيفل بعد مراجعتها بهذا الخطأ».
الجمهورية: سخونة تلفّ حدود لبنان من أقصاه إلى أقصاه
صحيفة الجمهورية من ناحيتها أشارت رد حزب الله وقالت : خطفَت عملية شبعا التي نفّذها حزب الله ضدّ قافلة إسرائيلية كلّ الأضواء السياسية بفعل المخاوف من تطوّر المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة تعيد استنساخ تجربة تمّوز 2006 بصيغة كانون الثاني 2015. ولكن ما قلّل من تلك المخاوف ثلاثة اعتبارات:
الاعتبار الأوّل، هو أنّ حزب الله لم يكن المبادر في المواجهة مع "إسرائيل"، بل هو في موقع ردّ الفعل على الفعل الإسرائيلي في القنيطرة، وبالتالي كان من المتوقع في إطار المواجهة الأمنية المفتوحة بينهما أن يردّ الحزب الذي لم يكن بإمكانه تجاهل عملية القنيطرة.
الاعتبار الثاني يتصل بجغرافية العملية من خلال مزارع شبعا، حيث إنّ «حزب الله» لم يتجاوز بهذا المعنى القرار 1701، بل نفّذَ عمليته ضمن منطقة اشتباك طبيعية قاطعاً عبرَها الطريق على أيّ تأويلات، ومظلّلاً نفسَه بالبيان الوزاري وحقَّه بتحرير أرض محتلة.
الاعتبار الثالث، هو أنّه لا يُفترَض بإسرائيل أن تتذرّع بعملية "حزب الله" للذهاب نحو حرب إقليمية، لأنّ ما حصل لا يخرج عن سياق الردّ. وفي هذا الوقت تسارعَت الاتصالات من أجل احتواء الوضع ولجمِ التصعيد والتوتّر، فتلقّى لبنان مزيداً من الضمانات والتطمينات بأنّ ما حصل قد توقّفَ عند حدود ما سجَّلته الاعتداءات الإسرائيلية من أعمال قصف طاوَلت المدَنيين في القرى الجنوبية، إلّا أنّ لبنان دخل مع عملية شبعا في مرحلة جديدة حوّلت كلّ الحدود اللبنانية إلى حدود ساخنة في مواجهة مع الإرهابيين والإسرائيليين معاً.
اللواء: عودة إلى «توازن الردع»
أكما صحيفة اللواء فقالت : ردّ «حزب الله» في مزارع شبعا المحتلة، على اعتداء القنيطرة، فقتل قائد سرية في لواء غفعاتي الرائد يوحاي كلينغر والعريف نيني من شيتوليم، باعتراف الجيش الإسرائيلي الذي قال في بيان له بعد العملية، وفي مضي بضع ساعات، ان صاروخاً مضاداً للدبابات من نوع «كورنيت» الروسية الصنع، أدى إلى مقتل الجنديين وإصابة سبعة آخرين بجروح.
والصاروخ لم يكن وحيداً، بل كان من مجموعة ستة صواريخ استهدفت القافلة العسكرية الإسرائيلية بعد زرع عبوات ناسفة في بركة النقار.
ومنذ ان أعلن حزب الله في البيان الذي حمل الرقم 1 عن تبنيه للعملية، حيث أشار إلى «استهداف الموكب العسكري الاسرائيلي المؤلف من عدد من الآليات، وفيه ضباط وجنود صهاينة، مما أدى إلى تدمير بعضها ووقوع اصابات عدّة في صفوف العدو»، حتى تغير الموقف في لبنان وإسرائيل والدول المجاورة، ونشطت الاتصالات لضبط الوضع، ومنع انهياره إلى حرب شاملة، وفق تكهنات متعددة المقاربات وحسابات الربح والخسارة في مرحلة بالغة الحساسية في الشرق الأوسط.
وحزب الله الذي تبادل القصف الحدودي المدفعي مع الجيش الإسرائيلي في نطاق مزارع شبعا في منطقة العرقوب، يتصرف وكأنه ردّ على اعتداء القنيطرة، لكنه يقيم الحساب لأي تطوّر على الأرض سواء عبر غارات من «بنك الاهداف» التي توعدت بها إسرائيل أو عبر قصف في المناطق الجنوبية واتخذ الإجراءات لمثل هذا الاحتمال.
الا ان الهدوء الذي ساد المناطق المحاذية للخط الأزرق، وعدم حصول أي نزوح للاهالي، سواء من المناطق الحدودية أو من المدن الكبرى في الجنوب، وأكثر من ذلك تثبيت «حزب الله» موعد مهرجان الجمعة الذي سيتحدث فيه أمينه العام السيّد حسن نصر الله، كلها مؤشرات على ان الحزب لا يعيش أجواء التصعيد.
اما الجيش الإسرائيلي الذي وصف عملية مزارع شبعا بأنها «خطيرة»، نسبت إليه القناة العاشرة الإسرائيلية انه «لا يريد الانجرار إلى حرب لبنان الثالثة».
وشكلت دعوة مجلس الأمن لعقد جلسة بدأت عند الحادية عشرة من ليل أمس، من قبل الجامعة العربية وفرنسا، إشارة إلى توجه باحتواء دبلوماسي دولي للوضع المستجد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وصولاً إلى الجولان السوري.
وعلى الرغم من ان «قوات اليونيفل» فقدت جندياً من الكتيبة الاسبانية بالقصف الإسرائيلي، فهي حافظت على مواقعها على الأرض، وسيرت الدوريات وتولت اجراء الاتصالات كالعادة لمنع التصعيد، في مؤشر إضافي إلى ان اللحظة ليست مؤاتية لانفجار خطير، على أن ما حصل وصف بأنه «أخطر تدهور حدودي منذ العام 2006، عندما أعلن في 14 آب وقف العمليات الحربية، بموجب القرار 1701».
البناء: عملية المزارع تبهر الخبراء
من ناحيتها أشارت صحيفة "البناء" إلى أهمية عملية المزارع وقالت:" السؤال الذي يربك العالم اليوم وما بعد اليوم، هو هل تلجأ «إسرائيل» إلى الحرب، أو إلى ردّ يستدعي رداً فانزلاق نحو الحرب؟
العملية النوعية الاستثنائية التي نفذتها المقاومة قبيل ظهر أمس في مزارع شبعا المحتلة، محكمة الحسابات، في درجة الألم الذي تسبّبت به لقادة كيان الاحتلال، بمثل ما جاءت محكمة الدقة والإتقان في تحقيق الإبهار تجاه درجة الإعجاز الذي نجحت المقاومة عبره في إثبات مقولة إنّ «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»، وإنّ المقاومة قادرة أن تجعل «الجيش الذي لا يقهر» وهو في ذروة الاستنفار أضحوكة للجيوش، كحارس مرمى ذائع الصيت، يدخل في مرماه وهو في أعلى درجات اليقظة هدف سهل ممتنع بسيط حتى العبقرية، تتدحرج الكرة بطيئة وسلسة وتمرّ من بين قدميه وتستقرّ في الشباك، وهو يقفز بهلوانياً واستعراضياً لإبراز مهاراته يميناً ويساراً كأنما ستأتيه كرة سماوية من نار وهو جاهز لالتقاطها.
من الزاوية القانونية، العملية محكمة، ردّ صاعق وساحق، لكن لا ذريعة فيه لحرب، العملية في أرض لبنانية محتلة من زاوية نظر المقاومة والدولة اللبنانية وليست قصفاً من مناطق انتشار «اليونيفيل»، ووفقاً للتصنيف «الإسرائيلي» المزارع سورية كما قال النائب جنبلاط فهي ردّ من نفس نوع عملية القنيطرة من هذه الزاوية، ومن الزاوية العملياتية العملية صفعة ترنّ لها الرؤوس وتستدير إعجاباً وتضع المقاومة في مصاف الجيوش الأشدّ احترافاً، وتسجل يوم الثامن والعشرين من الشهر الأول من العام الحالي يوماً تاريخياً لفضيحة بيت العنكبوت والجيش الذي لا يُقهر.
المستقبل: إيران تثأر لـ«دادي» من لبنان
وأخيراً بدت صحيفة "المستقبل" خارج السياق اللبناني وتنعق وحيدة في نشازها مستعيدة نغمة المغامرات والمغامرون وقالت : من الجولان السوري إلى الجنوب اللبناني، كلُّ الدروب تؤدي إلى «طواحين» الطموحات الإيرانية وإن تعددت المسالك والأدوات. بالأمس لم يكن أمام حزب الله خيار آخر سوى الامتثال لمأمورية صادرة من طهران قضت تحت عنوان «البيان رقم 1» بالثأر لمقتل جنرالها محمد علي الله دادي في الغارة الجولانية من الجبهة اللبنانية، فاقتصر دور الحزب على تشكيل «مجموعة شهداء القنيطرة» والضغط على زناد التنفيذ مستهدفاً موكباً عسكرياً إسرائيلياً في مزارع شبعا «بالأسلحة الصاروخية المناسبة».. واضعاً نفسه واللبنانيين مجدداً في فوهة «المغامرات» التي تبدأ بشعارات شعبوية من نوع «البادئ أظلم» وتنتهي بانتصارات وهمية من نوع «لو كنتُ أعلم».