العنصرية الممنهجة تتفاعل في الولايات المتحدة الأميركية
من يدعي الديمقراطية لا يطبقها.. ومن يطلق خطابات رنانة عن حقوق الإنسان لا يراعيها. العنصرية تضرب الولايات المتحدة الأميركية من دون أن يكون هناك رادع لمن يغذيها! هذه المشكلة ما زالت تتفاعل في الولايات الأميركية، وهذا ما يتضح بعد قتل اثنين من الاميركيين من اصول افريقية في فيرغسون ونيويورك وتبرئة القاتلين من الشرطة ما يطرح تساؤلات كثيرة عن نزاهة المحاكم واضطرار وزارة العدل الاميركية الى اعادة فتح تحقيقات قال القضاء كلمته فيها.
فبعد تبرئة دانييل بانتاليو الذي قتل الشاب الاسود إريك غارنر الصيف الماضي في نيويورك، وهو اب لستة اطفال، تظاهر الآلاف من الأمريكيين في مدينة نيويورك إحتجاجا على عدم محاكمة الشرطي الأبيض. وتجمع المئات من المتظاهرين في مدينة سياتل "ويستليك"، بينما اغلق الآلاف شوارع مركزية في مدينة نيويورك احتجاجا على قرار هيئة محلفين موسعة رفض الاتهامات الموجهة للشرطي الذي ضرب المعتقل إريك غارنر وهو من ذوي البشرة السمراء حتى الموت أثناء محاولة اعتقاله في شوارع مدينة نيويورك، وكذلك قرار شرطة نيويورك،عدم توجيه اتهام للشرطي.
وأكدت الشرطة الأمريكية أنها اعتقلت 16 متظاهرا في ميدان روكفيلر المركزي بالمدينة، فيما اغلق المتظاهرون أيضا الشارع السريع في "ويست سايد" وشارع 51 في نيويورك.
وأعلنت زوجة الشاب القتيل اريك غارنر أنها لا تقبل أعذار، وندم وصلوات الضابط الأبيض الذي قتل زوجها. فيما دعا القس آل شاربتون الناشط في حقوق السود بالولايات المتحدة الى تنظيم مسيرة الى البيت الأبيض في واشنطن في الثالث عشر من كانون الأول/ ديسمبر، مطالبا الشرطة بالكف عن عنفها تجاه المتظاهرين مؤكدا "نحن لا نستعمل العنف".
وأكدت أرملة القتيل إريك غارنر، ايساو غارنر في مؤتمر صحافي عقدته عقب صدور القرار أن الشرطي لا يزال يعمل في سلك الشرطة، "هو لا يزال يطعم اولاده، بينما زوجي ووري في الثرى. كان يتوجب أن يكون هنا معنا يحتفل بعيد الميلاد وعيد الشكر مع أولاده وأحفاده، ولكنه لا يستطيع. لماذا؟ لأن الشرطي ارتكب خطأ!".
واتهمت أرملة غارنر والقس آل شاربتون في المؤتمر الصحافي المشترك هيئة المحلفين بتلقي تعليمات من المدعي العام الذي يعمل مع الشرطة بشكل دائم، في اتهامات مماثلة وجهتها عائلة الشاب مايكل براون في فيرغوسون ميزوري، في حادثة مشابهة عندما قتل شرطي أبيض شابا أسود أعزل ولم توجه له أي تهمة.
وطالبت والدة القتيل غارنر، غوين كار المتظاهرين بالسلمية وعدم الإنجرار لأعمال عنف. وقالت "أنا محبطة جدا من قرار هيئة المحلفين هذا المساء. لا أعرف على أي شريط فيديو كانوا يتطلعون، لكنه لم يكن الفيديو ذاته الذي شاهده بقية العالم"، في إشارة للفيديو الذي نشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي ويظهر الضابط دانييل بانتاليو وهو يقبض على إريك غارنر ويمسكه من عنقه بشدة في 17 تموز/ يوليو المنصرم، مؤديا الى وفاته بعد ايام من الاختناق، ويظهر فيه غارنر يقول بوضوح "لا أستطيع التنفس".
وكانت الشرطة قد اعلنت أنه تم اعتقال غارنر البالغ 43 عاما للاشتباه به ببيع سجائر غير خاضعة للضريبة في ستاتن أيلاند في نيويورك.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تعقيبه على قرار هيئة المحلفين حيث وجه كلمة مقتضبة قال فيها "نحن نرى العديد من الحالات حيث لا يشعر المواطنون بالثقة بأنه تتم معاملة الناس بشكل عادل". مضيفا: " في بعض هذه الحالات، اعتقادات خاطئة، ولكن بعضها واقعي، يتوجب علينا جميعا كأمريكيين أن نعترف بانها مشكلة أمريكية وليست مشكلة السود أو البنيين".
من جانبه عقّب عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو على القرار بالقول: "نتيجة اليوم كانت أمرا لم تكن ترغب به مدينتنا"، فيما دعا مفوض شرطة نيويورك بيل براتون المواطنين للتظاهر، مؤكدا "ولكن اذا قاموا بتدمير الممتلكات العامة فسيتم اعتقالهم".
من ناحيته ، سارع وزير العدل الأميركي اريك هولدر للإعلان عن فتح تحقيق فدرالي حول انتهاك الحقوق المدنية. وقال هولدر للصحافيين ان "مدعينا العامين سيجرون تحقيقا مستقلا ومعمقا ونزيها وسريعا". واضاف "لقد شاهدنا جميعا شريط الفيديو الذي يظهر اعتقال اريك غارنر. ان وفاته هي بالطبع مأساة".
وتابع "اعلم ان عدد كبيرا من الاشخاص في نيويورك وسائر انحاء البلاد سيخيب املهم من قرار هيئة محلفي الولاية"، مطالبا المتظاهرين بـ"البقاء هادئين". واكد ان "هذه ليست قضية خاصة بنيويورك او قضية خاصة بفيرغسون"، مشيراً إلى ان من تظاهر سلميا في سائر انحاء البلاد لم يخطئ.
ويظهر في شريط فيدو لاحد الهواة احد الشرطيين دانييل بانتاليو وهو يمسك غارنر من رقبته لطرحه ارضا في حين كان القتيل، وهو اب لستة اطفال يعاني من السمنة والربو، يكرر مرارا "لا استطيع التنفس" وذلك قبل ان يفقد الوعي. واعلنت وفاته بعد نقله الى المستشفى. وقال الطبيب الشرعي في نيويورك ان هناك عملية قتل.
وكانت هيئة محلفين في سانت لويس ميزوري، قد رفضت توجيه تهم للشرطي الأبيض البشرة بقتل الشاب مايكل براون من ذوي البشرة السمراء في التاسع من آب/ أغسطس في بلدة فرغوسون، ما أدى لاندلاع موجة من الغضب الشعبي والاحتجاجات من قبل مجتمع الأفارقة الأمريكيين في الولايات المتحدة احتجاجا على معاملتهم بعنصرية ممنهجة.