التشكيك بجدوى الضربات الجويّة للقضاء على "داعش" في سوريا والعراق، لم يعد يقتصر على خصوم الولايات المتحدة الاميركية. جنرالات ووزارء ومسؤولون كبار في ادارة البيت الابيض أدلوا بمواقفهم في شهادات أمام الكونغرس ووسائل الاعلام ومراكز الابحاث الاستراتيجية تؤكد الشكوك بعدم جدوى الضربات الجوية في القضاء على "داعش"، وباراك اوباما نفسه، أعلن في استراتيجيته أن هدفه اضعاف "داعش" ومن ثم القضاء عليها!
وبين "الاضعاف" و"القضاء" بون شاسع ومراحل كثيرة، لكن الثابت والأكيد أن الرئيس الرئيس الأميركي تعهد في قاعدة ماكديل الجويّة في تامبا بولاية فلوريدا بألا تخوض بلاده حرباً برية أخرى في العراق! وبالرغم من أن هذا التعهد من شأنه طمأنة الجنود الاميركيين بالدرجة الاولى ،فهو يطمئن أيضا مسلحي "داعش" الذين باتوا على قناعة بأن تحالف واشنطن يحمل بذور فشله منذ لحظات إعلانه لان الجنرالات الاميركيين هم من بدأ بعرض فشل التحالف في تحقيق أهدافه.
وفي هذا السياق أعلن رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال راي اوديرنو في حديث يوم الأربعاء لعدد محدود من الصحفيين في فيسبادن بألمانيا حيث يحضر مؤتمر الجيوش الاوروبية ان الضربات الجويّة وحدها لن تكون كافية للقضاء على مسلحي "داعش" في العراق وسوريا، وان بغداد ستحتاج الى تدريب لإعادة بناء قوات برية قادرة على "ملاحقتهم واجتثاثهم".
وعدا عن كون الضربات الجوية غير كافيه، فهي على ما يبدو بدأت تعطي مفعولاً عكسياً، وهو ما أشار إليه جيمس كومي، رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) امام لجنة الامن القومي في مجلس النواب ، إذ أكد ان "الدعم لتنظيم "داعش" تزايد منذ شنت الولايات المتحدة غارات جويّة على التنظيم في العراق، كما ان التنظيم يجتذب عدداً من المقاتلين الجدد"!.
وقال مدير المركز القومي لمكافحة الارهاب ماثيو اولسين ان "عدد المقاتلين المتطرفين في سوريا والعراق اصبح الان يراوح بين 20 و31 الف مقاتل". واضاف اولسين ان تنظيم "داعش" لديه "وسائل دعاية متطورة للغاية يتفوق" فيها على الجماعات المسلحة الاخرى. وقال ان تلك الدعاية "لها تاثير على المجندين"، مشيراً إلى أن "الضربات الجوية لن تكفي في القضاء على داعش".
وعلى صعيد تمويل "داعش" مالياً، اقر وزير الخزانة الاميركي جاك لو بصعوبة وقف التمويل، وقال خلال مؤتمر في جامعة كاليفورنيا بلوس انجليس "من المهم جدا التعاون مع شركائنا في العالم من أجل تحديد ومحاولة قطع ما يمكن من تدفق التمويل" لـ"داعش". وأضاف ردا على سؤال لأحد الطلاب "إنها عملية معقدة لأنها ليست شفافة ولا يعرف ايضا مصدر هذا المال ولا الطريقة التي يصل من خلالها".
هذه بعض المواقف الاميركية التي تؤكد صعوبة المواجهة مع "داعش" وتشكك بجدوى الضربات الجويّة، وهناك ايضاً تضارب المصالح بين المشاركين في التحالف ، واختلاف وجهات النظر والرؤى حول كيفية مواجهة هذا الخطر فضلاً عن كون بعض المشاركين في التحالف هم من صانعي وممولي "داعش"!