القدس المحتلة – شذى عبد الرحمن
"لن يجلس على هذا المقعد غير محمد" يقول صديق الشهيد محمد سنقرط (16) عاما، رافضا أن يجلس على مقعده في الصف العاشر في مدرسة الراشيدية أحد من زملائه، بعد أن وضعوا عليه صورته، ليستكملوا عامهم الدراسي بلا صديقهم محمد الذي اختطفه رصاص الاحتلال.
فعقب خمسة أيام من محاولات حثيثة لإنقاذ محمد، أعلن أطباء مشفى هداسا عين كارم، استشهاده بعد توقف قلبه عن الخفقان، لتتحطم أمنيات عائلته التي كانت تنتظر عودته ليسقي ما زرع من شجيرات قبل أيام قليلة من إصابته.
عبد المجيد سنقرط والد محمد قال: إن الأطباء أعلنوا استشهاد محمد بعد توقف قلبه عن الخفقان، حيث كان قد تعطل دماغه بعد تلقيه ضربتين من جنود الاحتلال كانتا كفيلتين بحرمانه الحياة.
في الأول من أيلول/سبتمبر، توجّه محمد لأداء صلاة العشاء في مسجد عابدين والذي يبعد عن منزله الكائن في حي وادي الجوز دقيقتين، إلا أن جنود الاحتلال باغتوه بإطلاق النار عليه، ويبين والده أن شهود عيان أكدوا للعائلة اعتداء قوات الاحتلال بالضرب على محمد بعد إصابته.
محمد سنقرط
الناشط المقدسي، أمين صيام كان من بين الموجودين في المكان والذين قدّموا الإسعافات اللازمة لمحمد فور إصابته، قال إن جنود الاحتلال أطلقوا رصاصة من النوع المعدني المغلف بالمطاط الأسود بشكل مباشر على رأس محمد ما أدى لوقوعه على الأرض فورا حيث أصيب بإصابة ثانية في الرأس، مضيفا "علمت فورا أن محمد وضعه صعب ويعاني من نزيف داخلي، وخاصة أنه أصيب بالإغماء والغثيان".
ويوضح صيام أن سيارة الإسعاف الإسرائيلية كانت تبعد عن محمد أقل من دقيقة ونصف، إلا أن جنود الاحتلال منعوا وصولها وتعمدوا تأخيرها، لافتاً إلى وجود مكالمة مسجلة مع أحد أهالي الحي تؤكد ذلك.
وبعد تمكن سيارة إسعاف فلسطينية تابعة للهلال الأحمر من الوصول لمحمد، يشير صيام إلى أن ضابط الاحتلال أوقف سيارة الإسعاف وأخضع والدة الطفل محمد للتحقيق حيث سألها عن اسمه وعمره ومكان سكنه وإلى أي مشفى سيتم نقله.
وبحسب صيام، فان سبب تدهور الوضع الصحي لمحمد كان ممارسة جنود الاحتلال وتعمدهم تأخير وصول سيارة الإسعاف وتأخير عملية نقله، موضحا أن الحي لم يكن يشهد أي مواجهات أو توترات عندما قام جنود الاحتلال بإطلاق النار على محمد، " محمد كان يتكلم في هاتفه ويمشي بهدوء وهذا يؤكد أن وجوده كان في الحي طبيعيا ولم يكن يشارك بأي مواجهات".
جدة سنقرط ودعت محمد وهي تغني له "محمد يا زر الورد، يلي عمرك صغير قليّ كيف خوّفت الجيش وأنت عمرك هلقد صغير؟"، في حين ما زالت شقيقته بسملة (3 أعوام ) تنتظر عودته إليها حاملا شيئا مما تحب، كما اعتادت كل يوم.
تنصل اسرائيلي من الجريمة
من جانبه، أرسل عضو الكنيست عفو اغبارية، رسالة عاجلة لوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهرونوفيتش، مطالبًا بتشكيل لجنة تحقيق حيادية لمحاسبة وفضح بشاعة الجريمة التي ارتكبتها الشرطة الإسرائيلية وأدت إلى استشهاد الفتى الفلسطيني محمد سنقرط.
وأوضح اغبارية في رسالته أن جميع المعطيات والشهادات والتقرير الأولي لمعهد أبو كبير تؤكد أن الفتى سنقرط استشهد برصاصة في الرأس وليس كما تدعي الشرطة بانه أصيب برجله متنصلة من مسؤوليتها عن استشهاده.
وأرسل شكوى لوزيرة الصحة الإسرائيلية ياعيل جيرمان على ضوء التقرير الذي صدر في صحيفة "هآرتس" ويكشف تقاعس الإسعاف من نجمة داوود الحمراء في تقديم العلاج بعد أن رفضت دخول حي وادي الجوز بدون مرافقة الشرطة متجاهلة التوجهات السريعة والملحة للمواطنين ما أدى الى ازدياد حالة الفتى سوءًا حتى وصول الإسعاف الفلسطيني متأخرًا بسبب عرقلة الشرطة الاسرائيلية.
وأكد اغبارية أن الحقيقة هي كما وردت على لسان أهل الشهيد من أن الشرطة صوبت الرصاص على رأس الفتى وهو يتحدث في الهاتف ويسير بشكل سلمي.
وقال، "لا يمكن لجهاز الشرطة المتهم بالقتل بأن يقود التحقيقات في أسباب استشهاد الفتى المقدسي"، مضيفا أن جهاز الشرطة هو جهاز عنصري قمعي ويشكل خطرًا على المواطنين العرب ولجنة التحقيق المنبثقة عنه ستعطي غطاء للجريمة كما في المرات السابقة.
هذا ويشهد حي وادي الجوز مواجهات عنيفة منذ استشهاد محمد، تطلق خلالها قوات الاحتلال وابلا من قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي، وهو ما أدى لإصابة العشرات، كما وشنت حملة اعتقالات تطالت عددا كبيرا من الشبان.