إستمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا وسط وعود بوقف النار الجمعة المقبل
يواصل الجيش الأوكراني عملياته العسكرية في شرق البلاد مستخدما الطيران الحربي والأسلحة الثقيلة بمناطق متفرقة من دونيتسك، على الرغم من وعود الرئيس الأوكراني بالتوصل إلى حل سلمي. وجاءت قمة الحلف الأطلسي، في ويليز، لتفاقم الأزمة الأوكرانية من جهة، وتفاقم توتر العلاقات الغربية ـ الروسية من جهة أخرى. وافتتح الحلف الاطلسي قمته في نيوبورت بالمملكة المتحدة وسط توتر شديد مع روسيا بسبب الازمة الاوكرانية وعلى خلفية الحرب الكلامية بين الروس والغربيين المدعوين الى تعزيز مساعدتهم العسكرية لكييف.
وتمضي السلطات الأوكرانية قدما في مشروعها لإخضاع مواطني شرق البلاد لسلطتها على الرغم من الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، فيما تبقى تصريحات الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو عن الاستعداد لوقف إطلاق النار والوعود باتخاذ خطوات نحو السلام من دون أي فعالية مع تصاعد حمى الحسم العسكري في أوساط فريق الحرب المسيطر في كييف.
وفي هذا الصدد، تعرضت عدة مناطق في دونيتسك الخميس 4 سبتمبر/أيلول لقصف مدفعي من قبل الجيش الأوكراني، وتواصل سقوط قذائف الهاون على أحياء سكنية بالمنطقة ما أدى إلى تدمير بنايات واحتراق عدة قرى في الضواحي.
وتسببت العمليات العسكرية العنيفة المتواصلة شرق البلاد في قطع الطرق والكهرباء وإمدادات المياه، ما ضاعف من الأوضاع الإنسانية المتردية لسكان هذه المناطق الذين يفتقدون منذ مدة طويلة لأبسط مقومات الحياة الطبيعية.
وتعتبر تصريحات وزير الدفاع الأوكراني الغريبة مؤخرا، والتي أعلن فيها "انتهاء عملية تحرير شرق أوكرانيا من الإرهابيين وبدء حرب وطنية عظمى، سوف يعد فيها الضحايا بعشرات الآلاف"! دليلا ساطعا على انعدام المسؤولية لدى عدد من أصحاب القرار في كييف.
من جهة أخرى، يضغط فريق الحرب المهيمن في كييف بشكل محموم كي تتخلى أوكرانيا عن وضعها الحيادي خارج الأحلاف محاولا إلحاقها بحلف الناتو بكافة السبل، كان آخرها مطالبة رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك الناتو بمنح أوكرانيا صفة شريك خاص.
وعود بوقف إطلاق النار الجمعة المقبل
وأعلن رئيس حكومة "جمهورية دونيتسك الشعبية" الكسندر زاخارتشينكو ورئيس "جمهورية لوغانسك الشعبية" إيغور بلوتنيتسكي "استعدادهما إصدار أمر بوقف إطلاق النار في نفس الوقت في حال تم التوصل إلى اتفاق، ووقع ممثلو أوكرانيا خطة التسوية السياسية للأزمة".
كما صرحا بأنهما"سيقدمان الجمعة في مينسك لمجموعة الاتصال اقتراحاتهما بشأن خطة لوقف إطلاق النار تتضمن بالتفصيل ضمانات الالتزام بها من قبل أطراف الأزمة".
وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في أن تستجيب كييف ودونيتسك ولوغانسك لاقتراحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي وردت في خطته السلمية.
وأكد لافروف خلال لقائه رئيس الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إيلكا كانيرفا في موسكو يوم الخميس 4 سبتمبر/أيلول، أن موسكو مستعدة لمساعدة طرفي النزاع على المضي قدما نحو تحقيق استقرار الوضع في إطار مجموعة الاتصال وبالتعاون مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأشار الوزير الروسي إلى أن خطة بوتين للسلام تهدف إلى مساعدة سلطات كييف ومسلحي جنوب شرق أوكرانيا على التوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات اللازمة لتخفيف التوتر وتنفيذ هذه الخطوات.
وأوضح الرئيس الاوكراني بترو بوروشينكو للصحفيين على هامش قمة الناتو في ويلز عقب لقائه زعماء الدول الرئيسة في الحلف الخميس أن "القوات الأوكرانية ستتلقى أمرا بوقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة الحادية عشرة صباحا (حسب توقيت غرينيتش) يوم الجمعة اذا تم توقيع خطة السلام التدريجية في مينسك"، خلال لقاء مجموعة الاتصال ، ومع ذلك تستمر العمليات العسكرية التي تقوم بها كييف ضد شرق أوكرانيا، وتحصد عشرات القتلى من المدنيين والعسكريين.
وفاقمت قمة الحلف الأطلسي، الأزمة الأوكرانية وزادت من توتر العلاقات الغربية ـ الروسية، وقد جاء بحث القمة لموضوع دور الناتو في حل الأزمة الأوكرانية بعد يوم من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحاته لحل النزاع المسلح في جنوب شرق البلاد، إلى جانب ورود أنباء واعدة عن نتائج مكالمته الأخيرة مع نظيره الأوكراني بيوتر بوروشينكو.
وأعلن، الأطلسي أنه سيدعم "كل محاولة لإيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية"، بيد أنه جدد موقف الناتو المعروف الداعم لمزاعم كييف عن وجود قوات روسية في أوكرانيا ومشاركتها في المواجهات بين مقاتلي "الجمهوريتين الشعبيتين" في جنوب شرق البلاد والعسكريين الأوكرانيين.
ولم يكن مفاجئا أن أعربت القمة عن دعم الناتو الكامل لأوكرانيا ولرئيسها بيوتر بوروشينكو الذي حضر القمة بصفته مدعوا. وأعلن الأطلسي عن نيته تقديم مساعدات لكييف بقيمة 15 مليون يورو، فضلا عن تعهدات بعض الدول الأعضاء بمنح أوكرانيا مساعدات مالية وأخرى على المستوى الثنائي، وذلك لتمويل تحديث القوات المسلحة الأوكرانية في مختلف المجالات.
وأبقى الحلف الباب مفتوحا على تسليح أوكرانيا من ترساناته بصورة "غير مباشرة"، الأمر الذي يفتح أمام جهات مهتمة بذلك إمكانيات واسعة. فقد أكد الأدميرال فيليب بريدلاف، رئيس أركان قوات الناتو المشتركة في أوروبا أن دولا أعضاء كثيرة في الحلف تدرس خيارات تزويد أوكرانيا بالأسلحة وبالتقنيات العسكرية.
ودعا رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رونزي الناتو إلى الحذر في تعاطيه مع الأزمة الأوكرانية. وإذا كان رينزي قد اعترف بأن للحلف "دورا خاصا" في التسوية، إلا أنه حذر من خطورة تحوله إلى "عامل مزعج إضافي" في البلاد.
ولكن على الرغم من الأزمة الأسوأ التي تشهدها العلاقات بين موسكو والحلف بسبب الأحداث في أوكرانيا، لم تتناول القمة في اليوم الأول من أعمالها موضوع إلغاء المعاهدة الأساسية التي عقدتها روسيا والحلف عام 1997 والتي تحدد العلاقات الثنائية.