طرابلس وعكار بمواجهة التطرف والارهاب
يبدو أن هناك من يعمل لتظهير صورة لطرابلس يبدو فيها التطرف سيداً على خلاف ما هو واقع هذه المدينة الشمالية التي فيها من التنوع ما يعزل المتطرفين ومن يقف وراءهم. آخر مظاهر التطرف، ظهرت صباح اليوم مع استفاقة أهالي الميناء على كتابات طائفية ضد المسيحيين على حائط كنيسة مار الياس في شارع مار الياس. العبارة تقول :"جئناكم بالذبح يا عباد الصليب"! وقبل ايام عدة، اقدم مجهولون على كتابة "الدولة الاسلامية قادمة" على حائط كنيسة في القبة!.
واللافت أن الكتابة الجديدة جاءت بعد زيارة لافتة لهيئة قضاء طرابلس في التيار الوطني الحر الرئيس الأسبق لهيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي في طرابلس للاطمئنان على صحته ولفتح أفق جديد من الالتقاء!
هذه الظاهرة، لا شك أنها تقلق المسيحيين الذين يشكلون نسبة كبيرة من ابناء طرابلس والميناء ولديهم دور عبادة منتشرة في معظم الاحياء والشوارع الطرابلسية، وهم يتخوفون من تهديد العيش المشترك في المدينة الذي حافظوا عليه في سنوات المحنة خلال الحرب الاهلية المقيتة.
ويكبر الخوف بالرغم من حالات الاستنكار الكبيرة التي تشهدها طرابلس جراء هذه الظواهر خصوصاً أن من يقوم بمثل هذه الأعمال من مؤيدي "داعش" الارهابي وأخواته قد اعتدوا على أبناء وعناصر الجيش في عرسال، وذبحوا الرقيب في الجيش اللبناني الشهيد علي السيد ابن فنيدق العكارية، ولم يوفروا ابناء الدين والمعتقد الواحد!
الاستنكار في طرابلس للشعارات الطائفية، والغليان في فنيدق لذبح ابن المؤسسة العسكرية. هذه هي صورة الشمال اللبناني، فأبناء مدينة طرابلس واهلها لم يؤيدوا يوماً هذه الشعارات ولم يقروا ممارسات، ومشايخ المدينة المعروفون باعتدالهم يحرمون هذه الاعتداءات ويؤكدون "احتضان المسيحيين والوقوف الى جانبهم " ويعتبرون "ما يحدث ليس إلا حوادث فردية يقدم عليها أناس معروفو التوجه، وهم ليسوا من أهل طرابلس ويحاولون ان يرعبوا اهالي المدينة بأفعالهم واقوالهم".
ولقيت هذه الظاهرة استنكاراً واسعاً ووجهت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن مع كنائس المدينة، كما وجهت دعوات الى القوى الامنية والجيش اللبناني للعمل على حماية دور العبادة والسعي لكشف الفاعلين وتوقيفهم باسرع وقت ممكن.
فنيدق تغلي ... وتتوعد بالانتقام للشهيد السيد
اما في منطقة فنيدق العكارية، فحالة الغضب تكاد لا توصف إزاء ما ارتكبه من يصفهم الاهالي بـ"الوحوش الارهابية" التي ذبحت الرقيب السيد. الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صدمت ذوي الشهيد واهالي قريته الذين لم يستوعبوا ما حدث، وثمة من يتخوف من انعكاس هذا الغضب على النازحين السوريين الذين يتواجدون بالمئات في المناطق العكارية.
وفي حديث لموقع "العهد الاخباري" أشار النائب السابق وجيه البعريني إلى تضليل اعلامي يحاول حرف حقيقة ما جرى مع الشهيد علي السيد، مؤكداً "ان ما اقدمت عليه تنظيمات "داعش" و"النصرة" من اختطاف للعسكريين اللبنانيين هو عمل كبير لا يمكن ان يمر مرور الكرام!.
وأضاف البعريني ابن منطقة فنيدق العكارية، أن اقدام تلك المجموعات على ذبح الرقيب في الجيش اللبناني الشهيد علي السيد يثبت مدى خطورة وإرهاب هذه المجموعات التي لا تعرف إلا القتل والذبح والاعتداء على الناس وأكل القلوب والأكباد وهي لا تمثل الاسلام في شيء".
واستنكر البعريني ما تسعى اليه بعض الوسائل الاعلامية المعروفة الى حرف حقيقة ما جرى مع الشهيد السيد، في خطوة اعلامية شيطانية والباسها لطائفة معينة في سبيل إحداث فتنة بين اللبنانيين وشرخ بين الجيش اللبناني، وهو ما تسعى اليه تلك المجموعات الارهابية.
واكد البعريني وقوف اهالي فنيدق خاصة وعكار عامة الى جانب الجيش اللبناني والمؤسسة العسكرية داعيا الى العمل على اطلاق سراح باقي الاسرى العسكريين دون اي شرط او قيد، فهيبة الدولة لا يمكن ان تنكسر امام عدد من المسلحين الارهابيين ، وطالب الحكومة باستيعاب خطورة الموضوع والعمل على حله لما له من انعكاسات سلبية على الشارع في حال استمرار حالة الشهيد السيد مع العسكريين الباقين.
وتوجه البعريني بأحر التعازي الى اهل الشهيد علي السيد الذي قدم دماءه في سبيل حماية الوطن، متمنياً الافراج عن العسكريين الباقين وعودتهم الى اهلهم سالمين.