يستمر التحول في المزاج الغربي إزاء ظاهرة "الدولة الاسلامية "الارهابية، ويوماً بعد يوم يزداد الحديث عن خطورة هذه الظاهرة التي تتجاوز إقليم منطقة الشرق الاوسط لتصل إلى أوروبا والولايات المتحدة الاميركية. ومع الحديث عن مخاطر " داعش"، ترى بعض الصحف الاميركية "أنه لا محالة من انجرار الولايات المتحدة إلى مزيد من التصعيد في مواجهة تنظيم " داعش"، فيما تشير صحف اوروبية إلى ضرورة تجفيف مصادر تمويل "داعش" من قبل الدول الداعمة والراعية لها لا سيما قطر والسعودية والكويت وفق ما تقول هذه الصحف .
ضرورة التصعيد لمواجهة تنظيم "داعش"
وفي الوقت الذي تبدو الإدارة الأميركية مترددة حتى الان، في توسيع المواجهة ضد "داعش" وزيادة الضربات الجوية للتنظيم الإرهابي في العراق وسوريا، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب تشارلز بلو قال فيه إنه "لا محالة من انجرار الولايات المتحدة إلى مزيد من التصعيد لمواجهة تنظيم "داعش"، وخاصة في ظل التهديدات المتزايدة التي صار يشكلها التنظيم"، وأشار الكاتب إلى أن إدارة الرئيس أوباما تدرس خيارات توسيع حملتها الجوية على مواقع تنظيم "داعش" في العراق لتشمل أماكن انتشاره في سوريا، وخاصة أن مسلحي التنظيم يتحركون اياباً وذهابا بين الدولتين المتجاورتين في الشرق الأوسط".
واشار الكاتب إلى أن هناك مطالبات كثيرة لأوباما بتشكيل تحالف دولي من أجل مواجهة تنظيم "داعش" في مهده في الشرق الأوسط، وذلك قبل انتشاره في المنطقة برمتها، وبالتالي تهديده الولايات المتحدة نفسها في بيتها، وسط انتقادات لأوباما لكونه المسؤول عن صعود التنظيم وانتشاره.
وكذلك سألت صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية من سيوقف اعتداءات تنظيم "داعش" في منطقة الشرق الأوسط إذا لم يكن لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما إستراتيجية لمهاجمة "جهاديي" التنظيم في سوريا كما أفصح قبل يومين من البيت الأبيض.
وقالت الصحيفة إن تصريح أوباما يعكس حقيقة أن أميركا ـ رئيسا وشعبا ـ غير مهتمة كثيراً بمساعدة أولئك الذين لن يساعدوا أنفسهم أولا وهذا ما جعله يتخذ هذا الموقف العدائي من الشكاوى الدولية بشأن الغياب الأميركي وجعل الولايات المتحدة توافقه على ذلك.
وأعلن البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ الكونجرس رسميا يوم الاثنين بأنه وافق على توجيه ضربات جوية مستهدفة في العراق. ويتعين على أوباما أن يخطر الكونجرس بهذا التفويض بموجب قرار الصلاحيات المتعلقة بالحرب.
وقالت كيتلين هايدن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إن "هذه العملية متسقة مع المهام العسكرية التي وضعت حتى الآن في العراق.. المتمثلة في حماية الموظفين الأميركيين والمنشآت الأميركية وللتعامل مع الوضع الإنساني على الأرض".
القضاء على الإرهاب يتطلب وقف تجفيف منابع تمويله
ولكن القضاء على "داعش" لا يتطلب فقط توسيع الضربات الجويّة ضده، بل لا بد من تجفيف منابع تمويله، والضغط على بعض الدول الإقليمية التي تغذيه بالمال والسلاح، وفي هذا الإطار قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن "القضاء على الإرهاب يقتضي وقف الدعم البريطاني للسعودية"، لافتة الى أن "علاقة الغرب مع الديكتاتوريات في الشرق الأوسط لعبت دورا خبيثاً في صعود الإرهاب، فيما بينت أن قطر لديها أسوأ سجل من التعاون في مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة".
ونشرت الصحيفة مقالاً لأوين جونز بعنوان "للقضاء على الإرهاب، على بريطانيا إنهاء دعمها للسعودية"، جاء فيه، أن " السعودية تبرعت بمبلغ 100 مليون دولار امريكي لدعم برامج لمكافحة الإرهاب، إلا أنها وفقاً لمذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون المسربة، تعتبر اكبر ممول للمجموعات الإرهابية المنتشرة في العالم".
وأضاف جونز، أن "علاقة الغرب مع الديكتاتوريات في الشرق الأوسط لعبت دورا خبيثاً في صعود الإرهاب"، مبينا أن "الحرب على الإرهاب بدأت منذ 13 عاماً، إلا أنه ما من إنسان عاقل سيهلل للنجاح الذي تم تحقيقه خلال هذا الوقت".
ولفت الكاتب الى أن "التدخلات العسكرية لم تكن ناجحة بل كارثية"، موضحا أن "الكثير من البريطانيين باتوا يشعرون بأن بلادهم أقل أمناً مما كانت عليه". وتابع جونز أن "الجهاديين المتشددين يعبثون في سوريا والعراق، إضافة الى أن ليبيا اصبحت تخضع للميليشيات الإسلامية"، مشددا على أن "نتائج الحرب على الإرهاب هي فشل يليه المصائب".
وبين، أن "الوثائق السرية الموقعة من قبل وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون، والتي نشرتها ويكيليكس، تؤكد أن قطر لديها أسوأ سجل من التعاون في مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة"، مشيرا الى أن "الغرب هو متحالف مع هذه الأنظمة عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا كما أن البعض منها أنظمة وحشية".
وأوضح جونز انه "في الوقت الذي يطالب فيه الغرب قطر بالتوقف عن دعم الإرهاب الدولي، فإن بريطانيا تسلح قطر الديكتاتورية بالأسلحة وتبيعها معدات وأسلحة بملايين الجنيهات الإسترلينية".
تمويل ودعم من الكويت وقطر والسعودية
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "داعش" حصل على تمويل من متبرعين في الكويت وقطر، كما أن السعودية أرسلت الأسلحة إلى المعارضة السورية دون الاكتراث بما إذا كان بعضها سيصل إلى يد التنظيم الإرهابي، بالإضافة إلى دور تركيا في السماح للتنظيم بتمرير العناصر والأسلحة.
وشددت الصحيفة الأميركية على أن كل ذلك "يجب أن يتوقف". ورأت أن "الرد الضروري على داعش" لا يمكن ان تخوضه الولايات المتحدة بمفردها، دون إشراك دول إسلامية، مشيرة الى أن الرد على الارهاب ينبغي أن يكون "بنطاق أوسع وبمدى زمني أطول".
وقال خبراء إن تنظيم "داعش" الارهابي، أصبح من أغنى التنظيمات المسلحة في العالم بعد سيطرته على ثلث مساحة سوريا، ونصف مساحة العراق تقريبا.
وبحسب وكالة الأناضول فان التقديرات تختلف حول الإيرادات التي يستطيع أن يجنيها التنظيم الإرهابي من الأماكن التي يسيطر عليها، ففي الوقت الذي يقول خبراء ومسؤولون إنه يستطيع أن يتحصل على إيرادات تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين دولار شهريا، يقول البعض الآخر إن الحقول النفطية وحدها التي يسيطر عليها تستطيع أن تدر دخلا يتراوح ما بين مليون إلى مليوني دولار يوميا.
ورغم هذا الاختلاف في تقدير إيرادات التنظيم، إلا أن خبراء أكدوا أن تلك الموارد قد تكفي لتمويل التنظيم ذاتيا، وتوسيع نطاق عملياته دون الاعتماد على أي تمويل خارجي.