يوماً بعد أخر تتفاقم الأزمة بين روسيا والدول الغربية، وذلك مع اشتداد النزاع في شرق اوكرانيا بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا، لا سيما على خلفية الاتهامات التي وجهت مؤخراً إلى روسيا بإدخال قوات إلى شرق أوكرانيا. ولهذا السبب يجتمع قادة الاتحاد الاوروبي السبت للرد على التصعيد الجديد لروسيا في اوكرانيا ولتعيين مسؤولين اوروبيين جدد بعد محاولة اولى لم تثمر في تموز/يوليو. ويلتقي رؤساء الدول والحكومات عصرا في قمة في بروكسل على وقع اتهام روسيا بارسال قوات في شكل مباشر الى اوكرانيا والتسبب بخطر حرب مفتوحة بين البلدين.
وفي نهاية تموز/يوليو، عمدت الدول الـ28 الى تشديد عقوباتها بحق موسكو عبر تبني اجراءات تستهدف قلب الاقتصاد الروسي للمرة الاولى. لكن موقف موسكو يجبر القادة الاوروبيين على بحث تبني عقوبات جديدة لممارسة مزيد من الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين.
قمة اوروبية على خلفية الأزمة الأوكرانية
وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "اعلنا بوضوح دائما انه سيتم النظر في عقوبات جديدة اذا حصل تصعيد جديد"، فيما قال مصدر دبلوماسي اوروبي "ثمة توافق على الحاجة الى رد اكثر حزما".
ودعت اوكرانيا الاوروبيين الى تزويدها مساعدة عسكرية. لكن هذا الطلب لن يمر داخل المجلس الاوروبي. وقد تراوح الاجراءات الجديدة بين اضافة اسماء افراد الى قائمة العقوبات المحددة الهدف وتوسيع العقوبات الاقتصادية بحيث تشمل قطاعات جديدة.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يحدث حاليا في أوكرانيا بالمأساة المشتركة للشعبين الروسي والأوكراني، مجددا الدعوة لوقف الاقتتال وإطلاق عجلة الحوار.
ودعا الرئيس الروسي أثناء لقائه مع المشاركين في منتدى "سيليغير" الشبابي الغرب إلى الاعتراف بأن السلطات الأوكرانية غير قادرة على إحلال الإستقرار في البلاد، مضيفا أن على الغرب أن يدفع كييف لإطلاق مفاوضات شاملة مع جنوب شرق البلاد.
وقال الرئيس الروسي: "أنا فهمت موقف شركائنا الذين يقولون نعم، يجب الجلوس إلى طاولة المفاوضات. لكنه يجب الآن السماح لقوات أوكرانيا بإطلاق النار قليلا – قد تتمكن من ترتيب الأمور هناك بسرعة".
وأضاف: "إن هذا لم يحدث وحان الوقت لإدراك هذه الحقيقة، ويجب دفع السلطات الأوكرانية إلى بدء مفاوضات متكاملة في جوهر الموضوع".
وقال بوتين إن الجانب الروسي تحدث كثيرا مع قيادة أوكرانيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية عن ضرورة إنهاء الحرب بين الإخوة والجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن كييف قامت بوقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوع بشرط إلقاء قوات الدفاع سلاحها أو القضاء عليها.
وأكد أن ذلك الإنذار النهائي غير مقبول، مضيفا أن المواطنين الذين حملوا السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم لم يوافقوا على هذه الشروط بطبيعة الحال. وأكد بوتين أن الروس والأوكرانيين شعب واحد في الأصل.
من جهة أخرى اعتبر الرئيس الروسي قرار القيادة العسكرية الأوكرانية بعدم السماح لقواتها المحاصرة في شرق أوكرانيا بالخروج من منطقة المعارك من خلال ممر إنساني خطأ جسيما، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا.
وقال بوتين إن قصف القوات الأوكرانية لمدن شرق أوكرانيا يذكّره بقصف القوات الألمانية الفاشية لمدينة لينينغراد أثناء الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أنه يتفهم تماما قوات الدفاع في جنوب شرق أوكرانيا التي تسعى إلى إبعاد المدفعية والأسلحة الثقيلة الأوكرانية من المدن.
لافروف: كل الاتهامات بإرسال قوات روسية إلى أوكرانيا عارية عن الصحة والغرب لا يقدم أية أدلة
إلى ذلك، رفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاتهامات الموجهة إلى روسيا بشأن "تدخلها" في أوكرانيا، مشيرا إلى أن هذه الاتهامات وجّهت إلى روسيا أكثر من مرة، من دون تقديم أية أدلة تثبت ذلك.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني جواد ظريف في موسكو يوم الجمعة 29 أغسطس/آب، "لم تُقدّم لنا أية وقائع بشأن "التدخل" أو غيره من المسائل. يبدو لي أن إخفاء الوقائع هو الطابع الخاص لسياسة الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بشأن ما يحدث في أوكرانيا".
وأضاف أن موسكو تدعو شركاءها الأمريكيين والأوروبيين إلى تقديم أدلة على مثل هذه الاتهامات. وأكد لافروف أن موسكو تسعى إلى الاتفاق على تقديم ضمانات من قبل كل من كييف وقوات الدفاع الشعبي في شرق أوكرانيا وكذلك السلطات الروسية بشأن تأمين إيصال المساعدات من روسيا إلى المحتاجين في شرق أوكرانيا.
وأعلنت السفارة الروسية في كييف السبت 30 أغسطس/آب اختفاء اثنين من موظفيها كانت السلطات الأوكرانية قد أقرت في وقت سابق باحتجازهما.
وقالت السفارة:" نفت وزارة الداخلية الأوكرانية في بيان علني احتجاز أجهزتها الأمنية اثنين من موظفي السفارة الروسية في كييف، رغم أن الخارجية الأوكرانية أقرت بواقعة احتجازهما في مذكرة رسمية صادرة عنها في 27 أغسطس/آب، لذا وانطلاقا من هذا التضارب في تصريحات السلطات الأوكرانية تجد السفارة الروسية في كييف نفسها مضطرة للإعلان رسميا عن اختفاء اثنين من موظفيها على الأراضي الأوكرانية هما السكرتير الثالث أندري غولوفانوف والملحق ميخائيل شورين".
منظمة الامن والتعاون قلقة لاتساع رقعة المعارك في شرق اوكرانيا
من جهة اخرى، اعرب الرئيس الحالي لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا السويسري ديدييه بوركهالتر الجمعة عن قلقه حيال اتساع رقعة المعارك في الاونة الاخيرة في شرق اوكرانيا و"المعلومات" عن وصول قوات ومعدات عسكرية روسية. وقالت المنظمة في بيان ان بوركهالتر "اعرب عن قلقه الكبير لتوسع المواجهة العسكرية نحو مناطق جديدة في شرق اوكرانيا ولتصاعد التوتر".
واضاف بوركهالتر بحسب البيان ان "المعلومات عن تدفق متزايد لطواقم عسكرية ومعدات عسكرية مصدرها روسيا الاتحادية ودخولها اوكرانيا، تثير قلقا كبيرا وينبغي ان تكون موضع تحقيق كامل".
وذكّر بوركهالتر "بوجوب ان يحترم كل الاطراف وفي اي وقت وحدة اراضي اوكرانيا وسيادتها"، مؤكدا ان عدم التزامهم هذا الامر "يتنافى مع القانون الدولي والمبادىء الاساسية لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا".
ولفت الى ان بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الامن والتعاون في اوكرانيا اقامت قاعدة في ماريوبول، المدينة الساحلية المهمة التي اقترب منها المتمردون في الايام الاخيرة. واوضح ان البعثة تعزز وجودها في هذه القاعدة بهدف "توسيع انشطة المراقبة في المنطقة وتقديم معلومات مؤكدة حول التطورات الراهنة".