ضياء أبو طعام
في غضون أيام على بدء تحرك الحوثيين السلمي لإسقاط الحكومة اليمنية التي تشكلت كردّة فعل على ثورة سلمية مماثلة في شباط/فبراير عام 2011، بات الحوثيون يقبضون على عنق المبادرة العربية التي شاركت 10 دول في صياغتها ورعايتها، من بينها الولايات المتحدة الأميركية، والتي على أساسها تشكلت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأطاحت بسلطة الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وعليه، فإن حمّى دبلوماسية ما زالت حتى الساعة جمراً تحت رماد، يمكن أن تتحوّل فجأة إلى مخاض ٍ لا يعرف أحد ماذا ستكون مخرجاته في اليمن.
ضيف الله الشامي: هذا ما طرحه وفد الرئيس على "السيد".. فرفضنا
وبكل هدوء، لا يجد المسؤول الإعلامي للمكتب السياسي لحركة "أنصار الله" ضيف الله الشامي، ما يثير الهواجس المخيفة في دخول التحرك المطلبي لإسقاط الحكومة مرحلته التصعيدية الثانية، قائلاً إن "التظاهر على خط المطار لا يعني قطع الطرقات بوجه المسافرين الذين من حقهم أن يغادروا أو يزوروا اليمن ساعة يشاؤون وبكل حرية". ويؤكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن "الحوثيين لن يتراجعوا عن مطالب الشعب اليمني، الذي بدأ أبناؤه بالتوافد من كل المحافظات لمشاركة إخوانهم الحوثيين في مطالبهم المشروعة المتمثلة بإسقاط الحكومة ورفض الجرعة السعرية" (رفع أسعار المشتقات النفطية).
المسؤول الإعلامي للمكتب السياسي لحركة "أنصار الله" ضيف الله الشامي
وحول مضمون زيارة الوفد الرئاسي إلى صعدة أمس ولقاء السيد عبد الملك الحوثي، يكشف الشامي أن "الوفد لم يأتِ للتفاوض، وإنما لإيصال رسالة ومعرفة ردنا عليها". وأوضح أن الوفد حمل للحوثيين رسالة من ثلاثة بنود أساسية:
- إحتفاظ الدولة اليمنية بحق استخدام كل الوسائل المشروعة للدفاع عن الأمن والسلم الاجتماعي ومخرجات الحوار الوطني.
- الرئيس هادي يمد يده للحوثيين، ويدعوهم للمشاركة في حكومة وحدة وطنية حيث يمكنهم استكمال الحوار الوطني من داخل المؤسسات.
- لا رجوع عن الجرعة السعرية، لأن الدولة ستنهار في هذه الحالة.
وبحسب الشامي فقد رد السيد الحوثي بالقول إن "الحكومة الحالية لا تدرك مدى خطورة قراراتها على حياة اليمنيين، والحوثيون جدّيون في رفض المساومة على حقوق الشعب، وبالتالي فعرض البيع والشراء لا سوق له عندنا".
المسؤول الإعلامي للمكتب السياسي لحركة "أنصار الله" أكد أن المرحلة الثانية من الحراك الشعبي بدأت وأن هناك مراحل تصاعدية كثيرة سقفها السلمية والمشروعية، وفي حال تعرّض المعتصمون والمتظاهرون لأي اعتداء، فإن يد المعتدي ستُقطع، ونقطة في أول السطر".
مصدر دبلوماسي: وفد يمني حكومي إلى سلطنة عُمان يعود بخفّي حُنين
خارجياً، وفيما كانت الدول الكبرى تتداعى إلى منابر التحذير من أعمال عنف في اليمن، كان وفدٌ حكومي يمني يتوجه إلى مسقط عاصمة سلطنة عمان للقاء مسؤولين في وزارة الخارجية العُمانية قيل إن مهمته التوسط مع الحوثيين من أجل التهدئة والقبول بـ"عرض هادي" الانضمام إلى الحكومة.
لكن مصدراً دبلوماسياً خليجياً أكد لـ"العهد" الإخباري أن وفد عُمان تشكل بناءً على اتصال تشاوري عاجل بين الرئيس هادي ودوائر عليا في الديوان الملكي السعودي، مضيفاً أنه "ليس خافياً على أحد العلاقة التي تربط سلطنة عمُان بالجمهورية الاسلامية الايرانية والتي جعلت منها خلال الأعوام الماضية مركز "ترانزيت تفاوضي" بين طهران وسائر دول الخليج، ولذلك فإن ما حمله الوفد كان موجّهاً بشكل رئيسي إلى طهران لحثّها على لعب دورها في التأثير على الحوثيين". وبحسب المصدر الدبلوماسي فقد عاد الوفد إلى مطار صنعاء "بخفّي حُنين".
ساعات مضت، وأعلن السيد عبد الملك الحوثي عن الإنتقال إلى مرحلة التحرك التصعيدية الثانية. ما يعني واقعاً، أن حساب "بيدر مسقط" لم يختلف عن حساب "فدّان صعدة". كل ما تغيّر، هو زيادة في عدد الطلعات الجوية للمروحيات الحكومية اليمنية فوق صنعاء تحسباً من أي انتشار حوثي مسلّح، مع إجراءات أمنية غير مسبوقة في محيط المقرّات الحكومية داخل العاصمة.
وفيما يتعلق بتحذيرات الدول الكبرى، يعلّق المصدر: "إن أعمال العنف في اليمن لم تتوقف يوماً. بالأمس كانت عمران، واليوم تشهد الجوف معارك لا تقل عنفاً عن جارتها الغربية، لم يعد مجلس الأمن يردع مجموعة مسلحة صغيرة من مجموعات المسلحين في سوريا، فلماذا سيردع الحوثيين في اليمن؟".
إذاً، وبعد هذه الأحداث، فإن حركة "أنصار الله" تمددت داخل اليمن بشكل لم يكن يتوقعه أحد، وتأثيرهم الخارجي بات لا يقل قوة عن تأثير الـ"....". فلندع كتابة الكلمة الأخيرة من هذا المقال إلى الأيام المقبلة.