زادت الولايات المتحدة الاميركية وتيرة غاراتها الجويّة ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق على وقع تصاعد الدعوات لإرسال المزيد من الجنود إلى بلاد الرافدين للقضاء على التنظيم المتطرف الذي يبدو أنه تجاوز خطوطاً حمراء أميركية ولم يعد بالامكان إشاحة النظر عن جرائمه الوحشية وآخرها إقدامه على تحدي واشنطن بعد شنها غارات على مواقعه من خلال قطع رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي والتهديد بقطع رأس صحافي اميركي آخر يدعى ستيفن جويل سوتلوف وتوثيقه لجريمته الاخيرة بشريط مصور !
وقد تدحرجت المواقف الأميركية بدءاً من الرئيس الاميركي باراك اوباما وصولاً إلى المسؤولين الاخرين الذين راعهم قتل صحافي اميركي بينما كانوا يغضون الطرف عن قتل وجرح وتهجير الآلاف من الاقليات المسيحية والايزيدية شمالي العراق فضلا عن اباحة دماء المسلمين سنة وشيعة في العراق وغيره.
وقال أوباما إن العالم بأسره راعه القتل الوحشي لجيمس فولي"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في عمل ما يلزم لحماية رعاياها.
حرب أميركية ـ داعشية على أرض العراق
وأكد أوباما أن "شعوب وحكومات الشرق الأوسط يجب أن تبذل جهدا مشتركا لاجتثاث هذا السرطان حتى لا ينتشر، ويجب أن يوجد رفض واضح لهذه الايديولوجيات العدمية. يمكننا جميعا الاتفاق على أن جماعات مثل تنظيم الدولة الاسلامية ليس لها مكان في القرن الحادي والعشرين".
* دعوات لمزيد من الضربات الجوية ضد "داعش"
وفي موقف لافت، دعا السيناتور الجمهوري جون ماكين إلى زيادة كبيرة في الضربات الجويّة الأمريكية ضد "داعش" في العراق، وقال "إن الهجمات يجب أن تمتد أيضا إلى سوريا".
وقال ماكين لـ"رويترز"، إن ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي بيد مسلحي "داعش" يجب أن يكون نقطة تحول في مداولات الرئيس باراك أوباما بخصوص كيفية التعامل مع الجماعة".
وفي سياق متوازٍ، اعلن مسؤول اميركي كبير ان وزارة الحرب تنوي ارسال "نحو 300" جندي أميركي اضافي الى العراق بناء على طلب الخارجية الاميركية.
وهذه القوات ستكون مهمتها المساعدة في حماية المقار الديبلوماسية الاميركية وترفع عدد الجنود والمستشارين العسكريين الاميركيين الموجودين في العراق إلى 1150 جنديا.
وينتشر حاليا في العراق نحو 850 جنديا ومستشارا أميركيا تتمثل مهمتهم في حماية الموظفين والمباني الدبلوماسية الاميركية واسناد الجيش العراقي والقوات الكردية ضد "داعش".
* ضربات جويّة بعد اعدام فولي
في هذا الوقت، واصلت القوات الأمريكية ضرب أهداف تابعة لـ"داعش" شمالي العراق وبلغت 14 غارة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية على الرغم من التهديدات التي اطلقها تنظيم "الدولة الاسلامية " الثلثاء بقتل رهينة اميركي ثان لديه.
وأوضحت القيادة العسكرية الاميركية التي تغطي منطقتي الشرق الاوسط ووسط آسيا الاربعاء "ان الغارات التي نفذتها طائرات مطاردة واخرى بدون طيار، تركزت على محيط سد الموصل الذي استعادته القوات الكردية الاحد، ودمرت "ست ( عربات نقل) هامفي وثلاثة مواقع للعبوات الناسفة، وأنبوب هاون وشاحنتين مسلحتين تابعة لمسلحين".
وأوضح المصدر ذاته ان واشنطن نفذت 84 غارة جويّة في العراق منذ الثامن من آب (أغسطس) منها 51 غارة بهدف اسناد القوات العراقية قرب سد الموصل.
* "الدولة الاسلامية" أنذر عائلة فولي بأنه سيقتل ابنها
هذا، واعلن أحد ارباب عمل الصحافي الاميركي جيمس فولي ان تنظيم "الدولة الاسلامية" انذر عائلة فولي بعيد بدء الضربات الجويّة الاميركية على مواقعه في شمال العراق بأن ابنها سيقتل.
وقال فيليب بالبوني مدير عام موقع "غلوبال بوست" الاخباري الذي كان فولي يعمل لحسابه اثناء تغطيته النزاع في ليبيا ثم في سوريا حيث خطف في نهاية 2012، إن خاطفي الصحافي الاميركي كانوا على اتصال بعائلته وبه شخصيا خلال الاسابيع التي سبقت اعدام جيمس فولي على ايدي المسلحين.
وقال بالبوني لشبكة "ام اس ان بي سي" التلفزيونية الاميركية "كنا على اتصال بالخاطفين وبدا انهم كانوا في وقت ما متقبلين لفكرة التفاوض على اطلاق سراحه".
ولكن الخاطفين غيروا موقفهم لاحقا و"قطعوا الاتصال معنا ومع العائلة"، كما اضاف. واوضح انه بعد بدء الغارات الجوية الاميركية في العراق في 8 آب/اغسطس، هدد تنظيم "الدولة الاسلامية" عائلة فولي بأنه سيقتل ابنها.
وقال "لم نذع هذا الامر ولكن العائلة تسلمت بعد بدء الغارات رسالة تؤكد ان جيمس سيتم اعدامه".
* عملية أميركية فاشلة لتحرير رهائن لدى "داعش"
وفي محاولة من واشنطن لرفع المسؤولية عن تسببها بمقتل مواطنها، وإظهار اهتمامها بمصير مواطنيها، أعلنت ليزا موناكو كبيرة مستشاري الرئيس باراك اوباما لشؤون مكافحة الارهاب انه "في وقت سابق خلال هذا الصيف اعطى الرئيس (باراك اوباما) موافقته على عملية ترمي الى انقاذ مواطنين اميركيين مختطفين ومحتجزين رغما عنهم من قبل تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا".
واضافت في بيان ان "الحكومة الاميركية اعتقدت ان لديها ما يكفي من المعلومات الاستخبارية، وعندما حانت الفرصة اجاز الرئيس للبنتاغون بالشروع سريعا بتنفيذ عملية هدفها انقاذ مواطنينا". ولكن العملية فشلت "لان الرهائن لم يكونوا موجودين" في المكان الذي حددته الاستخبارات الاميركية، كما اضافت المسؤولة في البيت الابيض.
من جهته قال "البنتاغون" ان هذه العملية شاركت فيها عناصر من سلاحي الجو والبر و"كانت تركز على شبكة احتجاز محددة داخل تنظيم الدولة الاسلامية". ولم يحدد اي من البيت الابيض او "البنتاغون" هويات الرهائن الذين كانت العملية تستهدف اطلاق سراحهم ولا عددهم.
واوضحت موناكو انه "بالنظر الى ضرورة حماية القدرات العملانية لجيشنا لن نكشف عن اي تفصيل". وهي المرة الاولى التي تعلن فيها الولايات المتحدة عن عملية عسكرية من هذا النوع داخل سوريا منذ بدأ النزاع في هذا البلد في آذار/مارس 2011.
من جانبها نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين رفيعي المستوى في الادارة الاميركية لم تسمهم ان جيمس فولي كان من ضمن الرهائن الذين هدفت العملية الاميركية لتحريرهم والتي شارك فيها عشرات الجنود. وأوضحت الصحيفة انه خلال العملية اصيب احد افراد قوة الكوماندوس الاميركية بجروح خلال تبادل عنيف لاطلاق النار بينهم وبين مقاتلي "داعش".
ومساء الاربعاء أعلنت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الاميركي كيتلين هايدن ان الولايات المتحدة "لم تكن ترغب ابدا بالكشف عن هذه العملية". وأضافت "لقد قررنا الكشف عن هذه العملية اليوم بعدما بدا لنا واضحا ان عددا من وسائل الاعلام يستعد للكشف عنها وانه لن يكون امامنا اي خيار سوى الاقرار بحصولها".