لم يعد محمد نافذ جعابيص (20عاماً) ليتناول طعام الغداء مع والدته في منزلهم في جبل المكبر شرقي القدس، على الرغم من أنه هاتَفها مؤكدا قدومه ليشاركها أكلته المفضلة، إلا أن 25 رصاصة كانت قاتلة بما يكفي لتسلب الحياة منه إلى الأبد.
فظهيرة الرابع من آب/أغسطس، قتل محمد مستوطنا وأصاب آخرين بعد أن قلب حافلة إسرائيلي بواسطة الجرافة في حي الشيخ جراح غربي مدينة القدس، قبل أن تطلق شرطة الاحتلال النار عليه ليرتقي شهيدا.
هشام جعابيص عم الشهيد، أكد، لموقع "العهد الاخباري"، أن محمد لم يكن ينفذ عملية "تخريبية" كما ادعت سلطات الاحتلال بل كان يدافع عن نفسه بعدما اعتدى عليه مجموعة من المستوطنين.
الشهيد محمد جعابيص
وأوضح أن مستوطنا أطلق النار على محمد الذي كان يتواجد في مكان عمله في شارع "شموئيل هنفي- الخط الفاصل بين الأحياء الشرقية والغربية في مدينة القدس، فهرب محمد إلى الجرافة ليحتمي بها إلا أن المستوطن استمر في إطلاق النار عليه، ما دفع محمد لتحريك الجرافة وقلب الحافلة الإسرائيلية القريبة وهو ما أدى لقتل مستوطن وإصابة آخرين.
وحاصر عدد من قوات شرطة الاحتلال محمد وقاموا بإطلاق أكثر من 25 رصاصة باتجاهه. وبين هشام أن شرطة الاحتلال كانت تتعمد قتل محمد على الرغم من أنها كانت تستطيع اعتقاله والتحقيق معه والبحث في مجريات الحادث.
جثمان الشهيد محتجز
مواجهات عنيفة اندلعت في أحياء مدينة القدس، كان أعنفها بالقرب من منزل الشهيد محمد جعابيص في جبل المكبر، بعد اقتحامه من قبل قوات كبيرة من جيش الاحتلال واعتقال والد الشهيد، وعلق هشام أن سلطات الاحتلال ما زالت تتعنت في موقفها الرافض لتسليم جثمان الشهيد محمد، مشيرا إلى أن العائلة أجبرت على التوقيع على وثيقة تلزمها بتشييع الجثمان بهدوء وبعدد قليل من المشيعين متعهدة بعدم اندلاع مواجهات في المكان.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال تتواجد بشكل يومي ومكثف في المنطقة، حيث أبلغت العائلة أنها تدرس الوضع العام وعندما ترى الوقت المناسب لتسليم جثمان الشهيد ستقوم بتسليمه.
يتحدث هشام عن الصدمة التي تعيشها العائلة منذ اعلان خبر استشهاد محمد -الشقيق الأصغر لأربعة شبان-، لافتاً إلى أن والدة محمد ومنذ تلقيها خبر استشهاده وهي تمتنع عن الأكل والشرب والكلام، في حين ما زالت العائلة تحاول استيعاب ما حصل بعد أن فقدت نجلها بلمح البصر.
والدة الشهيد محمد جعابيص
هشام نفى إدعاءات سلطات الاحتلال التي حاولت تلفيق تهمة لمحمد لتبرير جريمتها بقتله بـ 25 رصاصة اخترقت جسده من مسافة قريبة، مشيرا إلى أن العائلة وبعد أن تتمكن من دفن جثمان الشهيد محمد ستبدأ بإجراءات قانونية لملاحقة ومحاسبة الاحتلال، وفتح تحقيقات بحادثة اغتياله.
إحتجاجات
وتشهد مدينة القدس هبة شعبية شعبية بعد اغتيال محمد، وخصوصاً أنها تزامنت في وقت ليس ببعيد مع حادثة اختطاف الشهيد الفتى محمد أبو خضر (16 عاما) وتعذيبه وحرقه.
شرطة الاحتلال وفي بيانات متعددة لها، أكدت وقوع ثلاث عمليات بعد انتشار نبأ استشهاد محمد جعابيص موثقا بشريط الفيديو الذي وثق عملية إطلاق النار عليه.
مكان استشهاد محمد جعابيص
وجاء في بيانات شرطة الاحتلال، أن مجهولين على درجة نارية أطلقوا النار باتجاه جندي إسرائيلي في جبل الشرفات بالقرب من التلة الفرنسية ما أدى لإصابته بجروح في قدمه، فرض إثرها الاحتلال طوقا أمنيا على المنطقة وشن عمليات تفتيش وتمشيط واسعة، ليليها عملية دهس من قبل فلسطينيين لثلاثة مستوطنين تواجدوا في وادي الجوز شرقي المدينة، قامت إثرها قوات الاحتلال بتفتيش المنازل في الحي والاعتداء على سكانها.
أما العملية الثالثة فكانت محاولة طعن أحد جنود الاحتلال، استتبعها في اليوم التالي عملية طعن أخرى على مدخل مستوطنة معاليه أدوميم شرق مدينة القدس، ما أكد أن الهبة الشعبية في مدينة القدس تأخذ منحى جديدا في التصدي لقوات الاحتلال المستمرة في اقتحام أحيائها والاعتداء على سكانها.
على أن قوات العدو عاودت في أحياءالقدس استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، المياه العادمة، والرصاص الحي، ونوع جديد آخر من القنابل الذي لم تعرف ماهيته بعد، بهدف قمع المتظاهرين ما يشير إلى أن المدينة تشهد انتقالا لمرحلة ثورية جديدة قد تكون شعلة لانتفاضة ثالثة.