القدس المحتلة – شذى عبد الرحمن
بعد 35 عاماً من الإعلان عن "يوم القدس العالمي" ، ما زال مئات الآلاف يشاركون في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في كل عام، بمسيرات عالمية في الدول العربية والإسلامية، معلنين تمسكهم بمدينة القدس، ومطالبين بتحريرها وفك الحصار عنها.
الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني (قدس) كان أول من بادر لإقرار هذا اليوم العالمي عام 1979، وذلك خلال كلمة له جاء فيها "وإنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين. لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين".
حصار مطبق، قتل، واعتقال، هدم، وانتهاكات لحرمات المقدسات، قيود وتضييقات خانقة على المقدسيين، جرائم الاحتلال اليومية التي يمارسها في مدينة القدس بعد أن حرم المسلمين والعرب من الوصول إليها منذ احتلال جزئها الغربي عام 1948، ما يؤكد حاجة المدينة اليوم لثورة عربية وإسلامية حقيقية تخلصها منما تعيشه من جحيم الاحتلال منذ 66 عاماً.
يقول مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني، في حديث لموقع "العهد الاخباري"، إن "كل يوم يجب أن يكون يوما للقدس ونصرة الفلسطينيين"، داعياً المسلمين إلى كسر الحصار عن المسجد الأقصى.
القدس
منذ اليوم الأول لشهر رمضان، وتشهد باحات المسجد الأقصى تدنيسا مستمرا من قبل المستوطنين الذين شنوا اقتحامات يومية وجالوا في أنحائه وحاولوا تأدية طقوس تلمودية فيه، إضافة لإغلاق أبوابه أيام الجمع ومنع الفلسطينيين من المدن الأخرى من الوصول إليه، يعلق الكسواني، "هذا العام تميز بحصار شديد على المسجد الأقصى، ولم يسبق هذا العام أن رأينا قلة لتواجد المسلمين فيه كما هذا العام".
ويبين الكسواني أنه في العادة يشهد المسجد الأقصى خلال شهر رمضان تواجدا مكثفا للمسلمين، يبلغ في الجمعة الأولى 100 ألف ويرتفع في الجمعة الثانية إلى 270 ألفا، أما الجمعة الثالثة فيصل العدد أحيانا إلى 370 ألفا، وفي الجمعة الأخيرة يصل عدد المتوافدين إلى نصف مليون مسلم.
أما هذا العام، فيوضح الكسواني، أنه في الجمعة الأولى وصل عدد المصلين إلى 17 ألفا، والجمعة الثانية 14 ألفا، وفي الجمعة الثالثة فكان العدد 25 ألفا، "هذه الأعداد لا تذكر أمام الأعداد التي كانت تتوافد إلى المسجد الأقصى في السنوات الماضية، بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال على المسجد الأقصى، ومنع أهالي الضفة وغزة من الوصول إليه.
الكسواني يشير إلى أن الاحتلال يرتكب جرائمه بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس على مرأى ومسمع دول العالم، ويضرب عُرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية، مشدداً على أهمية "يوم القدس العالمي بهدف إطلاع العالم أجمع على ما يرتكبه الاحتلال في القدس".
آمال فلسطينية
يعلق المقدسيون آمالهم على يوم القدس العالمي، عسى أن ينقذ مدينته من هول ما تمر به تحت نير الاحتلال، المقدسية وردة أبو تايه من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، تقول لـ"العهد"، "يوم القدس العالمي هو صرخة أطلقها الإمام الخميني ، وبهذا اليوم على كل المسلمين الخروج بمسيرات ألفية تحمل رسائل التحرير من ظلم الاحتلال".
وقد انتشرت قوات الاحتلال في أزقة بلدة القدس القديمة، وأقامت الحواجز والمتاريس العسكرية. تعلق وردة قائلة "للجمعة الثالثة يمنعنا الاحتلال من دخول باحات المسجد الأقصى، ولكننا لن نستسلم وسنصلي على أبواب المسجد الأقصى وفي محيطه وفي أزقة بلدة القدس القديمة، ونحن نثق أن الله يضاعف أجرنا بذلك".
وعن الاهتمام العالمي في مدينة القدس، تقول وردة،" كل العالم الإسلامي والعربي مقصّر تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى، ها هي غزة تمر بعدوان مستمر ولا يوجد من يحرك ساكنا، ولا يوجد حتى صوت ينادي بفتح معبرها وإدخال الأدوية والأغذية لأطفالها".
وتوجهت وردة إلى شعوب العالم بالقول "أنا مقدسية ولدت وكبرت في مدينة القدس، أعاني كل يوم من جرائم وانتهاكات واعتداءات الاحتلال، لا أريد مساعدة مالية أو معنوية، ولكن أريد هبة عالمية تحرر مدينة القدس وتوفر لنا حياة حرة وكريمة".
من جهتها، تقول الناشطة المقدسية دعاء أبو شامة، لـ"العهد"، " يوم القدس العالمي، هو يوم مهم ويعني لي الكثير، فهو يعزز انتمائي في مدينة القدس، ويذكر العالم بأهميتها الدينية كأرض الرسالات ومهبط الأنبياء".
وتضيف دعاء،" يوم القدس العالمي هو ناقوس يقرع ليذكر العالم أن هذه الأرض المقدسة، أرض السلام غادرها السلام منذ سنوات عديدة وباتت تعيش أياماً عصيبة".
وتطالب دعاء "العالم العربي والإسلامي بنصرة أولى القبلتين وثالث الحرمين وحمايته من مشاريع الهدم المستقبلية التي يخطط لها الكيان الإسرائيلي"، مضيفة،" أن العالم الاسلامي يعيش حالة تغييب كلي عما يحدث في القدس ونحن نستنكر هذا الصمت القاتل واللامبالاة الباردة تجاه هذه الأرض المقدسة".