فلسطين– شذى عبد الرحمّن
متسلحين بالكلمة والصورة يواجه الناشطون الفلسطينيون المعركة التي شنتها أذرع الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تسعى من خلالها لتحويل الجلاد إلى ضحية، وشهداء غزة من أطفال ونساء إلى "إرهابيين" بنظر العالم.
مواقع التواصل الإجتماعي
فعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة لم يعد مقتصرا على أرض الواقع فقط، فأنشأ صفحات ناطقة بالعربية تشكك بالمقاومة وبالفصائل الفلسطينية واتهمتها بجر غزة إلى العدوان، كما وعززت صفحات لشخصيات عسكرية إسرائيلية تخاطب المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية، بهدف زعزعة الصف الوحدوي وتدمير معنويات أهالي غزة، ومولت سلطات الاحتلال صفحات بلغات متعددة تنقل لهم الأحداث بعين واحدة.
الناشطون الفلسطينيون لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل انضموا إلى ساحة المعركة ليقفوا صفا لصف بجانب المقاومة، متخذين من الصورة والكلمة سلاحا لفضح ممارسات الاحتلال وجرائمه التي يرتكبها في عدوانه المستمر على قطاع غزة على شبكات التواصل الاجتماعي.
صفحة مشبوهة
الناشطة الإعلامية جنى نبوت (21 عاما) من مدينة رام الله، بينت أن نشاطها في فضح جرائم الاحتلال على شبكات التواصل الاجتماعي، بدأ على صفحتها الشخصية على الفيسبوك إضافة لتطبيق "مخشير" اللاسلكي مشترك بين عدد من الصحفيين، وكان يتركز على نشر الأخبار العاجلة وإيصالها لأكبر عدد من الناس.
بنظر جنى وأصدقائها الفيسبوك لا يكفي لإيصال ما يجري للناس حول العالم، فانتقلوا للعمل بكثافة على موقع تويتر الاجتماعي، باستخدام اللغة الإنجليزية وبعدم الاكتفاء بالعواجل، بل صناعة القصص الإنسانية من الأخبار ليزيد تأثيرها ووقعها على الناس.
“The Israel Projec” صفحة إسرائيلية ممولة على موقع تويتر الاجتماعي، يتعدى المتابعون فيها حسب جنى (75) ألف متابع، وتؤكد جنى أن الصفحة حكومية وتم تمويلها لتصل لعدد أكبر للناس، وتنقل ادعاءاتها التي تعمل عليها حيث تبرر جرائم الاحتلال وتتهم الفلسطينيين بأنهم من يرتكبون الجرائم، وتقوم بتحريف وعكس الحقائق.
وردا على هذه الصفحة أوضحت جنى أنه تم إنشاء صفحة “The Palestine Project” تقوم على نشر القصص الإنسانية لمواطنين استشهدوا خلال العدوان المستمر على مدينة غزة، موضحة أنه يتم رفق هذه القصص بصور وبتعليق باللغة الإنجليزية وذلك عبر تعاون مشترك بين عدد من الناشطين والصحفيين الفلسطينيين يضخون المعلومات على هذه الصفحة، التي يتزايد متابعوها باستمرار، ويتم ربطها بـ هاشتاغ #gazaundertrack .
وتشمل مجموعة الناشطين تسعة شبان، اثنان من مدينة رام الله وسبعة آخرين من مدينة غزة، يستغلون تطبيقات الهواتف الذكية للتواصل فيما بينهم، لإنجاح عملهم في فضح ممارسات وجرائم الاحتلال.
وأشارت جنى إلى أنها والناشطين يستغلون اللغة الإنجليزية لتصل قصص الشهداء لأكبر عدد من الناس حول العالم، موضحة أنه تم استغلال الهاشتاغ العالمي #worldcups2014 والذي تناقله متابعو تويتر خلال المونديال، كما ويتم استغلال أي هاشتاغ إسرائيلي أو عالمي.
الإسرائيليون لم يسكتوا على نشاط الفلسطينيين وفضحهم للممارسات الاحتلال، فاستمروا في تكذيبهم والدخول بناقشات عديدة معهم، إلا أن جنى لفتت إلى أن متابعة الصفحة زادت باستمرار كما أن الآلاف حول العالم أظهروا اهتمامهم بمعرفة ما يجري في فلسطين وما يرتكبه الاحتلال من جرائم خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة.
الناشطة حنين القاضي (21 عاما) خريجة هندسة ديكور من مدينة غزة، أوضحت أن قوات الاحتلال أبادت أكثر من 24 عائلة بالكامل من بينها عائلة البطش التي راح ضحيتها 18 شهيدا وأكثر من 50 جريحا، ولا وسيلة لمواجهة الاحتلال بذلك إلا فضحه أمام العالم.
وأضافت حنين أنه يتم استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لإنجاح مهمته في إطلاع العالم على جرائم الاحتلال ومجازره في غزة، ولفتت إلى أن الناشط المصور عمر الصباح المتواجد في الميدان يزود الناشطين بصور الشهداء والجرحى والقصف المستمر على قطاع غزة تمهيدا لنشرها بجميع اللغات.
وأوضحت أن الكهرباء تنقطع عن القطاع 21 ساعة، وهو ما وضع الناشطين في مأزق، إلا أنهم يستغلون الثلاث ساعات للتغريد على تويتر بقصص إنسانية كثيرة ومتنوعة بلغات عدة.
تظاهرات دعم
تظاهرات كبرى تنظم في كافة المدن حول العالم، منددة بجرائم الاحتلال في مدينة غزة، وأوضحت حنين أن ذلك جاء بفعل التجاوب والتأثر بما يتم نقله على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولفتت إلى أن الاحتلال وأذرعه يقومون ببث مواد إعلامية مختلفة تظهرهم بالضحية وتظهر الفلسطيني بالجلاد، "الاحتلال هو من يملك الصواريخ والأسلحة المتطورة القاتلة، وما نملكه من سلاح لا يقارن بقوته بسلاح الاحتلال، والعالم أجمع يعي ذلك".
مواقع التواصل الاجتماعي سلاح آخر
وبينت حنين أنها شعرت أن ما تقوم به وزملاءها على شبكات التواصل الاجتماعي غيّر في ثقافة العالم حول ما يجري في غزة، وبات يصلها العديد من الرسائل تحتوي على استعدادات بتقديم مساعدات ومعونات لمدينة غزة.
وقد استطاع ناشطون في كندا جمع مبالغ مالية للتبرع بها لغزة، كذلك في ماليزيا، إلا أن إغلاق المعابر المؤدية إلى غزة يحول دون وصولها.
من جانبه، أوضح الناشط عبد الله سمير السعدي (22 عاما)، أن مهمته على مواقع التواصل الاجتماعي تتركز في ثلاثة محاور، وهي فضح جرائم الاحتلال وما يرتكبه من جرائم أمام العالم، ونقل ما يجري في غزة من أحداث وأخبار عاجلة، أما المحور الثالث فيتركز على تقوية الصفوف الداخلية للفلسطينيين وتوحيدهم وتعزيز ثقتهم بالمقاومة، ونقوم بتوعيتهم ونشعر بالطمأنينة والهدوء وخاصة أن الاحتلال يقوم بنشر الأخبار التي تبث الخوف في صفوف الناس.
وأوضح عبد الله، أن الإعلام الإسرائيلي لديه نقطة قوة باستغلال كل ما هو إنساني للحصول على التعاطف العالمي، لافتا إلى أن الناشطين استغلوا الهاشتاغات الإسرائيلية لبث المعلومات عن عدوان الاحتلال المستمر على قطاع غزة وهو ما ساعد بحصول المتابعين للهاشتاغات "الإسرائيلية" على معلومات من عين أخرى توضح لهم حقيقة ما يجري على أرض الواقع.
وأضاف، أن بعض الهاشتاغات الإسرائيلية يتم تمويلها للوصول إلى الناس ولكي لا تستطيع الهاشتاغات الفلسطينية تخطيها.
عبد الله تحدث عن إنشاء أذرع الاحتلال حسابات جديدة ممولة على صفحات التواصل الاجتماعي هدفها استفزاز الناشطين والفلسطينيين وتشكيكهم بالمقاومة وبمدى صمودهم، مؤكدا أن الناشطين يقومون بالرد على كل ما ينشر ويدخلون في العدد من النقاشات التي تنتهي بالعادة بنجاحهم بنقل الحقيقة وإثبات كذب الإسرائيليين.
وختاماً، عبد الله شدد على أن ما يقوم به والناشطون خلال العدوان المستمر على قطاع غزة يمثل 20% فقط من المفروض عمله، مبينا أن الكثير من الأعمال والمهام تقع على عاتق الناشطين بعد انتهاء العدوان لفضح مجازر الاحتلال بحق الغزيين.