معركة جرود القلمون: تقليص رقعة التسليح والقضاء على الارهابيين في المخابئ
حسين مرتضى
ما زالت التطورات الميدانية في جرود القلمون، والتي كانت عملية مباغتة وهجوم استباقي نفذه الجيش السوري، ضمن خطته العسكرية لفصل جرود القلمون السورية عن جرود سلسلة جبال لبنان الشرقية، والتي تشكل حلقة في استراتيجية الجيش السوري لايقاف تدفق الامداد العسكري للمجموعات المسلحة وقطع طرق تنقل المسلحين، والتي امتدت نتائجها من انتصار القصير حتى معارك القلمون.
وعبر هذه الاستراتيجية سيطر الجيش على عدة تلال استراتيجية، وهاجم تجمعات المسلحين في كل من المعابر الغير شرعية في سلسلة جبال لبنان الشرقية وهم "الزمراني ، ميرا ، مارطبيا ، الحمرة ، الروميات" في القلمون بمشاركة وحدات الاسناد الناري ما ادى لتدمير العديد من الأليات العسكرية والمقرات ووقوع العشرات من القتلى والجرحى، فيما تتواصل العملية العسكرية المشتركة بين الجيشين السوري واللبناني على مناطق الثغور والجرود بين سوريا ولبنان في منطقة الجرود.
إن الابرز في عمليات الجرود الجبلية في القلمون بريف دمشق، هو الانتقال من مرحلة صد الهجمات التي كانت تنفذها المجموعات المسلحة على سهول رنكوس والمناطق المحيطة بعسال الورد، إلى حال الهجوم تبعاً للتطورات الميدانية، ضمن تكتيك "هجمات الاعياء" التي ينفذها الجيش السوري والتي تمنحه حدا كبيرا من حرية العمل والمبادرة، في انسجام واضح بين الوحدات المقاتلة، ما جعل أي انتكاسة للمجموعات المسلحة في أي محور قتال، تكون قاتلة وغير قابلة للمعالجة، بالإضافة الى ذلك، تميزت الوحدات المقاتلة في الجرود الجبلية بالمرونة الفائقة و سرعة التكيف والتنوع والتجديد بالتكتيكات العسكرية و بالبعد عن التقيد بالصيغ العسكرية الكلاسيكية، ما يجعل المجموعات المسلحة في ضبابية عاجزة، لا تملك أي تنبؤ بحركة الجيش او الهجوم القادم.
تكتيكات عسكرية
اما من الناحية العملية، فإن اسلوب وحدات الجيش السوري العاملة في القلمون يرتكز على مفاهيم عسكرية محددة، وأهمها تأمين مساحات جغرافية والانسجام بين المقاتل ومحيطه، ومن ثم توسيع دائرة التهديد العسكري لكل المجموعات المسلحة المنتشرة في مساحة 70 كم طولا و20 كم عرضا على سلسل جبال لبنان وما حولها، واستخدام دوائر نقل الحركة والانتقال كبقعة زيت التي تتغلغل عبر المساحات الجغرافية الوعرة والصعبة، لشل حركة المجموعات المسلحة وارباكها، حيث يتم الاعتماد يعتمد على منع وجود حد فاصل بين جنوده والمجموعات المسلحة ، مستخدماً الاسلوب العسكري الذي يقضي بأنه أينما وجد العدو تكون الجبهة، وهذا ما يسمى في العلم العسكري بالعمل الزئبقي، والتحرك بصورة تربك الخصم و تجبره على نشر اكبر قدر من طاقته و تشتيتها، وهذا ما خلق مشكلة تواجد وانتشار للمسلحين في جرود عسال الورد والتلال المواجهة لعرسال اللبنانية وصولاً إلى حدود بلدة حام و معربون، والتي تزداد تدريجياً، وبعد الهجوم الذي يأتي كضربة سيف قاطعة، ما يمنع لتلك المجموعات بتأمين ملجأ لها. وهذا ما دفع المجموعات المسلحة الى طلب تعزيز من المسلحين الفارين الى لبنان، ما يجعلهم هدفاً سهلاً للجيش السوري في حال تحركهم.
إن نجاح الجيش السوري في استراتيجية الانهاك المتحرك التي استخدمها في كل الجرود الجبلية في القلمون بريف دمشق الشمالي، جعلت حوالي 3000 مسلحا منتشرين بشكل عشوائي في المناطق الجرودية بين سوريا ولبنان مشتتين وبدون ملجأ، ما يمنح الجيش السوري فرصة لانزال اكبر قدر من الخسائر في صفوفهم بالاضافة الى الارضي والجبال والكهوف التي يتم تنظيفها وتأمينها.
ويجب الاشارة هنا، ان من اهم الانجازات في جرود القلمون ومنطقة القلمون بشكل عام، تقليص رقعة التسليح في تلك المناطق ووصول الامدادات العسكرية، وتنامي الاستجابة الشعبية لرفض وجود المجموعات المسلحة، لتعمل وحدات الجيش براحة اكبر، وكالنار المتدحرجة البطيئة، التي امتدت لتطال كل الكهوف والجرود الجبلية في تلك المنطقة.