اتسعت رقعة سيطرة مسلحي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) على مناطق في العراق، وبعد سيطرتهم على محافظة الموصل دخل مسلحو التنظيم المتشدّد نواحي في محافظة كركوك المجاورة.. مشهد سريالي إستنفرت أمامه الدولة العراقية أجهزتها وجيشها سعياً للملمة ذيول التراجع المفاجئ مطلقة هجوماً معاكساً لإستعادة تلك المحافظات وطرد المسلّحين منها وسط دعم أممي - أميركي - إقليمي لافت عبّرت عنه بعض الدول وصل الى حدّ التأكيد على دعمها لرد قوي ومنسق لدحر اعتداءات "داعش" والإستعداد لتقديم كافة المساعدات اللازمة لذلك.. تقاطع خارجي من شـأنه أن يعطي الغطاء اللازم لعملية عسكرية واسعة ضد تنظيم "داعش".
وفي جديد التطورات الميدانية في العراق، تمكن مسلحون من السيطرة مساء الثلاثاء على قضاء الحويجة وخمس نواح في محافظة كركوك العراقية، حسبما ذكر مسؤول في الشرطة العراقية.
مسلحو "داعش" في الموصل
وجاءت سيطرة هؤلاء المسلحين التكفيريين على المناطق الواقعة الى الغرب والجنوب من مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد)، مركز المحافظة الغنية بالنفط والمتنازع عليها، بعد سقوط محافظة نينوى المجاورة في أيدي مسلحين، ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
وفيما أعلنت الحكومة العراقية حالة النفير العام، والتعبئة القصوى في البلاد، كشفت وزارة الدفاع العراقية عن أن قوات خاصة تتجه إلى مدينة الموصل لدحر تنظيم "داعش" منها.
وأفيد عن تشكيل غرفة مشتركة بين رئاسة الوزراء والرئاسة في إقليم كردستان لتدارس الأوضاع في نينوى، كما أُقرّ إرسال فوجين من "البيشمركة" الكردية إلى الحويجة لمواجهة "داعش".
وقالت مصادر عسكرية إن طيران الجيش وجه "ضربات جوية لمواقع المسلحين" في الموصل، في وقت أعلنت قيادة عمليات دجلة عن استنفار كافة قطعاتها في نينوى ومحافظتي صلاح الدين وكركوك.
عناصر من القوات الخاصة العراقية
وفرضت السلطات العراقية، حظراً للتجوال في تكريت، خشية تقدم المسلحين من محافظة نينوى، باتجاه محافظة صلاح الدين. وسط أنباء عن سيطرة مسلحي "داعش" على محطة بيجي لتوليد الطاقة الكهربائية شمال تكريت.
الدولة العراقية تستنفر أجهزتها للقضاء على "داعش"
سياسياً، وبعد ساعات على أحداث الموصل، أعلن مجلس النواب العراقي في بيان عن عقد جلسة طارئة الخميس المقبل لمناقشة المستجدات الامنية الاخيرة في البلاد.
وعقد رئيس الوزراء نوري المالكي، مؤتمراً صحفياً، قال فيه إن "العراق يواجه هجمة إرهابية". وأعلن عن سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة بعد اجتماع طارئ لمواجهة التدهور الأمني، أبرزها إعلان "حالة النفير العام والتعبئة القصوى في البلاد"، ودعوة البرلمان إلى "تحمل مسؤولياته" من خلال "إعلان حالة الطوارئ".
كما طلب المالكي، مساعدة الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في احتواء الهجمة الإرهابية، وأوعز إلى آمري القطاعات العسكرية باعتقال كل من يتخلى عن موقعه وإحالته للمحاكم العسكرية. ودعا إلى إعادة هيكلة الجيش وقوى الأمن العراقية.
وردت "الدولة الإسلامية بالعراق والشام" أو ما يُعرف بـ"داعش" على إعلان المالكي لحالة الطوارئ والتعبئة العامة، معلنة استنفار جميع مقاتليها لما قالت إنه "نصرة المجاهدين في الموصل".
وأشارت "داعش" عبر عدد من التغريدات على صفحات تستخدمها لإعلان بياناتها على موقع التواصل الاجتماعي، "تويتر"، تحت وسم "بلاغ هام من الشيخ عمر الشيشاني" حيث كتبت: "استنفار عام في كل ولايات الدولة الإسلامية لمناصرة الإخوة في الموصل والتحسب لأي طارئ، يعتبر البلاغ بمثابة الأمر".
وفي تغريدة منفصلة كتبت "داعش": "انتظروا البشائر! باقي المدن تلتحق بالموصل.. دولة الاسلام تعيد كتابة التاريخ وتعيد رسم الخارطة، وسيتفاخر بها الأجيال ويقولون يا ليتنا كنا مع السابقين الأولين في النصرة والجهاد معهم". وقالت: "سيسجل التاريخ بأن أبو بكر البغدادي حرر ثلاثة سجون في يوم واحد من عام 1435 للهجرة النبوية".
في غضون ذلك، أقال رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريم، مدير شرطة المحافظة اللواء الركن جمعة عناد وعينّ بدلاً عنه المدير السابق -الذي تم اجتثاثه- حمد النامس. واللافت ان هذا القرار يأتي في وقت تواجه فيه المحافظة حالياً هجوما من قبل مسلحي "داعش".
وقال الكريم إن "مدير شرطة صلاح الدين اللواء الركن جمعة عناد أقيل من منصبه وتم استدعاء مدير الشرطة السابق حمد النامس والذي سبق أن اعفي من منصبه، ليحل بدلاً عن عناد".
محافظة النجف العراقية أعلنت في بيان صادر عنها عن إغلاق المدينة القديمة واستنفار قواتها الأمنية تحسباً لهجوم قد يقدم عليه مسلحو "داعش".
ودعا المرجع آية الله العظمى السيد علي السيستاني القيادات السياسية في العراق إلى توحيد كلمتها وتعزيز وجودها للوقوف بوجه الإرهابيين، وأكد دعمه ومساندته للقوات المسلحة حثّتها على الصبر والثبات بوجه المعتدين.
دعم أممي - أميركي - إقليمي لعمليات الجيش العراقي ضد "داعش"
وفي المواقف الدولية والأممية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "قلقه الشديد" من "التدهور الخطير" في الوضع الأمني في الموصل في العراق.
كما أبدت وزارة الخارجية الأميركية قلقها الشديد من سيطرة "داعش" على أجزاء مهمة من الموصل بالعراق، معتبرة أن متشددي "الدولة الاسلامية في العراق والشام" يهددون المنطقة بأسرها.
وأكدت الخارجية الأميركية في بيان صادر عنها عن دعمها رداً قوياً ومنسقاً لدحر اعتداء "داعش" في الموصل. مشيرة إلى أن بلادها ستقدم المساعدات اللازمة للحكومة العراقية.
وكشفت وزارة الخارجية الأميركية عن أن مساعد وزير الخارجية الأميركي سيصل بغداد لبحث ملف محافظتي الأنبار ونينوى.
جامعة الدول العربية أكدت دعمها للحكومة العراقية في مواجهة هجمات "داعش" على المدن العراقية وأعربت عن استيائها من تصاعد موجة "الإرهاب".
إيران من جهتها، استنكرت هجوم الارهابيين الهمجي على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى الواقعة شمال غربي العراق، واعتبرت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية مرضية افخم، أن اتساع نطاق الهجمات الارهابية في العراق هو مثال بارز لخطر الارهاب العابر للحدود.
واعربت افخم عن القلق لمسار هجمات الارهابيين المتسلسلة على مختلف المناطق المدنية والقروية في العراق، وعبّرت عن الامل بأن يفضي الاجراء المشترك لقوات الجيش والقوى الامنية والشعب العراقي في مواجهة الارهابيين، الى اعادة الامن والاستقرار الى المناطق التي تعرضت للهجمات.
واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية اتساع نطاق الهجمات الارهابية في العراق مثالا بارزا لخطر الارهاب العابر للحدود واضافت ان التهديد الذي يشكله الارهاب على النطاق العالمي يستوجب وقوف الحكومات والاوساط الدولية الى جانب الحكومة والشعب العراقي في الظروف الخطيرة الراهنة.
واعلنت افخم دعم الجمهورية الاسلامية الايرانية للحكومة والشعب العراقي في الظروف الجارية، معتبرة ان المهم والمؤثر جدا ترسيخ التضامن والتعاون بين جميع الاطراف السياسية في مواجهة الارهابيين في العراق.