ينصّب بيترو بوروشنكو اليوم السبت رئيسا لأوكرانيا، بعدما عزز موقعه ببداية حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اجل ايجاد مخرج للازمة الأوكرانية. واتفق بوروشنكو وبوتين على اطلاق المفاوضات اعتبارا من الاحد في كييف، في سابقة منذ بدء التصعيد في الاشهر الاخيرة. وقال مصدر فرنسي ان هذه المفاوضات تهدف الى التوصل الى وقف لاطلاق النار بينما تبسط حركة التمرد يوما بعد يوم سيطرتها على الشرق الصناعي في البلاد.
وقال بوروشنكو مساء الجمعة ان "الحوار بدأ وهذا الامر جيد". وسيؤدي رجل الاعمال البالغ من العمر 48 عاما اليمين في البرلمان اعتبارا من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش بعدما فاز من الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية التي جرت في 25 ايار/مايو ب54,7 بالمئة من الاصوات. ويعتبر بوروشنكو واحداً من اغنى عشرة اشخاص في اوكرانيا ومن الشخصيات التي تتمتع بشعبية كبيرة في البلاد. وبوروشنكو المتخصص في العلاقات الاقتصادية الدولية، ليس مبتدئا في السياسة. فقد كان وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ووزيرا للخارجية ورئيسا للبنك المركزي في عهد فيكتور يوتشينكو الموالي للغرب.
ودخل بوروشنكو المجاز في الاقتصاد المعترك السياسي في 1998 وشارك في العام 2000 في تأسيس حزب المناطق الذي كان يترأسه فيكتور يانوكوفيتش. لكنه انضم بعد سنتين الى فريق يوتشينكو، بطل الثورة البرتقالية في 2004 التي اضطلع فيها بدور كبير.
وسيستعرض الرئيس الاوكراني بعد تنصيبه القيادة العسكرية في ساحة القديسة صوفيا في وسط كييف بحضور عدد كبير من الضيوف الاجانب وبينهم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي وعدد من رؤساء دول او حكومات اوروبا الشرقية.
ويتولى بوروشنكو الذي جمع ثروته من انتاج الشوكولاته، الرئاسة خلفا لفيكتور يانوكوفيتش الذي اقصي عن السلطة في نهاية شباط/فبراير بعد حمام دم في ساحة الاستقلال او الميدان في كييف على اثر ثلاثة اشهر من حركة احتجاج موالية لاوروبا.
وقال بوروشنكو انه سيبقي على ارسيني ياتسينيوك الذي كان عضوا في حزب رئيسة الحكومة السابقة يوليا يوتشنكو التي حصلت على 12,8 بالمئة من الاصوات في الانتخابات الرئاسية رئيسا للوزراء. كما سيبقي رئيس البرلمان الحالي اولكسندر تورتشينوف الذي تولى الرئاسة بالنيابة، في منصبه.
الرئيس الأوكراني الجديد بيترو بوروشنكو
وسيكون على بوروشونكو القيام بالمهمة الصعبة التي تتمثل بتحقيق التطلعات الاوروبية واخراج البلاد من انكماش شبه متواصل منذ سنتين وتفاقم بسبب الازمة الحالية. لكن التحدي الرئيسي الذي يواجهه هو اعادة لم شمل بلد في حالة اقرب الى حرب اهلية.
وقبل الاحتفالات بذكرى الانزال في النورماندي، قامت روسيا بمبادرة انفتاح باعلانها عن عودة سفيرها في اوكرانيا ميخائيل زورابوف الى كييف. وكان السفير الروسي استدعي الى موسكو في نهاية شباط/فبراير. وسيحضر زورابوف مراسم تنصيب بوروشنكو.
واثارت اللقطات الخاطفة للرئيس الروسي وهو يتحدث الى بوروشنكو والاعلان عن محادثة قصيرة بينه وبين الرئيس الاميركي باراك اوباما آمالا اضافية في خفض التوتر، لا سيما ان انعقاد هذه اللقاءات لم يكن مؤكدا من قبل. وقال مصدر قريب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي عمل بالتشاور مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل على انعقاد هذا اللقاء القصير ان "طرق وقف لاطلاق النار" بين كييف والانفصاليين "ستناقش في الايام المقبلة".
بوتين يؤكد ضرورة وقف العملية التنكيلية التي تخوضها القوات الأوكرانية ضد الانفصاليين
وتنتقد روسيا بحدة السلطات الاوكرانية بسبب العملية التي يقوم بها جيشها لاستعادة السيطرة على مناطق الانفصاليين الموالين لموسكو في دونيتسك ولوغانسك شرق البلاد. ويقترح بوروشنكو ايضا تحركات مشتركة بين روسيا واوكرانيا لتعزيز الحدود التي سيطر عليها جزئيا في الايام الماضية الانفصاليون وتقول كييف انه يتم نقل مقاتلين واسلحة عبرها خصوصا من منطقة القوقاز. ويعد الملياردير الأوكراني الذي يتولى مهامه اليوم، باحلال السلام خلال ثلاثة اشهر في الشرق الذي يشهد تمردا بتطبيع العلاقات مع فلاديمير بوتين الذي يعرفه جيدا.
وأكد بوتين في مؤتمر صحافي قصير على هامش المراسم الاحتفالية للذكرى السبعين لإنزال قوات الحلفاء الغربيين في أوروبا في دوفيل الفرنسية أن لقاءه مع بوروشينكو يوم 6 يونيو/حزيران جاء بمشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل واستمر حوالي 15 دقيقة. وأفاد الرئيس الروسي أن اللقاء تطرق لملف الأزمة الأوكرانية وتطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية. وأضاف بوتين أن الرئيس الأوكراني أفاد بوجود خطة لوقف العنف في شرق أوكرانيا دون الكشف عن تفاصيلها.
وشدد الرئيس الروسي على ضرورة فتح حوار مباشر بين السلطة في كييف والممثلين عن جنوب شرق أوكرانيا دون مشاركة موسكو، وقال: "روسيا ليست طرفا في النزاع الأوكراني". وأكد بوتين ضرورة وقف العملية التنكيلية التي تخوضها القوات الأوكرانية في جنوب شرق البلاد بشكل فوري، وقال: "هذا هو الطريق الوحيد لبدء الحوار الفعلي مع أنصار الفدرلة".
أوباما يطالب بوتين بالاعتراف بالرئيس الاوكراني
من جهته، طالب الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالاعتراف بالرئيس الاوكراني المنتخب بيترو بوروشنكو اذا ما اراد تخفيف التوترات بين واشنطن وموسكو، وذلك في مقابلة اجريت معه قبل لقائه الرئيس الروسي.
وادلى اوباما بتصريحه هذا في مقابلة اجرتها معه شبكة "ان بي سي" الاميركية قبل ان يشارك في احتفالات الذكرى السبعين لانزال قوات الحلفاء في النورماندي في شمال غرب فرنسا حيث التقى ببوتين الذي التقى بدوره في المناسبة نفسها الرئيس الاوكراني الجديد.
وقال اوباما في المقابلة انه يثمن تعاون روسيا في العديد من المسائل، مثل الحرب في افغانستان والاتفاق المرحلي حول البرنامج النووي الايراني، مضيفا "ولكن يجب ان يكون هناك قرار بشأن الوضع في اوكرانيا".
واكد انه "يجب على بوتين ان يعترف بشرعية بوروشنكو الذي انتخب لتوه رئيسا لأوكرانيا وسيؤدي اليمين الدستورية السبت، ويجب على بوتين ان يعمل بشكل وثيق مع بوروشنكو والحكومة الاوكرانية لمحاولة حل الخلافات بين البلدين".
كذلك، توجه نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ليل الجمعة السبت الى كييف لحضور مراسم تنصيب الرئيس الاوكراني المنتخب بترو بوروشنكو.
ويقود بايدن الوفد الاميركي الذي سيلتقي الرئيس بوروشنكو ورئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك للبحث في "برنامج الحكومة الاوكرانية لاصلاح ديموقراطي وتنمية اقتصادية وخفض التوتر في الازمة في شرق البلاد"، كما قال البيت الابيض.