تونس ـ روعة قاسم
اعتبر الاعلامي والمحلل السياسي الليبي معتز الجبري رئيس التحرير بقناة ليبيا الحرة في حديث لـ " العهد" ان انضمام قوات الصاعقة التابعة للجيش الليبي، والتي تحظى بتأييد كبير في الشارع الليبي، سيزيد من القوه العسكرية لخليفة حفتر، كما انه يعطي الشرعية له كون تلك القوات من أهم المؤسسات النظامية في ليبيا. واضاف ان امريكا تتحاور مع كل الاطراف في ليبيا خاصة القوية منها ولا تجد مشكلة في ان تساعد أي طرف للتغلب على الآخر ما دام هذا الطرف سيضمن لها مصالحها في البلاد.
وفيما يلي نص المقابلة:
س: هل تطلعونا على ما يحدث اليوم في ليبيا ؟
ج: تشير كل التوقعات والتحركات على الأرض في الشرق الليبي إلى أن المعركة القادمة بين قوات اللواء الليبي المتقاعد وكتائب الثوار ستكون أكد شراسة وذلك في ظل استعداد الطرفين للمواجهة وانضمام أطراف لها وزنها للمعادلة العسكرية هناك فحفتر الذي بدأ عملية عسكرية الجمعة الماضي بمدينة بنغازي اسماها "معركة الكرامة " ضد من وصفهم بالتكفيريين والمتطرفين قد نجح فيما يبدو في إضافة الشرعية على قواته وعمليته العسكرية وذلك بعد انضمام العديد من العسكريين النظاميين بل والثكنات العسكرية التابعة للجيش بكاملها لقواته.
غير أن من أهم تلك الأطراف والثكنات العسكرية التي انضمت للواء حفتر هي قوات الصاعقة التابعة للجيش الليبي والتي تحظي بتأييد كبير في الشارع الليبي الأمر الذي سيزيد من القوه العسكرية لحفتر كما انه يعطي الشرعية له كون تلك القوات من أهم المؤسسات النظامية في ليبيا وهناك ايضا انضمام اخر لقوات حفتر سيغير وجوده المعادلة على الأرض وهي مدينة طبرق بكل ما تحويه من مؤسسات عسكرية وأمنية ناهيك عن قاعدتها الجوية والتي قيل إنها شاركت في العملية العسكرية الجمعة الماضي داعمة لحفتر.
وما يميز تلك المدينة وجود قوات برية وجوية وبحرية الأمر الذي يرجح كفة حفتر في الصراع القائم والذي خلف في أول جولة له الجمعة الماضية 75 قتيلا و141 جريح وكنت تحدثت مع العقيد الحجازي الناطق باسم قوات حفتر وأكد لي أن العملية العسكرية لم تتوقف وستكون الضربة القادمة أكثر قوة وشراسة.
وتصريحات الحجازي تؤكد أيضاً قرب موعد الصدام وهو في الوقت نفسه أكد أن حفتر أجرى تحالفات جديدة استعداداً لعمل عسكري كبير ضد من وصفهم بالتكفيريين.
الاستعداد لتك المعركة لم تغب أيضا عن صفوف الطرف الآخر فيوم أمس أصدر ثوار مدينة بنغازي بيانا أعلنوا فيه عزمهم للتصدي لأي محاولة لاحتلال بنغازي أياً كان صاحبها والتصدي لمحاولة العودة بليبيا لحكم دكتاتوري ويقصدون في ذلك قوات حفتر كما ان تنظيم انصار الشريعه ايضا توعد عبر بيان اللواء حفتر.
اما الوضع على الارض في مدينة بنغازي فإن كل الأمور تشير إلى قرب وقوع المعركة فسكان المناطق المجاورة للثكنات العسكرية نزح معظمهم وتركوا بيوتهم خوفاً مما قد يقع. كما أن مطار بنينا الدولي ما زال مستمرا في تعليق حركة الملاحة الجوية، والمدارس هي الأخرى تكاد تخلو من الطلبة رغم المطالبات المستمرة من قبل وزارة التعليم الليبية لهم بضرورة الالتحاق بمدارسهم اما الجامعة فقد علقت الدراسة بها.
ورغم كل تلك التحركات والتوترات من الأطراف كافة في مدينة بنغازي ومؤشرات قرب الصدام، تقف الحكومة الليبية المؤقتة ورئاسة أركان الجيش الليبي موقف المتفرج وتكتفي حتى الآن بإصدار البيانات الاستنكارية.
س: هل ما يجري هو انقلاب ام محاولة لتصحيح الثورة؟
ج: كان يسمى انقلابا حين بدأ الجمعه الماضية وهو بالمعنى التقليدي يمكن ان يسمى بذلك ولكن خلال هذه الايام وبعد التأييد الكبير الذي حصده حفتر من قبل قيادات الجيش النظامي، وكذلك الشارع الليبي والكثير من النخبة يجب الاعتراف بان ما يقوم به حفتر كان مطلبا للكثيرين، فمحاربة الميليشيات المسلحة التي تثقل عاتق ليبيا بملف السجون السرية والتعذيب وتحرج ليبيا امام العالم كان ولا يزال مطلبا شعبيا. فالشعب الليبي ضاق ذرعا بما تفعل تلك الكتائب ويريد تحكم الجيش والشرطة فقط.
س: هل هناك دور امريكي لما يجري اليوم في طرابلس ام ان اللواء حفتر تحرك وحده؟
ج: بطبيعة الحال طالما اننا متأكدون ان اللواء حفتر هو شخصية انقلابية معروفة فإن ذلك يؤكد ان هناك اطرافا خارجية ودولا تدعمه وتمده بالخطط والدعم وتعده انه في حال نجح ستكون اول المعترفين به. اما عن امريكا فأعتقد انها تتحاور مع كل الاطراف في ليبيا خاصة القوية منها ولا تجد مشكلة في ان تساعد أي طرف للتغلب على الاخر ما دام هذا الطرف سيضمن لها مصالحها في البلاد.
س: ما موقف لجنة الستين... هل ستنصاع لإرادة حفتر؟
ج: للأسف لجنة الستين قد وضعت في مماحكات سياسية رغم حداثة ولادتها وهذا ما كنا نخشاه، فإضافة أعباء اخرى لما كلفت به هيئة الدستور وإقحامها في صراع سياسي امر غير مقبول، ولكن بالعموم كنت قد تواصلت مع بعض اعضاء الهيئة وقالوا انهم لم يحسموا امرهم بعد ان اعلن بعض قادة الجيش الليبي في طرابلس الغرب تجميد اعمال المؤتمر وتكليف هيئة كتابة الدستور بمهامه التشريعية. ولكن بوجه عام انا على يقين بان معظم اعضاء هذه اللجان هم اعقل من ان يقبلوا ان يكونوا طرفا في هذا المعترك الخطير وأتمنى منهم ان لا ينشغلوا إلا بكتابة دستور ليبي جيد يرضي كل الليبيين.
س: ما هي ابرز أطراف الصراع اليوم في ليبيا ؟
ج:أطراف الصراع في ليبيا عديدة أولها الأحزاب السياسية والتي للأسف تعمل بشكل تنافسي في مرحلة يجب أن يغلب فيها مبدأ التوافق وليس التنافس. وهذه الأحزاب تعمل للأسف وفق أجندات غير وطنية ضمن مصالح حزبية ضيقة، وهذا يتجلي في تعطيل معظم القرارات داخل البرلمان من قبل بعض الكتل الحزبية لا لشيء فقط لان تلك القرارات لا تخدم مصلحة التيار الذي تمثله. و في ليبيا ربما نستطيع حصر الصراع الحزبي في طرفين فقط أولا جماعة الإخوان المسلمين مدعومة من باقي تيار الإسلام السياسي والطرف الآخر هو تحالف القوى الوطنية والذي بدأ في التفتت والانصهار بشكل تدريجي وفقد الكثير من قوته خاصة بعد ان علق أعمالة وبعد ترك رئيسه ومؤسسه محمود جبريل.
أما باقي أطراف الصراع فهناك الكتائب والمليشيات المسلحة ولا يمكننا بطبيعة الحال أن نذكرها بشكل منفصل أو كطرف آخر بل هي ضمن دائرة الأحزاب لان معظم تلك الميليشيات مؤدلجة وتحمي مصالح تلك الأحزاب التي تمولها وتستخدم الاحزاب في فرض قرارات وقوانين بالقوة.
اما بوجه عام فإن الصراع في ليبيا بعد الثورة هو صراع بين الدولة والثوار وهذا ما اوصل ليبيا لما هي عليه الان.
كذلك القبائل والمناطق هي ايضا طرف في الصراع في ليبيا، فهناك ثلاث بؤر قوة حاليا وهي الزنتان وبرقة ومصراته وهي كتل متصارعة ايضا، هناك طرف اخر وهم الاسلاميون المتشددون الذين يرفضون الجيش والشرطة في ليبيا، كل تلك الاطراف هم اللاعبون الاساسيون في الساحة السياسية الليبية.
س: ما تداعيات ما يحدث على دول الجوار خاصة تونس والجزائر ومصر؟
ج: بطبيعة الحال الصراع في ليبيا الان هو شيء مقلق لكل دول الجوار خاصة تلك التي تربطها حدود مشتركة مع ليبيا مثل تونس ومصر والجزائر، والخطر الذي يكمن هنا هو المخاوف من استغلال تجار السلاح الوضع الليبي لتهريبه من ليبيا لباقي الدول. كما ان الوضع الحالي يسهل من امكانية تنقل الافراد والجماعات المتطرفة بين هذه الدول مستخدمة ليبيا للعبور السهل، كما ان رعايا هذه الدول داخل الاراضي الليبية هم في خطر فعلي لما يحدث هناك.