أشهر طويلة مرت لم يزر "مكسيم" "وادي العيون "يهرب الشاب الاشقر من وجع السؤال الذي ينتظره من أبيه "هل من جديد عن أخيك ؟ أنت تعلم لم اوفر جهداً ولم أترك طرف خيط الا والتجأت اليه فالغائب أخي لكنها الحرب قذره بكل تفاصيلها وما في اليد من حيله "، يتمتم "مكسيم "... على كَتف حديقة زرعها بيد "موظف حكـومة "يقع منزل العائلة الصغيرة، في تلك البلدة التي تدعى "وادي العيون "بريف حماه.
ربما يلحظ "ابو مكسيم "الرجل الستيني مرور الزمن كلما ازداد شيب شعره، فهي الدلاله الوحيدة في ظل تشابه تفاصيل الايام، هو واحد من اهالي تلك البلدة قدم كل "رجاله "للجيش السوري فكـل أولاده على الجبهات.
"هَمـام " أصغر الابناء واقربهم الى عقله جندي في مشفى الكندي بحلب يقول الأب"كأن الانسانيه أعطته كل شيء، كنا نتواصل باستمرار،مرتين أو أكثر في اليـوم، في كل اتصال كان يتحدث عن وفرة الطعام وعن الدفء والـ المته التي يحبها".
يتابع أبو مكسيم حديثه "كنت أعلم انه يرفع معنوياتي وأن أغلب ما يقوله ليس صحيحاً، كان يقول لي شيئا ولاخوته شيئا، لم يقل يوما نحن جياع او عطاشى".
أي ابن أرسله الله لي هو محاصر بحرب لا ترحم وأنا محاصر هنا بخوف أب لا يملك من هذه الدنيا الا عائلته والمنزل الذي يقطنون فيه بالضيعه".
يوم الرابع والعشرين من كانون الاول جبهة النصرة تفجر مشفى الكندي بـ 15 طنا من المتفجرات وتأسر عدداً من جنود الجيش السوري، هكذا وصل الخبر الى "وادي العيون" أمسك الاب هاتفه النقال، تعصف بمخيلته هوية من سيرد على الطرف الاخر هل هو الابن، ام الخاطف، أم احد الاصدقاء يزف نبأ الشهادة، لم يجب أحد، ليصبح "همام "ذو التسعة عشر عاما مغيباً عن نظر العائلة،حاضراً بوجدان الاب.
في ليله صيفية بـ الضيعه الخضراء يجتمع الاب بابنائه ينقصهـم "هَمـام "الغائب، رباطة جأشه ظاهرة كدمعه عينه، يخاطب أكبرهم "واجبي الانساني ان ابحث عن أخيـكم،...،فعلاقه الاب بابنه تختلف عن علاقته بأخيه، لكل منكم حياته يجب أن يتابعها بأمل، بالنسبة لي أملي أن اراه بيننا أو ارفع صورته على باب الدار شهيداً".
يقف الاب أمام صورة جدارية كبيرة لابناء وادي العيون الذين قضوا في الحرب "كان - همام - يتصل بي لأرشده حول كيفية دفن أصدقائة ممن استشهدوا في المشفى المحاصر، كانوا يدفنونهم في حديقة المشفى".
يتابع الاب طريقة وحيداً خاتماً حديثة "ما بيني وبين هَمـام أقوى من الغياب".