تتوالى تداعيات واحدة من أسوأ الكوارث في تركيا، مع إعلان أكبر نقابة عمالية اضراباً اليوم فيما يعم الغضب أنحاء البلاد مع ارتفاع عدد القتلى إلى 282، فيما لا يزال نحو تسعين عاملاً عالقين في المنجم. وترتفع الاصوات أكثر فأكثر محملة حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب اردوغان مسؤولية التقصير في التحقق من توافر شروط سلامة العمال في المناجم جراء الفساد، وهو ما رفضه أردوغان، لكن يبدو أن كلامه لم يقنع بعض الاوساط السياسية.
وقد دعت أربع نقابات عمالية إلى إضراب عام ليوم واحد يوم الخميس احتجاجا على كارثة منجم الفحم في غرب تركيا. وقال بيان للنقابات "ترك مئات من اخواننا العاملين في سوما للموت منذ البداية من خلال إجبارهم على العمل في عمليات إنتاج تتسم بالوحشية من أجل تحقيق أقصى قدر من الأرباح".
كما اعلن اتحاد نقابات الوظائف العامة في تركيا الذي يضم 240 الف موظف على موقعه الالكتروني "هؤلاء الذين يمضون بعمليات الخصخصة وسياسات تهدد ارواح العمال من أجل خفض الكلفة ... هم مسؤولون عن مجزرة سوما ويجب ان يحاسبوا".
وتسود أجواء من الغضب البلاد مع تضاؤل الآمال بامكان سحب عشرات العمال الذين لا يزالون عالقين في منجم بلدة سوما بمحافظة مانيسا غرب البلاد.
ووعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإطلاق تحقيق في أسباب الحادث لكنه رفض تحميل الحكومة المسؤولية قائلا ان "مثل هذه الحوادث تحصل". واضاف اردوغان بعد تفقده مكان الكارثة "لقد شهدنا أحد اكبر حوادث العمل في تاريخنا الحديث" فيما كان أقرباء الضحايا يطالبونه بالاستقالة.
واعلن وزير الطاقة التركي تانر يلدز الخميس ان حصيلة اسوأ حادث منجم في تركيا ارتفعت الى 282 بعد انتشال المزيد من الجثث من المنجم. وقال الوزير للصحافيين صباح الخميس كان هناك 282 قتيلا".
ويعتقد أن حوالى 90 عاملا لا يزالون عالقين في المنجم بسبب الحادث الذي وقع الثلاثاء إثر انفجار نجم عن عطل كهربائي. وتجمع مئات الافراد من عائلات واصدقاء الضحايا امام المبنى الذي كان اردوغان يلقي فيه كلمته الأربعاء وبدت عليهم علامات الغضب.
وامتد الغضب ايضا الى الشوارع، فقد استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق ما بين ثلاثة واربعة الاف متظاهر في انقرة فيما نزل الاف المتظاهرين الى الشوارع في اسطنبول.
وتزيد هذه الكارثة من الضغط السياسي على أردوغان الذي واجه تظاهرات كبرى الصيف الماضي وفضيحة فساد طالت عائلته وحلفاء اساسيين له في الاشهر الماضية.
وكان نائب من حزب المعارضة الاساسي "حزب جمهورية الشعب" اعلن انه قدم مذكرة قبل 20 يوما للتحقيق في حوادث عمل في المناجم في سوما لكن الحكومة رفضتها.
وقال نائب الحزب في محافظة مانيسا اوزغر اوزيل لوسائل اعلام محلية "كنا نتلقى معلومات يوميا بأن حياة عمال مهددة". واوضحت وزارة العمل والامن الاجتماعي التركي ان المنجم تمت معاينته اخر مرة في 17 اذار/مارس وقالت إن المعايير المطلوبة كانت متوافرة فيه. لكن اوكتاري بيرين عامل المنجم قال "ليس هناك اجراءات سلامة في هذا المنجم. والنقابات مجرد دمى وإدارتنا لا يهمها سوى المال".
واعلنت شركة سوما كومور للمناجم انها اتخذت الحد الأقصى من الاجراءات لضمان سلامة العمال. والانفجارات في المناجم تتكرر في تركيا لا سيما في مناجم القطاع الخاص حيث لا تلقى قواعد السلامة احتراما في غالب الاحيان. والحادث الاكثر خطورة وقع عام 1992عندما قضى 263 عاملا في انفجار للغاز في منجم زونغولداك شمالي تركيا.