لم يعد خافياً على أحد، التدخل التركي الفعلي في الحرب على سوريا، والذي لم يقتصر على الدعم اللا محدود سياسياً ولوجستيا وتعدى ذلك الى الدعم العسكري المباشر، في كسب وعدة مناطق من الشمال السوري، حيث شاركت القوات التركية في عمليات قتالية بشكل علني الى جانب جبهة النصرة وما يسمى بالجبهة الاسلامية وداعش بالقرب من الحدود السورية مع تركيا.
هذا التدخل تطور بشكل لافت حين بدأ الجيش التركي التوغل في الحدود السورية ، بعد ادخاله لـ 12 مركبة عسكرية مدرعة و 6 دبابات و 300 عنصر، بالإضافة إلى شاحنة مواد غذائية. هذا الرتل دخل من منطقة عين العرب حتى جسر قره قوزاق وصولا إلى قبر سليمان شاه الذي يبعد بحدود 35 كيلومترا عن الحدود التركية، دون أي إشكالات. تحت ذريعة حماية هذا ، الذي لم يسمع بصاحبه أحد من قبل، ويقال عنه أنه الجد المؤسس لما يسمى بالامبراطورية العثمانية، والذي مات ودفن في سورية ، وفي فترة الاحتلال الفرنسي للبلاد، ابرمت اتفاقية بين الاتراك والاحتلال الفرنسي عام 1938، على أن موقع قبر سليمان باشا، تخضع للسيادة التركية. تلك الاتفاقية والتي تعتبر العبوة الموقوتة التي دسها الاحتلال الفرنسي في شمال سورية، لتكن أحد اسباب التدخل في الاراضي السورية، وجاء اليوم الذي تدخلت فيه تركية تحت تلك الذريعة.
تركيا التي اصابتها الهستيريا بعد فشل المجموعات المسلحة في إحداث تغير على الارض، فهي التي منذ بداية الحرب على سورية فتحت حدودها، للمجموعات المسلحة، وقدمت لهم كل التسهيلات العملياتية والمخابراتية والعسكرية، وحشدت مئات الدبابات والمركبات العسكرية وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات في مناطق حدودية. وإثارة صراع طائفي إقليمي في منطقة متعددة، من خلال ادخال داعش ضمن الحرب على سورية، حيث يعلم الجميع أن تركيا ظلت لفترة طويلة تعتمد في سياستها مع القاعدة وداعش على اسلوب ترك الحدود على الغارب لهذه الجماعات، لتستخدم الأراضي التركية ممرا، ومحطة للتمويل، وقاعدة تدريب بالاضافة الى الدعم بالمعلومات و الاستطلاع وتقديم التسهيلات، مع غض البصر عن عبور المتطرفين والسلاح. فيما تساهم الجمعيات الخيرية التركية في تنظيم الشبان من مختلف البلدان لينضموا الى داعش واخواتها، ومن الجمعيات جمعية معروفة باسم رحماء أمين وهي تابعة بصفة تنظيمية لجماعة العدالة و التنمية التركية، وتتكفل تلك الجمعيات بنقل الجرحى من عناصر تنظيم القاعدة وداعش إلى تركيا لتلقي العلاج في المستشفيات التركية وبشكل رسمي ومن ثم إعادتهم إلى سوريا للمشاركة في القتال مجدداً.
سكوت الغرب حيال التدخل التركي مشبوه
الحشد التركي العسكري، الذي حاول العبور نحو ما يسمى بقبر سليمان باشا، والذي قالت انه يندرج في اطار زيادة عدد القوات بذريعة حماية القبر، يمكن فهرسته ضمن ما يعرف باسم رفع معنويات المجموعات المسلحة بالقرب من الحدود، على ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها مدينة حلب والانجازات العسكرية للجيش السوري فيها، فهي تريد ان تخبر المسلحين من كافة الاطياف وبالذات النصرة وداعش، أن جيشها في أقرب منطقة يمكن الوصول إليها على الحدود في حال تغير الموقف على الأرض في أي لحظة، ومن جهة أخرى فهي رسالة طمأنة إلى المسلحين، بأن الجيش التركي قد تحرك، ما قد يمنح المسلحين "حسب اعتقادهم" حافزا نفسيا لتكثيف هجماتهم على مواقع ومنشآت حيوية. فهو مجرد استعراض عضلات والايام القادمة سوف تكشف عن الوظيفة التي كانت مطلوبة من داعش بشأن تحرك تلك القوات الى الداخل السوري.
وما يثير الاستهجان، السكوت الدولي والاقليمي على التوغل التركي، بعد السكوت المتواصل على الدعم التركي للمجموعات المسلحة وبالذات المرتبطة بتنظيم القاعدة، وهذا ما يفسر التواطؤ الغربي وبالذات الاطلسي مع فكرة وصول القاعدة الى شواطئ المتوسط، فكيف يمكن لتركيا ان تحمي قبر شخصية لا يعرفها ولا يتفق على اهميتها ثلاثة اشخاص مسلمين على سطح الكرة الارضية، في حين حماية مقام السيدة زينب عليها السلام في اطراف دمشق، شغل الرأي العام الاقليمي والدولي، واعتبر تدخلاً، مع ان جميع المسلمين على الارض يعلمون أن التدخل لحماية مقام السيدة زينب كان واجباً تحتمه كل الشرائع والقوانين السماوية والارضية، بل وتدفع له، لانها حفيدة نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لكن من هو الذي تدخلوا من اجله وخرقوا سيادة دولة، سؤال سيبقى برسم الاجابة من الدول الاقليمية والمجتمع الدولي.