القدس – شذى عبد الرحمن
ساحة حرب أضحت باحات المسجد الأقصى المبارك، فلم يتوان جنود الاحتلال عن إغلاق أبواب المسجد أمام المقدسيين، وإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع وقنابل الصوت والرصاص المعدني المغلف بالمطاط على من فيه من المصلين والمرابطين وملاحقتهم واعتقالهم.
ويستمر إغلاق المسجد الأقصى ومحاصرته بالحواجز والمتاريس العسكرية بالتزامن مع بدء ما يسمى عيد الفصح اليهودي لإحياء ذكرى خروج بني "إسرائيل" من مصر كما وصف في سفر الخروج.
وكانت جمعيات استيطانية والحاخام المتطرف موشيه فيجلين أعلنوا عن نيتهم اقتحام المسجد الأقصى وتقديم القرابين فيه، وهو ما أثار غضب المقدسيين الذين رابطوا ليل نهار على مدار السبعة أيام في باحات المسجد الأقصى، وتصدوا لأي محاولة اقتحام ما أدى لاندلاع مواجهات عنيفة ثلاث مرات بين قوات الاحتلال والمرابطين.
وألحقت المواجهات في باحات المسجد الأقصى أضرارا عديدة في المصلى القبلي، إثر تعمد جنود الاحتلال إطلاق قنابل الصوت والرصاص المطاطي على المصلين والمرابطين فيه، بعد محاولات لتحطيم أبوابه واقتحامه.
مدير شؤون المسجد الأقصى عمر الكسواني قال: إن جنود وشرطة الاحتلال اعتدت على باحات الأقصى واستهدفت بشكل خاص المصلى القبلي ثلاث مرات خلال الثمانية أيام الماضية، مبينا أن جنود الاحتلال حطموا ثلاث نوافذ للمصلى القبلي واطلقوا قنابل الصوت والرصاص المعدني المغلف بالمطاط من خلالها.
وتركت قنابل الصوت آثارا على سجاد المصلى، وامتص بشكل كبير غاز الفلفل الذي يبقى عالقا بالهواء لوقت كبير قبل أن يزول، وأوضح الكسواني أن أضرارا كبيرة أيضا لحقت بأبواب المصلى القبلي، التي لم يعد يفتح منها سوى ثلاثة أبواب رئيسية وذلك خوفا من وقوعها على المصلين.
ولتفريغ المسجد الأقصى من المرابطين والمصلين من بلدة القدس القديمة، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات منذ بداية أيار/مايو الجاري طالت أكثر من 40 شابا وطفلا، أفرج عن بعضهم بشرط الإبعاد عن المسجد الأقصى ومدد اعتقال الآخر حتى إشعار آخر.
الناطق باسم أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب بين أن جهاز المخابرات الإسرائيلي منذ قرابة الشهر يحاول اعتقال أكبر عدد ممكن من المرابطين في المسجد الأقصى ومن الشبان الذين يتوجهون يوميا للصلاة والتواجد فيه للتصدي لاقتحامات المستوطنين.
وتهدف حملة الاعتقالات التي تشنها قوات الاحتلال الى تغيير أمر واقع وتهيئة ظروف مناسبة تتيح للمستوطنين اقتحام المسجد الأقصى وخاصة مع اقتراب عيد الفصح اليهودي، وأكد أبو عصب أنه لا يوجد لدى محاكم الاحتلال أي لوائح اتهام توجهها للشبان المعتقلين ولذلك تمدد اعتقالهم متخذة ذريعة استكمال التحقيق.
وتسعى سلطات الاحتلال لفرض مخططات عديدة على المسجد الأقصى أخطرها ما يرمي لجعله ساحة عامة يسمح للمستوطنين والسياح الأجانب بدخوله من كافة الأبواب، وآخر يدعو لتقسيمه مكانيا بعدما نجحت سلطات الاحتلال بتقسيمه زمانيا وتخصيص ساعات محددة من يوم الأحد حتى يوم الخميس من كل أسبوع لاقتحامه.
نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48 كمال الخطيب قال إنه يوجد ثلاثة ظروف تستغلها سلطات الاحتلال للإمعان في انتهاكاتها اتجاه المسجد الأقصى ومدينة القدس.
الظرف الأول، بحسب الخطيب، هو خضوع المفاوض الفلسطيني للإملاءات الإسرائيلية وعدم رفضه لما يرتكبه الاحتلال، يعد سببا رئيسيا لتصاعد الانتهاكات من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين في المسجد الأقصى.
وأوضح الخطيب أن ما تمر به المنطقة العربية من ظروف استثنائية جعلت سلطات الاحتلال تستفرد بمواصلة وتكثيف انتهاكاتها واعتداءاتها تجاه مدينة القدس بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص، مشيرا إلى أن الحكومة اليمينية الإسرائيلية وما تتبناه من أيديولوجيات وأحزاب تؤمن ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى يعد سببا آخر لما يرتكب من اعتداءات في مدينة القدس.
الأقصى في خطر
الحاخام المتطرف موشيه فيجلين يترأس معظم اقتحامات المسجد الأقصى ويقدم خلالها شروحا تلمودية تهويدية عن المسجد الأقصى محرضا على إقامة الهيكل المزعوم، ومحاولا في مرات عدة إقامة صلوات تلمودية فيه، أعلن بعد فشله والمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، عن مواصلة محاولات الاقتحام وتكثيفها وعدم اتباع أوامر الشرطة الإسرائيلية الموجودة فيه.
كمال الخطيب لفت إلى أنه يقع على عاتق الأمة الإسلامية كاملة فض هجمات الاحتلال اتجاه المسجد الأقصى والتصدي لها، " تحرير المسجد الأقصى هو مشروع الأمة كاملة الذي سيتحقق بتضافر جهودها".
وأضاف الخطيب،" تحرير مدينة القدس من الصليبيين لم يأت على يد صلاح الدين فقط وإنما على يد جيل جاء قبله أحدث تغييرا سياسيا واجتماعيا وثقافيا وفكريا قاد للتحرير العسكري"، مشيرا إلى أن شباب اليوم هم من سيهيئون الظروف ويمهدونها لتحرير المسجد الأقصى ومدينة القدس.
وتشهد ساحات الاقصى منذ عدة اسابيع مواجهات شبه يومية بين المتطرفين وعدد كبير من المرابطين من سكان مدينة القدس الذين يشكلون حائط الصد الاول والحامي للمسجد الاقصى.