اشتعل سجال ديبلوماسي عالي النبرة بين واشنطن وموسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية، وتبادلت العاصمتان الطلب من الطرف الأخر الضغط لتنفيذ اتفاق جنيف الرامي لحل الأزمة الاوكرانية. وزعمت إدارة البيت الأبيض انها تمتلك أدلة بـ"الصور" لمسلحين شرقي أوكرانيا ليسوا إلا "عسكريين روس أو ضباط في الاستخبارات الروسية" في محاولة واضحة لاتهام موسكو بالتدخل في اوكرانيا ربما لاستجلاب تدخل اميركي بالمقابل! وليس من قبيل الصدفة ارتفاع حدة التراشق بالاتهامات مع وصول نائب الرئيس الاميركي جو بايدن إلى كييف لتأكيد الدعم الاميركي للسلطات الأوكرانية الجديدة التي تصفها موسكو بـ"الانقلابية".
وقد تحدثت الخارجية الأميركية عن وجود ما قالت إنه "رابط بين روسيا وجزء من الناشطين المسلحين شرقي أوكرانيا" وعن ارتباط هؤلاء المسلحين بـ"عسكريين روس أو ضباط في الاستخبارات الروسية".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي إنّ" بلادها حصلت على قسم من هذه الصور من السلطات الأوكرانية في حين نشر القسم الآخر في وسائل اعلام عالمية أو على "تويتر" موضحةً انّ" بعض هذه الصور يُظهر اشخاصا و"إشارات على وجود رابط بين روسيا وجزء من الناشطين المسلحين في شرق اوكرانيا" .
وأوضحت واشنطن إنّ" كييف سلمتها، بواسطة منظمة الامن والتعاون في اوروبا، مجموعة من الصور التقطت في جورجيا في 2008 يظهر فيها احد العسكريين المنتمين الى إحدى الوحدات الخاصة الروسية وقد ارخى لحية حمراء طويلة، وأن العسكري نفسه يظهر، وقد ابيضت لحيته قليلاً في صورة اخرى التقطت خلال استيلاء انفصاليين مسلحين على مفوضية للشرطة في مدينة كراماتورسك في شرق اوكرانيا. وفي صورة ثالثة يظهر الرجل نفسه مرتديا بزة عسكرية مرقطة وهو يدخن سيجارة، وقد كتب تحت هذه الصورة "الشخص نفسه شوهد في سلافيانسك في 14 نيسان/ابريل 2014". ويظهر الرجل نفسه في مجموعة اخرى من الصور، بعضها التقط في شبه جزيرة القرم والبعض الاخر التقط لاحقا في شرق اوكرانيا".
كما اشارت بساكي إلى مجموعة ثالثة من الصور، حصلت عليها واشنطن من كييف، وهي "صور عائلية" لجنود في وحدة عسكرية تقول كييف إنها "وحدة تخريب واستطلاع تابعة لادارة الاستخبارات في القوات المسلحة الروسية"!
واعتبر المتحدثة باسم الخارجية الأميركية انّ" هذه الصور ليست إلا دليلا فوتوغرافيا إضافياً على العلاقة التي تربط روسيا بالانفصاليين في شرق اوكرانيا".
من ناحيته أكد القائد العسكري لحلف "شمال الاطلسي" الجنرال الأميركي فيليب بريدلاف على مدونته الرسمية انّ "ملاحظاته" عن هؤلاء "الرجال الخضر" تؤكد أنهم ينتمون الى وحدة عسكرية روسية وليسوا مجرد مسلحين في ميليشيا تشكلت عشوائياً".
وجاءت هذه الاتهامات بعدما اجرى وزير الخارجية الاميركي جون كيري محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ودعا خلالها موسكو الى اتخاذ "اجراءات ملموسة لتطبيق اتفاق جنيف من خلال الدعوة علناً الانفصاليين الى إخلاء المباني التي يسيطرون عليها بشكل غير شرعي"، وفق ما اعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي.
في المقابل أعلنت الخارجية الروسية أن لافروف طالب نظيره الاميركي خلال المحادثة بـ"التدخل لدى كييف كي لا يتسبب المتعصبون باندلاع نزاع دام، وحث القادة الاوكرانيين على الوفاء التام بالتزاماتهم".
واتهم لافروف كييف "ليس فقط بعدم احترام اتفاق جنيف إنما باتخاذ اجراءات تخرق اتفاق جنيف" وسخر من "محاولات عزل روسيا" معتبراً أنها " محاولات عبثية لأن عزل روسيا عن باقي العالم أمر مستحيل".
كما اعلنت الخارجية الروسية أن لافروف أجرى ايضاً محادثة هاتفية مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير شدّد خلالها على "ضرورة التزام سلطات كييف الحالية الصارم والتام ببنود إعلان جنيف بما فيها نبذ العنف".
وكان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن وصل الى كييف حيث سيلتقي الرئيس الانتقالي اولكساندر تورتشينوف ورئيس الوزراء ارسيني ياتسنيوك. ويعد نائب الرئيس الاميركي من المنخرطين بقوة في الازمة السياسية في اوكرانيا منذ اندلاعها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو المسؤول الاميركي الرفيع الاول الذي يزور أوكرانيا منذ زيارة وزير الخارجية جون كيري في الرابع من اذار/مارس الماضي. وقال متحدث اميركي ان بايدن سيشدد على ضرورة الحفاظ على "الوحدة الوطنية" والدعوة الى "التطبيق العاجل" للتسوية التي وقعت الخميس بين كييف وموسكو والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
في هذا الوقت، لم تنته تداعيات إطلاق النار فجر الاحد مع استمرار حظر التجوال خلال الليل في مدينة "سلافيانسك" والذي اعلنه رئيس البلدية فياتشيسلاف بونوماريف الذي اتهم جماعة القومييين الاوكرانيين المتطرفة "القطاع الايمن" بالمسؤولية عن الحادث، وهو ما أيدته موسكو لكن البيت الابيض قال "انه لا يستطيع ان يؤكد بشكل مستقل على أي جهة تقع مسؤولية" حادث سلافيانسك الذي اوقع اربعة قتلى.