الاستخبارات الفرنسية تواجه معضلة مراقبة المقاتلين العائدين من سوريا
تفرض اجهزة الاستخبارات الفرنسية مراقبة دقيقة على العائدين من القتال في سوريا خشية أن يتورطون في تنفيذ اعمال ارهابية داخل البلاد. ويتم رصد معظم المغادرين الى سوريا وبعض العائدين منها، لكن عدداً من هؤلاء، وخصوصاً الذين يتوجهون الى الحدود السورية - التركية بالسيارة ويعبرون الحدود سراً قد لا تكشفهم اجهزة مكافحة الارهاب التي تخشى أن تواجه مفاجآت سيئة.
وقال خبير في مكافحة الارهاب إن "القاعدة تقتضي بأن لا يمروا (المسلحون) بدون مساءلة عندما يعودون إذ يتم استدعاؤهم واستجوابهم وابلاغهم بانهم مراقبون". واضاف "لكننا بالتأكيد لا نستطيع ان نكون واثقين من اننا نرصد الجميع والبعض قد يسافرون ويعودون بدون ان نلاحظهم".
وتسمح المراقبة الالكترونية، خصوصاً لبعض الاوساط او المجموعات وكذلك المساعدة التي تحصل عليها الشرطة من عدد متزايد من العائلات القلقة على ابنائها، في معظم الاحيان بالتدخل لدى الشبان خلال استعدادهم للسفر. لكن طالما لم يقوموا بأي عمل غير قانوني، من الصعب ان لم يكن من المستحيل منعهم من التوجه الى تركيا.
وتؤكد مصادر قريبة من اجهزة الاستخبارات الفرنسية ان الاستخبارات التركية تبلغ نظيراتها الاوروبية بشكل دقيق نسبياً بالعائدين. ومن الصعب ان يمر المسلحون الغربيون العائدون من سوريا بدون ان يكشفوا في المنطقة الحدودية التي تخضع لمراقبة شديدة.
وذكر احد هذه المصادر ان الاستخبارات التركية تميل الى ادخال الراغبين في القتال المتوجهين الى سوريا بدون مشاورة باريس او بروكسل او لندن. وامام لائحة اشخاص يشكلون تهديداً محتملاً وهناك عشرة منهم مسجونون، لا تملك اجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية وسائل اخضاعهم جميعاً لمراقبة دائمة. وهي تضع لوائح تتضمن اسماء هؤلاء بالتسلسل وفق درجة خطورتهم.
وقال احد المطلعين على الملف إن "فرض مراقبة لـ 24 ساعة يومياً على مشبوه واحد يستخدم في بعض الاحيان ثلاثة او ربعة ارقام هواتف مختلفة يتطلب حوالي ثلاثين شرطياً. كيف يمكننا ان نفعل ذلك؟ يجب وضع لائحة اولويات".
وما ان يصلوا الى سوريا، الى المناطق التي تسيطر عليها "المعارضة" والمجاورة للحدود التركية، يلتحق معظم المسلحين الفرنسيين والاوروبيين بجماعات مرتبطة بـ "القاعدة" او تعتنق فكرها، وخصوصا "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام - داعش".
ويضيف أنه "من تلك اللحظة، يصبحون (المسلحين) في اغلب الاحيان هم انفسهم من يعطي المحققين العناصر اللازمة لتحديد مدى تورطهم في المجموعات المصنفة "ارهابية" من خلال الرسائل والصور وتسجيلات الفيديو التي يضعونها على الانترنت، ما يساهم في تشكيل ملفاتهم تحسباً لعودتهم.
ويؤكد البعض انهم لا يرغبون في العودة ويسعون الى القتال حتى الموت، لكن آخرين يشعرون بالخوف او بخيبة الامل بعد تكليفهم بمهمات متواضعة فيسلكون طريق العودة بعد اسابيع او اشهر.
ويقول ديفيد تومسون مؤلف كتاب "الجهاديون الفرنسيون" ان "اوائل الفرنسيين وصلوا الى سوريا في 2012، اما بوسائلهم الخاصة منطلقين في مغامرة، او مروراً بتونس والتسجل بشبكة التجنيد التونسية المهمة. لكن ما ان يصلوا حتى يشكلوا مجموعة ويستدعوا رفاقهم".
ويضيف "انهم يعرفون بدقة الى اين سيذهبون ومن سيتولى امرهم"، موضحاً أن "الامر يمكن ان يجري بسرعة وفاعلية كبيرتين. في بعض الاحيان تكفي ثلاثة عناوين على فيسبوك".