"اسرائيل" تروج للتهدئة في غزة... جولة محدودة ... غير معنيين "بكسر الادوات"
كلام الليل، يمحوه كلام النهار. التهديدات التي صدرت بالامس عن تل ابيب، وتحديدا عن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وما يرتبط بالرد الشديد والكبير جدا ضد قطاع غزة، تراجع في التصريحات والمواقف الصادرة صباح اليوم، وكذلك في تحليلات وتغطية الاعلام العبري، على انواعه.
وبدا ان عبارة "ليس للطرفين مصلحة في التصعيد"، هي العبارة المشتركة لكل التصريحات والمواقف والتحليلات، بدءا من الوزراء والخبراء والمسؤولين السابقين، وصولا الى تحليلات الاعلاميين والمراسلين العسكريين والسياسيين على حد سواء.
وفيما شذ امس، وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، عن جميع المسؤولين في "اسرائيل"، ودعا الى احتلال قطاع غزة بالكامل، لاذ المسؤولون الاخرون بالصمت، ومنهم من دعا الى رد موضعي، لا يشمل كل القطاع، ومحدد باتجاه حركة الجهاد الاسلامي. وبرز في تغطية الصباح العبرية للتصعيد في قطاع غزة، تقارير بثتها وسائل الاعلام، بدت وكأن رد الجيش الاسرائيلي قد وقع بالفعل، رغم أن الاعتداءات ليلة امس، لم تكن ملحوظة فلسطينيا، قياسا بالتهديدات الابتدائية الاسرائيلية، الرد الصاعق والساحق وغير المسبوق.
التقارير الاسرائيلية بدأت من الان تبحث في الآتي. وبحسب الاذاعة العبرية، فإن "اسرائيل وحماس" تعملان على ايجاد حل لاحتواء الهجمات المتبادلة، بردود معتدلة وموزونة، لا تؤدي الى تصعيد كبير. مع التشديد في نفس الوقت، على ان رد حركة الجهاد الاسلامي الكبير نسبيا باتجاه المستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة، غير المسبوق منذ سنوات، لن يتسبب بتدهور الأوضاع الأمنية الى حدود عملية عسكرية واسعة في القطاع، إذ لا مصلحة لـ"اسرائيل"، ولا احد في تل ابيب، يفكر بالفعل بمجازفة جديدة في قطاع غزة.
إشارة الى التهدئة، و"بلع الخسارة في هذه الجولة"، كما اشارت وسائل الاعلام العبرية الى ان قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي، طلبت من المستوطنات "تسيير حياتهم" كالمعتاد، وفتح ابواب المؤسسات التعليمية في المستوطنات، بما يشمل ايضا المستوطنات القريبة من قطاع غزة.
ولفت المراسل العسكري للاذاعة العبرية، الى ان الرد والرد على الرد، لا يعني بأن كل إطلاق لأي صاروخ فلسطيني، يستوجب الرد عليه، إذ ان الفلسطينيين اعتادوا وعودونا في الماضي، على انهم حريصون بأن يكون الاطلاق الاخير من نصيبهم، وهم يحرصون على ذلك، الأمر الذي يشير ويهيء المستوطنين الى إمكانية تلقي رد ما من قبل الجهاد الاسلامي، من دون توقع رد عليه من قبل "اسرائيل"، كما يشير ايضا الى منحى التهدئة، وان الغلبة كما يبدو، للمنطق الداعي الى تمرير الحادثة، بلا مجازفة الى عملية واسعة.
صحيفة "اسرائيل" اليوم المقربة من نتنياهو، أشارت في تقرير لها صباح اليوم، الى ما اسمته الرد الواسع جدا الذي قام به الجيش في قطاع غزة ضد حركة الجهاد الاسلامي، وكتب معلقها للشؤون العسكرية، يؤاف ليمور، يشير إلى ان الرد كان كبيراً جدا، وكان الهم الأساسي لدى الجميع في "اسرائيل"، هو جباية ثمن من الجهاد ونقل رسالة واضحة الى الطرف الثاني، لكن مع ضابطة عدم التسبب بتدهور الاوضاع الامنية التصعيد.
واشارت الصحيفة الى انه رغم الغضب في تل ابيب، عقب الهجوم المفاجيء والواسع للصواريخ الفلسطينية، إلا انه لا حماس للقيام بمجازفة جديدة في غزة، بل تحدثت الصحيفة عن ان الطقس لا يسمح بتنفيذ عملية كبيرة، إضافة الى عدم وجود شرعية داخلية ودولية، وانه رغم الهجمة الصاروخية، ما زال الوضع في محيط قطاع غزة مقبول نسبيا، من ناحية امنية.
وأكدت الصحيفة التي هي عادة ما تلحن لكل ما يقوله نتنياهو وتعبر عن توجهاته، انهم في غزة وايضا في "اسرائيل"، غير معنيين "بكسر الادوات"، وبالتالي يأتي التقدير للآتي: "ان الامر يتعلق بجولة اضافية محدودة الحجم والوقت، والاعتقاد ان حماس ستحاول كبح ناشطي بقية المنظمات في غزة، كي لا نصل الى تدهور امني غير مرغوب فيه".
واشارت الصحيفة في تقرير آخر بارز على صفحاتها الرئيسية صباح اليوم، الى ان "اسرائيل اختارت امس ضربة موضعية مؤثرة ومدوية ومؤلمة على نحو كاف تجاه الجهاد الاسلامي، لكن من دون ان تلزم الفلسطينيين بالرد بجولة عنف جديدة، وبالتالي فان وقف اطلاق النار سيعود الى سابق عهده. إلا ان الواقع على جبهة غزة، يدفع من الان وصاعدا إلى مزيد من الحذر لجهة الترتيبات الامنية الصارمة التي تتبعها اسرائيل". وهي الاشارة التي تعني، ان رسالة حركة الجهاد الاسلامي، وصلت بالفعل.