بغداد ـ عادل الجبوري
أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن "الظرف الاستثنائي للمنطقة والعالم يتطلب وقفة جدية وشاملة واجراءات فورية"، مشدّدا على أهمية "تفعيل التعاون الاستخباري وحثّ الدول التي تنطلق منها فتاوى التكفير على وقفها".
وقال المالكي في كلمة له خلال المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب في بغداد الذي بدأ أعماله اليوم، إن "على المجتمع الدولي اتخاذ اجراءات رادعة سريعة ضد الارهاب"، وأضاف "الارهاب عابر للحدود وجغرافيته ستتوسع وارتداداته إلى جميع الدول الغربية ومخطئ من يعتقد أنه سيكون بمنأى عن الارهاب المتنامي في المنطقة".
واعتبر المالكي أن "عدم توقف الحرب في سوريا سيؤدي إلى انتقال الإرهاب إلى الدول كافة"، مشيراً الى أن "أي تأخير في حل الأزمة في سوريا يعني أنه سيتم تدميرها بالكامل أو تقسيمها"، وتابع "سوريا تحولت إلى أكبر ساحة نشاط للارهاب في العالم".
وأردف المالكي "من يسكت عن الارهاب سيجد نفسه شريكاً أساسياً في الجرائم المرتكبة ضد الانسانية.. من المسائل الخطيرة أن القاعدة باتت تقتل الشيعي والمسيحي وكأنها تتحدث باسم السنة، وهناك أجندة لا تدرك المخاطر الكبيرة للارهاب التكفيري والفتنة الطائفية".
المالكي جدّد دعوته "للأصدقاء لمكافحة الارهاب والتكفير اللذين قد يحرقان المنطقة بكاملها"، ورأى أن "المنطقة انزلقت بسبب سياسات الارهاب إلى محاور ليصبح المشهد غاية في التعقيد"، وقال "هناك دول تحوّل بعض مؤسساتها إلى حاضنة حقيقية للارهاب.. لقد حذرنا مراراً من انتشار ظاهرة التكفير والتطرف وامتدادها إلى باقي دول العالم.. معركتنا ضد الارهاب ساهمت في احباط الكثير من مخططات الارهابيين الهادفة إلى زرع الفتنة، والعراق الدولة الأولى التي قاتلت الارهاب نيابة عن كل العالم".
وأبدى المالكي ارتياحه حيال اجراءات بعض الدول التي تحرم التكفير وقررت معاقبة التكفيريين والارهابيين"، لافتاً الى أن "هناك دول تمارس إرهاب الدولة على شعوبها".
هذا وأشار الى أن "المؤتمر محطة أساسية للتعاون وتبادل الخبرات في مواجهة الارهاب الظاهرة الأخطر حالياً في الكون".
وبدأ مؤتمر بغداد الدولي الأوّل لمكافحة الإرهاب أعماله اليوم بمشاركة دولية واسعة ووسط آمال باتخاذ خطوات عملية جادة للتصدي للإرهاب الذي بات يشكل ظاهرة عالمية تهدد أمن واستقرار كل الدول والمجتمعات بصرف النظر عن هوياتها الدينية والقومية والإثينية، فيما من المقرر أن يُشارك في هذا المؤتمر ما يقارب خمسين دولة من قارات اسيا واوربا وافريقيا والاميركيتين واستراليا.
وبحسب أعضاء في اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر ستكون المشاركة في المؤتمر على أربعة مستويات، الاول وكلاء وزارات الخارجية، والثاني رؤساء أجهزة مكافحة الارهاب، أو الاجهزة الامنية، والثالث يتمثل برؤساء وممثلي منظمات دولية، والمستوى الرابع الباحثين والمختصين في شؤون مكافحة الارهاب والتنظيمات الارهابية.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان (نحو تضامن دولي لمكافحة الارهاب)، ويستمر لمدة يومين، جلسة افتتاحية-بروتوكولية، تشهد القاء كلمات لعدد من رؤساء وممثلي الوفود المشاركة، من بينها كلمة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، التي ستكون الكلمة الرئيسية في المؤتمر، وكلمة للأمين العام لمنظمة الامم المتحدة، وشخصيات دولية أخرى.
وبعد الجلسة الافتتاحية، يشهد برنامج اليوم الاول جلسات أخرى تتضمن القاء دراسات وبحوث لباحثين واكاديميين متخصصين من دول مختلفة، تتناول عناوين متعددة لموضوع الارهاب، حيث سيقدم أكثر من ثمانين بحثاً للمؤتمر، فيما سيتم في اليوم الثاني للمؤتمر إقامة ورش عمل متنوعة، تتولى كل ورشة بحث ومناقشة عنوان أو عناوين معينة، ولتخرج برؤى وتصورات وافكار عملية وواقعية، الى جانب ذلك سيتم تشكيل لجنة مهمتها صياغة البيان الختامي للمؤتمر، وستصدر عن المؤتمر وثيقة عالمية، يطلق عليها ميثاق بغداد لمكافحة الارهاب.
ووفق ما ذكر المتحدث باسم المؤتمر واثق الهاشمي فانّ" السعودية وقطر، اللتان تعدان من الداعمين الرئيسيين للتنظيمات الارهابية التكفيرية في العراق، سيقاطعان المؤتمر، في الوقت الذي تشارك دول خليجية اخرى مثل الكويت والبحرين والامارات".
وكذلك فان "الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، الولايات المتحدة الاميركية وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا، ستشارك في المؤتمر، وهناك دول اقليمية مهمة ستشارك هي الاخرى، مثل ايران وتركيا وباكستان".
ومن بين المنظمات الدولية المقرر مشاركتها هي، منظمة الامم المتحدة، وجامعة الدول العربي، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ومنظمة الشرطة الدولية(الانتربول).
ويعد مؤتمر بغداد الدولي الاول لمكافحة الارهاب، واحدة من أبرز الفعاليات التي يتبنى العراق تنظيمها خلال الاعوام القلائل الماضية، فقد استضاف قبل عامين، وتحديداً في نهاية شهر اذار(مارس) من عام 2012، القمة العربية الثانية والعشرين، الى جانب فعاليات أخرى، جاءت ضمن مشروع (بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013).
وتأمل أوساط ومحافل سياسية وثقافية وأكاديمية عراقية ان" يمثل المؤتمر خطوة مهمة في اطار الجهود والمساعي التي تبذلها الدولة العراقية لمواجهة الارهاب في البلدان الذي تسبب خلال الاعوام الأحد عشر الماضية بسقوط الاف الضحايا بين شهيد وجريح، الى جانب التدمير الذي تعرضت له البنى والمنشآت التحتية والممتلكات العامة والخاصة.
ويرى مختصون في المجال الامني، ان" من أهم القضايا التي يفترض ان يتفق عليها المؤتمرون ويعملون عليها، هي قطع مصادر تمويل ودعم الجماعات الارهابية، واتخاذ اجراءات عقابية صارمة ضد الدول والجهات التي تقوم بتمويلها ماليا وعسكريا وسياسيا واعلاميا، والتعاون لملاحقة الارهابيين ومتابعة تحركاتهم وارتباطاتهم وخططهم".
تجدر الاشارة الى أنّ النشاطات الارهابية التي انتشرت في العراق الى حد كبير خلال العقد الماضي، امتدت الى دول عديدة في المنطقة والعالم، مثل سوريا ولبنان واليمن ومصر الاردن وليبيا والصومال وباكستان وأفغانستان وروسيا، ودول أخرى في افريقيا واوربا واسيا والاميركيتين.