يومان مضيا من عمر الهدنة التي أعطتها "جبهة النصرة" لـ "داعش" للعودة عن حربها، إلا أن كل المعطيات تشير الى أن ايام الهدنة الخمسة، تأتي كتحضيرات لمعارك ضارية تنشط مطلع الأسبوع المقبل. فالنزاع الدائر بين "أطراف القاعدة" في سوريا، والذي راح ضحيته حتى الآن أكثر من 3300 قتيل بينهم مئات المدنيين، لا تظهر له اي بوادر حلّ قريبة، خصوصاً أنه بات يأخذ طابعاً دموياً بين فروع "القاعدة "!.
وبين مهل الهدن، والمعارك الطاحنة، لا ترى هذه الجماعات التكفيرية سبلاً لإنهاء بعضها بعضاً، سوى بقطع الرؤوس والسيارات المفخخة وشن الهجمات الانتحارية التي تطال المدنيين من المسلمين والمسيحيين المطالبين من "داعش" بدفع "الجزية" والرضوخ لـ"شريعتها".
وآخر فصول الصراع على النفوذ عودة "الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش" إلى مدينة حلب التي كانت قد خسرت نفوذها فيها بعد تقدم "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية". وقد كشف مصدر ميداني، لصحيفة "السفير" اللبنانية أن عناصر "داعش" دخلوا حي الهلك الواقع شمال شرق المدينة، والقريب من جبهة القتال مع الجيش السوري، من دون اية معارك تذكر. وانسحب مقاتلو "الجبهة الإسلامية" من الحي مع وصول عناصر "داعش"، الذين رفعوا "رايتهم" عليه، وقاموا بتوزيع منشورات تطالب كل من يحمل سلاحاً بأن يقوم بتسليمه لهم، تمهيداً لشن حملة تفتيش في الحي بحثاً عن مطلوبين.
وتأتي سيطرة "داعش" على حي الهلك ضمن سلسلة تطورات تشهدها حرب "الفصائل" في حلب، وآخرها مقتل القيادي "القاعدي" ابو خالد السوري، الذي نعته "جبهة النصرة" و"حركة أحرار الشام"، كأحد أعمدة "القاعدة" في سوريا، وما تلاه من إعلان "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" و"جيش المجاهدين" (وهي ابرز الفصائل التي تقاتل "داعش" عن توحيد لعملياتها "لصد هجوم النظام"، إلا أن مصدراً قال ان الهدف من هذه الخطوة هو التصدي لداعش".
وأوضح المصدر أن هذه الخطوة "جاءت بشكل سريع بعد عودة "داعش" إلى المدينة وبدء عملياته في مناطق كان يعتقد أنها خرجت عن سيطرته"، الأمر الذي يشير الى أن الحرب بين هذه الفصائل ستستعر في المدينة، التي تتقاسم "الجبهة الإسلامية" و"النصرة" السيطرة على أحيائها الخارجة عن سيطرة الحكومة.
وقلل المصدر من أهمية خطوة "غرفة العمليات المشتركة" لهذه التنظيمات على الأرض، خصوصاً في المعارك ضد الجيش السوري، كونها تعمل بشكل متواصل منذ زمن بعيد. وقال: "هذا الإعلان الجديد ليس أكثر من رسالة مباشرة إلى "داعش" الذي يبدو أنه سيعود إلى مدينة حلب بقوة بعد سيطرته على حي الهلك"، مستشهداً بالكلمة الأخيرة لزعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني الذي منح "داعش" مهلة خمسة أيام (بدءاً من يوم الثلاثاء) للعودة عن حربها قبل أن تندلع حرب كبيرة بين هذه الفصائل، المتحاربة أصلاً، ولكن على جبهات متعددة وغير متناسقة.
وفي السياق ذاته، كشف مصدر ميداني أن مدينة مارع شمال حلب تشهد إجراءات أمنية كبيرة، وهي تعتبر احد أهم معاقل "لواء التوحيد" التابع لـ "الجبهة الإسلامية"، فيما يبدو أنها تحضيرات واستعدادات لهجوم مرتقب قد يشنه "داعش" على المدينة القريبة من اعزاز، والتي تشكل نقطة إستراتيجية في ريف حلب الشمالي، إضافة إلى انها تضم سجناً كبيراً يقبع فيه مخطوفون من الجيش والقوى الأمنية، تم نقلهم من سجن الراعي بعد سيطرة "داعش" على المدينة قبل نحو شهر.
وبعد مرور يومين على الهدنة التي أعلنتها "النصرة" تمهيداً لمعارك ضارية، قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الأربعاء، إن "3300 شخص قتلوا منذ بدء المعارك في سوريا بين "داعش" ومقاتلين من كتائب معارضة أخرى، منذ 3 كانون الثاني وحتى منتصف ليل 25 شباط الجاري، في مناطق عدة من سوريا".
وبين المرصد أن القتلى سقطوا "خلال تفجير السيارات والعبوات والأحزمة الناسفة والاشتباكات بين المقاتلين في محافظات حلب والرقة، وإدلب، وحماه وحمص، ودير الزور، والحسكة". وأوضح المرصد أن بين "القتلى 281 مدنياً قتل معظمهم بطلقات نارية وقصف خلال الاشتباكات، و924 مقاتلاً في صفوف "الدولة الإسلامية"، و1380 مقاتلا معارضاً، بالإضافة إلى 700 مقاتل من الطرفين لم يم توثيقهم بسبب التكتم الشديد من الجانبين على الخسائر البشرية".
وقررت "جبهة علماء حلب"، مؤخرا، تطبيق حد "الحرابة" في الشريعة الإسلامية، بحق تنظيم "داعش"، واصفة التنظيم بـ "المارق" مع إمهال عناصره 3 أيام لتركه أو الانضمام إلى فصائل مقاتلة أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من التقارير والدول والمنظمات، اتهمت الأطراف المتصارعة في البلاد بارتكاب مجازر ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، مطالبة بمحاسبة مرتكبيها.