لا تزال أوكرانيا محورالاهتمام الدولي بعد سيطرة المعارضة على مقاليد الحكم في هذا البلد. وتستكمل المعارضة إجراءاتها لملء الفراغ في السلطة من خلال تشكيل حكومة ائتلافية كان يفترض ان يتم تشكيلها اليوم، الا أن البرلمان أرجأ التصويت ليوم الخميس للسماح بمواصلة المشاورات.
ويتوقع وصول مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز إلى كييف بعد ساعات على زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون كتعبير عن الدعم للسلطة الجديدة. في غضون ذلك، بدأ الانزعاج الروسي يأخذ اشكالا متعددة مع تشكيك رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف بشرعية السلطة الجديدة، وصولاً إلى تذكير المسؤولين الروس بالتزامات أوكرانيا في الاتفاقات المعقودة مع موسكو وإيقاف الدعم المالي والمعاملة التفضيلية لها .
وفي خطوة تشير إلى التأني في استكمال ملء الفراغ في السلطة الجديدة، أعلن البرلمان الأوكراني إرجاء التصويت على تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى يوم الخميس اتاحة في المجال امام مزيد من المشاورات. وقال رئيس البرلمان والقائم بأعمال الرئيس أوليكسندر تيرتشينوف انه "يجب أن يجري التصويت على حكومة الوحدة الوطنية يوم الخميس".
وكان الوضع الاوكراني محور اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حيث شدد هولاند على "ضرورة حصول انتقال سلمي". وقال انه "يجب بذل ما هو ممكن لتقديم مساعدة مالية في هذه الفترة الصعبة (التي تمر بها) اوكرانيا لمواكبة التحديث الاقتصادي" مؤكدا ان "على الاتحاد الاوروبي وروسيا ان يعملا معا في هذا الاتجاه". وبحث بوتين مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في اتصال هاتفي الأوضاع الراهنة في أوكرانيا.
كما اعلنت الخارجية الاميركية أن مساعد وزير الخارجية الاميركية وليم بيرنز سيصل برفقة ممثلين عن الخزانة الاميركية إلى كييف وسيعملون بالتنسيق مع شركاء مثل الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي للبحث في دعم مالي ضروري لاوكرانيا.
من ناحيته دعا البيت الابيض الى "ضرورة تشكيل حكومة ائتلاف متعددة الاطراف يمكنها مساعدة اوكرانيا على اتخاذ القرارات الهامة الواجبة، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والمالي".
وقد التقت وزيرة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون الرئيس الانتقالي تورتشينوف وزارت مركز الاحتجاجات في ساحة الميدان حيث وضعت باقة من الزهور تكريما لذكرى القتلى الـ82 الذين سقطوا خلال اعمال العنف خلال الاسبوع الماضي.
وتعليقاً على مواقف الاوروبيين والاميركيين الداعمة للسلطة الجديدة قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف انه "سيكون منافيا للمنطق اعتبار ما هو في الواقع نتيجة تمرد، شرعيا" مؤكدا "سنجد صعوبة في العمل مع مثل هذه الحكومة".
من ناحيته رأى رئيس مجلس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين "إنه ما زال أمام أوكرانيا طريق طويل وشاق نحو استعادة السلام والهدوء، واصفا مصرع العشرات في الأحداث الدموية الأخيرة بكييف بأنه مأساة مروعة".
كما حذر من الانقسام الحساس الحاصل في المجتمع الأوكراني. وأعرب عن أمله في أن "يتمكن الشعب الأوكراني من تجاوز الصعوبات، والصمود خلال هذه الفترة الشاقة والمضطربة، من أجل تحقيق المهمة الرئيسية المتعلقة بإيقاف العنف، وذلك بشكل حضاري وديمقراطي وقانوني، والاتفاق بشأن نظام الحكم وشرعية السلطة". وتابع قائلا: "على السلطات بأوكرانيا أن ترسي أسس الشرعية، كي لا يكون هناك أي مجال للتشكيك في قانونية السلطة".
وكانت وزارة الخارجية الروسية انتقدت بشدة أعمال السلطات الأوكرانية الجديدة، معتبرة أن المستولين على السلطة في كييف ينوون قمع معارضيهم بأساليب ديكتاتورية وإرهابية. وأشارت الوزارة في هذا الخصوص الى أن القرارات التي تبناها البرلمان الأوكراني تقوّض حقوق الأقليات في البلاد.
ويبدو أن الوضع الاقتصادي الضاغط في اوكرانيا بات يضغط على الاطراف المعنية، إذ اعلن وزير المالية الاوكراني بالوكالة يوري كولوبوف ان بلاده بحاجة الى "35 مليار دولار عامي 2014 و2015" وقال "طلبنا من شركائنا الغربيين منحنا قرضا خلال اسبوع او اسبوعين" واقترح عقد "مؤتمر دولي كبير للمانحين بمشاركة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمات مالية دولية اخرى".
وسارع وزير الخارجية اليوناني ايفانغيلوس فينيزيلوس الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الاوروبي الى الترحيب بهذا الطلب وقال "يجب عقد مؤتمر دولي لتجنيب اوكرانيا الافلاس".
وكانت موسكو اعلنت في كانون الاول/ديسمبر الماضي عن منح اوكرانيا قرضا بقيمة 15 مليار دولار لم تصرف منه سوى 3 مليارات، الا ان استكمال دفع قيمة القرض بات أمرا غير اكيد بعد توتر العلاقة بين موسكو والسلطات الاوكرانية الجديدة.
في هذا الوقت، انطلقت الحملة الانتخابية المبكرة لرئاسة البلاد بعد تحديد البرلمان 25 مايو /أيار المقبل موعدا للانتخابات، ومن المرشحين الأوفر حظا الملاكم الأوكراني ورئيس حزب "أودار" فيتالي كليتشكو، وأحد نشطاء الميدان ورجل الأعمال بيوتر بوروشينكو، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب "الوطن" أرسيني ياتسينيوك، ورئيس حزب "الحرية" أوليغ تياغنيبوك.
أما يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء السابقة المفرج عنها مؤخرا، فقال محاميها سيرغي فلاسينكو إنها لم تعلن نيتها الترشح لرئاسة البلاد، خلافا لما شاع في وسائل إعلام محلية، وستستمر عملية الترشح حتى 30 من الشهر القادم مع تحديد يوم 4 أبريل/ نيسان المقبل آخر موعد لتسجيل المرشحين.