إنقسام وتشرذم .. هذا هو واقع الحال لدى الجماعات السورية المسلحة التي يسميها الغرب معارضة لتنفيذ جدول أعمال لم يعد خافياً على أحد. الانقسام تارة يكون بين فروع "القاعدة" كتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) و"الجبهة الاسلامية" التي تضم فصائل سلفية عدة بينها "جبهة النصرة" التي "تبايع" القاعدة وفصائل مختلفة من "الجيش السوري الحر". وقد اسفر هذا الصراع عن مقتل ما لا يقل عن الفي مسلح عدا عن المدنيين ! وتارة أخرى يكون الصراع والانقسام داخل الالوية والفصائل التي تشكل "الجيش السوري الحر" الذي بات اسماً من غير معنى على الرغم من المحاولات الغربية لاحيائه وبث الروح فيه كونه يشكل لافتة لـ"الاعتدال" تشهرها الولايات المتحدة بوجه من يتهمها بدعم الجماعات المتطرفة !
ومع انتهاء الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 2، عاد الحديث عن دعم واشنطن وحلفائها لما يقولون إنه جماعات معتدلة بالأسلحة النوعية لفرض واقع ميداني جديد والضغط على الحكومة السورية ميدانيا وتفاوضيا. وبدأ الحديث عن فتح جبهة جنوبية انطلاقا من الاردن تخوضها فصائل وألوية "الجيش السوري الحر" الذي تلقى ضربات قاسية خلال الفترة الماضية ولكن بعد اتخاذ إجراءات هيكلية جديدة تعيد الحيوية والفاعلية لهذا "الجيش" المتهالك، لذلك قام ما يسمى المجلس العسكري الاعلى للجيش الحر باعفاء "رئيس هيئة الاركان" سليم إدريس وتعيين قائد "عمليات الجيش الحر في القنيطرة" العميد عبد الإله البشير مكانه لكن هذا القرار اصطدم برفض ادريس وألوية مؤيدة له!
وقال إدريس في كلمة مصورة نشرت على موقع يوتيوب إن القيادات العسكرية على الأرض في سورية ترفض هذا القرار وإنها فوضته لـ"إعادة هيكلة شاملة للأركان تشمل القوى العسكرية المعتدلة العاملة على الأرض". وقال إدريس في الكلمة ذاتها إن القيادات العسكرية الميدانية قررت فك الارتباط مع مجلس القيادة العسكرية ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة. واتهم إدريس أطرافا من المعارضة السياسية والعسكرية باتخاذ "تدابير ينبع أغلبها من مصالح فردية وشخصية".
وتماشياً مع قرار ادريس رفض الاستقالة، أعلن قادة ميدانيون لوحدات بـ "الجيش السوري الحر" في المحافظات السورية رفضهم لقرار المجلس العسكري الأعلى عزل ادريس وتعهدوا بمواصلة القتال تحت قيادته.
وقال قائد "الجيش الحر" في منطقة وسط سوريا فاتح حسين في تسجيل مصور ان القادة يعتبرون "قرار عزل ادريس باطلا وغير مشروع " مضيفاً ان "انصار ادريس سيواصلون القتال تحت قيادته". وتابع تلاوة بيانه بالقول "ليس من حق أي مجموعة غير موجودة على التراب السوري ان تتخذ قراراً حاسماً لا يمثل وجهات نظر القوات المقاتلة في الميدان".
وأكد أحد الرجال الذين ظهروا في التسجيل ـ وهو قائد "الجبهة الشرقية للجيش الحر" محمد العبود ـ انه يعارض القرار وقال ان قادة الوحدات سيجتمعون مع ادريس في انطاكيا بتركيا لمناقشة "الخطوات التالية".
من جهته، نفى مستشار الشؤون الرئاسية في "الائتلاف السوري" منذر أقبيق أن يكون قرار عزل ادريس اتخذ لأسباب سياسية قائلاً "إن القرار انما اتخذ كي يتولى القيادة شخص يقاتل داخل سوريا". وقال "إن قيادة "الجيش الحر" تحتاج الى شخص يقاتل في الميدان لا شخص بعيد عن العمليات"، مضيفاً أن "البشير خاض عدة معارك واداؤه جيد في الميدان".
وقال قائد في "الجيش الحر" لوكالة "رويترز" أن سبب الانتكاسات التي مني بها الجيش الحر هو نقص الامكانيات وليس قيادة ادريس مستشهداً على سبيل المثال بتمكن معارضين منافسين من انتزاع السيطرة على معبر على حدود تركيا من أيدي الجيش الحر في ديسمبر/كانون الاول وهو حادث احرج "الائتلاف" ودفع الولايات المتحدة وبريطانيا الى تعليق المساعدة بالمواد غير المميتة. واضاف "ليست مسألة شخص بل مسألة موارد. الفساد مستشر ويدمر الائتلاف".
وكان المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر أعلن يوم الاثنين عزل ادريس الذي شهدت فترة قيادته عدة انتكاسات "للجيش الحر" كما شهدت توتراً متصاعداً بينه وبين "رئيس الائتلاف" السوري احمد الجربا الذي يحظى بدعم السعودية حسبما، ذكرت مصادر بالمعارضة لوكالة رويترز.
وأفاد بيان وقعه 22 من اعضاء المجلس العسكري الثلاثين بأن القرار اتخذ "من أجل توفير قيادة للأركان تقوم بادارة العمليات الحربية ضد النظام المجرم وحلفائه من المنظمات الارهابية وبسبب العطالة التي مرت بها الاركان على مدى الشهور الماضية ونظرا للاوضاع الصعبة التي تواجه الثورة السورية".
وبالحديث عن التشرذم والانقسام ، قال مصدر مقرّب من إحدى الفصائل "الجهادية" في سوريا، لـ"السفير"، إن "جبهة النصرة" تسعى جاهدةً منذ ثلاثة أسابيع لإقناع فصائل مسلحة تنشط في مدينة درعا، بالتوحد تحت راية مجلس واحد، واضاف أن الحيثيات التي انطلقت منها "جبهة النصرة" لطرح الفكرة على قادة الفصائل، هي ضرورة الاتحاد بين الفصائل الكبيرة في درعا على نحو يسمح بتطبيق الشريعة الإسلامية، ومساعي "النصرة" لإنشاء "المجلس الجهادي الموحد" وصلت إلى مراحل متقدمة، وقد يجري الإعلان عنه خلال أيام قليلة.