في الذكرى الثالثة لانطلاق ثورة 14 فبراير/شباط، غصّت شوارع البحرين أمس بجماهير الشعب الذين توزّعوا بين 50 منطقة في أنحاء المملكة وذلك إصراراً على المطالبة بحق التعبير عن الرأي وبالتحوّل الديمقراطي وبإجراء اصلاحات سياسية في البلاد، إلّا أن قوات النظام الخليفي قابلت حشود المتظاهرين بالعنف، فانتشرت بأعداد هائلة ولاحقت المحتجين أينما حلّوا.
وقمعت قوات الأمن أمس بوحشية بالغة المسيرات الشعبية التي خرجت في البحرين، مستخدمة الأسلحة المحرمة دولياً مثل الاسلحة النارية (الشوزن – الرصاص الانشطاري)، ومارست العقاب الجماعي بحقّ المواطنين، كما ألقت كميات كبيرة من الغازات السامة والخانقة.
وأغرقت القوات المناطق بالغازات السامة، وتعمدت الدخول الى المناطق بمركباتها وآلياتها ملاحقة المواطنين فيها، مستعينة بالأسلحة الموجّهة الى المتظاهرين لمنعهم من الاحتجاجات.
وأصيب عشرات من المواطنين بإصابات متفرقة بعضها خطير، بعد أن وجهت القوات أسلحتها النارية للمواطنين من مسافة قريبة.
وقد تحولت البحرين إلى ما يشبه الثكنة العسكرية إثر انتشار القوات بشكل مكثف في كل المناطق، واعتدائها على مساجد في منطقتي الدراز وعالي.
الانتهاكات الدينية كانت حاضرة أمس في إجراءات قوات الامن، خاصة أنها اعتدت على جامع الإمام الصادق (ع) الكائن في الدراز، وفق ما أعلن قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان.
مسؤول القسم الشيخ ميثم السلمان رأى في الاعتداء على جامع الإمام الصادق (ص) في الدراز دلالةً واضحةً على تفشي الكراهية الطائفية في الأجهزة الرسمية، مطالباً المجتمع الدولي بالمساهمة الفعلية في وضع حدٍ للاعتداءات المنهجة والمتكررة على المساجد المسجلة في الأوقاف الجعفرية.
وقال السلمان إن "المكانة الاعتبارية والدينية لجامع الإمام الصادق لدى شيعة البحرين كبيرة؛ فهو الجامع الذي تقام فيه أكبر صلاة جمعة في البحرين ويرتاده الآلاف، ومهاجمته بالغازات السامة وانتهاك حرمته يشكّل اعتداءً على هذا المكون الوطني بأكمله".
ودعا السلمان المنظمات الدولية الى مواصلة الضغط على السلطة لإيقاف استهدافها المتكرر للمساجد ودور العبادة الشيعية، ولا سيّما أن قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان رصد ٦ اعتداءات على المساجد التي يرتادها أبناء المذهب الجعفري منذ بداية العام ٢٠١٤.
ميدانياً، أعلنت وزارة الداخلية عن وقوع تفجيرين استهدفا الشرطة في منطقتي الديه والدير.
وبحسب صحيفة الوسط، اندلعت احتجاجات أمس في عدة مناطق، تخللتها صدامات بين متظاهرين وقوات الأمن، على إثر دعوات أطلقها "ائتلاف شباب 14 فبراير/شباط" على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأشارت وزارة الداخلية الى أنه قد تم القبض على 26 من المتورطين في أعمال الشغب والتخريب، على حدّ تعبيرهها، فيما تناقل نشطاء صوراً لمصابين بسلاح الشوزن، وسجلت في عدد من المناطق حالات اختناق بفعل الغاز المسيل للدموع.
بالموازاة، نجح الشعب البحريني في إيصال صوته للعالم وللمجتمع الدولي من خلال تظاهرة إلكترونية نظمها عشية الذكرى الثالثة لإنطلاق ثورته في 14 فبراير/شباط، واستخدم فيها موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" لمخاطبة مسؤولين دوليين عن معاناة شعب البحرين والانتهاكات التي يتعرض لها.
واستمرت الحملة الإلكترونية التي شاركت فيها القوى المعارضة والشبابية وناشطين حتى ساعات الفجر الأولى، وتضمنت عشرات الآلاف من التغريدات والكتابات والصور والفيديوهات التي تؤكد مطالب شعب البحرين وتبين الانتهاكات التي يتعرض لها، إلى جانب المسيرات والفعاليات السلمية والتظاهرات الضخمة التي تبين مطالب الشعب الإنسانية.
وتركزت الحملة على توجيه رسائل باللغة الإنجليزية شارك فيها ناشطون وبارزون ومهنيون وطلاب ومعلمون ومن كافة شرائح المجتمع، ووجهت في أغلبها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبر حسابه الرسمي في "تويتر"، والرئيس الأمريكي باراك أوباما.
واستطاعت الحملة التي شكلت تظاهرة إلكترونية حاشدة، أن تلقى تفاعلاً ومشاركة واسعة من شعب البحرين ومن متعاطفين مع القضية البحرينية من الخارج، لإيصال الصوت البحريني وثورته التي دخلت عامها الرابع.
في المواقف السياسية، حثّت واشنطن الحكومة والمعارضة في البحرين على مواصلة السعي إلى إنجاح الحوار.
وأكدت الخارجية الأميركية في الذكرى الثالثة لاحتجاجات البحرين على أهمية تجنب العنف والفوضى.
بدوره، تابع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الوضع في البحرين عن كثب، معرباً عن قلقه إزاء التقارير التي أفادت بوقوع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن الجمعة مما أدى إلى وقوع إصابات.
وأعرب بان كي مون عن الأسف بشأن استمرار التوترات بعد ثلاث سنوات من اندلاع الاحتجاجات في البحرين.
وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة أن الأمين العام دعا بشكل مستمر جميع البحرينيين إلى العمل باتجاه توفير بيئة مواتية لإجراء حوار حقيقي من أجل السلام والاستقرار والإصلاح والرخاء لجميع أفراد الشعب.