يستأنف وفدا الحكومة السورية والمعارضة في جنيف اليوم الاثنين، بوساطة مبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي، محادثاتهما غير المباشرة في اطار الجولة الثانية من مفاوضات مؤتمر جنيف-2 بعد استراحة استمرت اسبوعا. ومن المقرر ان يجتمع الابراهيمي في البداية، مع كل وفد على حدة، بغية التقريب بين وجهات النظر واقناع الطرفين بان يجلسا الى طاولة واحدة الثلاثاء.
وتنعقد الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 2 في سويسرا بعد جولة أولى دامت عشرة أيام لم تتحقق خلالها أية نتائج ملموسة. وفي الوقت الذي يتوجه الوفد الحكومي متسلحاً بمواقف ورؤية واضحتين تجاه الأزمة يعززها معطيات ميدانية تؤكد رجحان كفة الجيش السوري في معظم المناطق السورية بالرغم من المحاولات المستميتة لمسلحي ما يسمى المعارضة لتغيير الواقع الميداني في محاولة لفرض شروطهم على طاولة المفاوضات! كما يتسلح الوفد الحكومي السوري بتأييد شعبي للجيش الذي يمضي قدماً في مواجهة الارهاب، وبزرت مسيرات التأييد للجيش في اللاذقية وفي ريف دمشق والغوطة الشرقية وحمص.
وكان الدبلوماسي الاممي المخضرم اقر الاسبوع الماضي في ختام جلسة اولى من المفاوضات المضنية بأن النتائج التي اثمرت عنها تلك المفاوضات كانت متواضعة، مشيرا الى ان الانجاز الاكبر الذي تحقق هو ان طرفي النزاع، وللمرة الاولى منذ اندلاع الازمة قبل ثلاث سنوات تقريبا، وافقا على الجلوس والتفاوض سويا، وإن ليس وجها لوجه بل من خلاله كمرحلة أولى.
ووعد الابراهيمي يومها بان تكون نقاط الحوار "محددة اكثر" في الجولة الثانية التي تنطلق الاثنين وتستمر حتى الجمعة، وسيقرر خلالها الطرفان الخطوات التالية لها. وفي الواقع فان الثمرة العملية الوحيدة التي انتجتها الجولة الاولى من مفاوضات جنيف-2 كانت محاولة الامم المتحدة انتزاع "اجراء انساني لبناء الثقة" تمثل في النهاية باتفاق بين المعارضة والحكومة على هدنة في حمص القديمة تضمنت اخراج مدنيين محاصرين وادخال مساعدات غذائية وطبية اليهم.
ومع ان الهدنة التي اقرت لثلاثة ايام اعتبارا من الجمعة خرقت مرارا عديدة الا ان الامم المتحدة والهلال الاحمر السوري تمكنا من اخلاء مئات المدنيين وادخال مواد اغاثية الى الاحياء المحاصرة، وقد اكد ناشطون مساء الاحد ان الهدنة تم تمديدها 72 ساعة.
وفي ظل هذه الوقائع تعود المعارضة إلى الجولة الثانية بنفس الوجوه وبنفس الأداء ونفس التشرذم ميدانياً وسياساً، لا بل تفاقمت الصدامات الميدانية بن فصائلها المختلفة وهو ما يكرس عدم قدرتها على التوحد حول رؤية موحدة للحل او الاتفاق على آلياته، أو تقديم ضمانة لتنفيذ بند ما في حال تم الاتفاق بشأنه، كما يحصل في خرق الهدنة الانسانية في حمص التي اعاقها المسلحون أكثر من مرة!
وقد وصل وفد الحكومة السورية برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم إلى جنيف مساء الأحد، وقال مصدر قريب من وفد الحكومة السورية لفرانس برس إن أعضاء الوفد دخلوا عبر الباب الخلفي لفندق "اوتيل دو لا بيه" في المدينة السويسرية من دون الادلاء بتصريحات.
ويترأس وفد الحكومة وزير الخارجية السوري وليد المعلم على غرار الجولة التفاوضية الأولى التي جرت قبل عشرة ايام ولم تفض الى أي اتفاق سياسي.
وأوضح المصدر القريب من وفد الحكومة ان "الأعضاء الآخرين في الوفد هم عمليا أنفسهم" وكان سفير دمشق في الأمم المتحدة بشار الجعفري في الجولة الأولى على رأس مفاوضي الحكومة فيما ترأس هادي البحرة مفاوضي المعارضة.
وفيما لم يحدد ما يسمى "الائتلاف السوري المعارض" ما اذا كان رئيسه أحمد الجربا وصل الى جنيف، قال مصدر مقرب من وفد المعارضة أن "اعضاء في المعارضة وصلوا بدورهم إلى جنيف في شكل منفصل لأنهم اتوا من دول مختلفة".
وتبحث الجولة الثانية من المفاوضات بيان جنيف 1 الذي تمحورت الخلافات حوله في الجولة الاولى إذ أن المعارضة أرادت البحث في موضوع "الهيئة الانتقالية" دون غيرها من البنود وهو ما رفضه الوفد الحكومي مؤكداً على اولوية مكافحة الإرهاب بحسب بيان جنيف.
وقد اعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الجمعة أن الوفد الرسمي "يؤكد على متابعة الجهود التي بذلها في الجولة الاولى من اعمال المؤتمر، بالتشديد على مناقشة بيان جنيف 1 بنداً بندا وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان".
من جهته ، أكد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي أن اي قرار قد ينجم عن مؤتمر جنيف ـ 2 للسلام سيعرض على الاستفتاء الشعبي العام.
وقال الزعبي إن الوفد "مخول بالنقاش والحوار في كل القضايا والمواضيع ولكن قرار قبول ما ينشأ عن جنيف إذا نتج عنه أي شيء فإن الإرادة الشعبية في سوريا هي من ستحكم عليه عبر الاستفتاء الشعبي العام".
وأضاف الزعبي "إننا مصرون على العملية السياسية والمسار السياسي" مشيرا الى أن ذلك "ليس سهلا وهو عمل صعب ومعقد يحتاج إلى وقت وسنبذل أقصى طاقاتنا وسنبقي الباب مفتوحا لإنتاج مثل هذا الحل السياسي".
وكانت الاتصالات قد نشطت على أكثر من صعيد استعداداً للجولة الثانية، إذ أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري محادثات هاتفية. وقالت الخارجية الروسية إن "الاتصال بين كيري ولافروف جرى بطلب من الجانب الأميركي من دون إعطاء تفاصيل أخرى".
أما على خطّ مساعي "المعارضة" فقد أجرى رئيس ما يسمى "الائتلاف المعارض" أحمد الجربا، محادثات في القاهرة أمس مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي. وقد طالب الجربا بأن يمثّل نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، الحكومة في مفاوضات جنيف المقبلة!.
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" إنّ اجتماعَ القاهرة الذي جمع الجربا برئيس "هيئة التنسيق الوطنية السورية" المعارضة حسن عبد العظيم، لم يحرز أيّ تقدّم على مستوى توسعة وفد المعارضة في مفاوضات جنيف.