25/11/2007
اعتبر نائب الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في كلمة خلال حفل تأبيني في قاعة السيدة الحوراء (ع) ـ الغبيري "ان مؤتمر انابوليس خالٍ تماماً من أي مكسب للفلسطينيين، وهو عبارة عن تظاهرة إعلامية سياسية لمصلحة إسرائيل، حيث قالت وزيرة الخارجية "ليفني" وبكل صراحة: المسألة لا تكمن فيما ستعطيه إسرائيل للفلسطينيين، بل في تحديد الدول العربية التي ستنضمّ إلى القطار ومحرّكه أنابوليس، وهذا يعني أن أنابوليس مسار تطبيعي مجاني لخدمة إسرائيل، من أجل أن يرتاح أولمرت قليلاً بعد الهزيمة النكراء التي أصابته في لبنان، وبعد انخفاض شعبيته وقدراته، وبعد الانهيارات التي أصابت الاسرائيليين وأعادتهم إلى الوراء، وذكرتنا بلحظات الاحتلال الاسرائيلي في سنة 1948، حيث عاد المشروع الاسرائيلي إلى الوراء من دون حدود ومن دون مشروعية، وتحرّك الفلسطينيون للمطالبة بحقوقهم، وقدموا التضحيات الكبيرة الماثلة أمام الرأي العام العالمي بشكل واضح".
اضاف: "هذا المؤتمر ليس فيه شيء لمصلحة الفلسطينيين، وهو تعويم لبعض الشخصيات والقيادات، وهو محاولة من أجل إضفاء المزيد من العطاء لاسرائيل على حساب الفلسطينيين، لكن أملنا كبير بحيوية الشعب الفلسطيني وتصميمه على استعادة أرضه، ولا نعتقد أن هذا المؤتمر سيُعطي الكثير لأن الاساس هو ما يحصل على الارض في فلسطين، وليس ما يتّفق عليه بعض القابعين على عروشهم وكراسيّهم ممّن لم يقدّموا للقضية الفلسطينية الشيء المطلوب".
ورأى "أن أمريكا فشلت في تسويق مشروعها في لبنان، وفي الضغط من أجل أن تكون وصية كاملة على لبنان، وحصلت عدة انتكاسات واضحة للعيان، أبرزها الانتكاسة الامريكية الاولى في الهزيمة الاسرائيلية بتصفية المقاومة ونزع سلاحها في لبنان في تموز 2006، والهزيمة الثانية بعجز جماعتها من جماعة 14 شباط من أن يحقّقوا مساراً سياسياً يخدم المشروع الامريكي، والهزيمة الثالثة تمثّلت في الوصول إلى الاستحقاق الرئاسي من دون الالتزام بالشروط الامريكية، والهزائم الامريكية في لبنان تتالى بحمد الله تعالى بسبب وجود هذا الشعب الأبيّ المقاوم الطاهر، الذي صمد أمام اسرائيل وهو مستعدّ للصمود أمام مشاريع الهيمنة والسيطرة والوصاية على لبنان".
وقال: "لقد سمعنا عدة مرات من المسؤولين الامريكيين تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية، ويعتب علينا البعض عندما نقول أن أمريكا تتدخل في لبنان! إذا كانت كل وزارة الخارجية الامريكية والرئيس بوش أصبحوا يقرأون الدستور اللبناني ويفسّرونه، ويعطون التعليمات ويتدخلون في التفاصيل والجزئيات، ويضعون مواصفات رئيس الجمهورية، ويشترطون عليه ما يريدون، ألا يُعتبر هذا تدخّلاً أمريكياً . بالامس قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بأنه يريد رئيساً يؤيّد القرارات الدولية، إذاً هذا هو شرطه للرئيس الذي يقبل به، وإلا إذا لم يتحقق هذا الشرط فإنه سيُعطِّل انتخاب الرئيس، إذاً إعلموا أن تعطيل التوافق الذي حصل في لبنان ومنع انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد المقرر هو هذا التدخل الامريكي الذي حاول أن يُملي شروطه، وعندما عجز أفشَل التوافق وأفشَل انتخاب الرئيس".
تابع قائلا: "نحن اليوم أمام انتهاء ولاية الرئيس لحود، وهنا لا بد أن نوجّه تحية كبيرة للرئيس المقاوم، الذي عمل بما يُمليه عليه ضميره ووطنيته، وكان إلى جانب المقاومة، يعني إلى جانب لبنان السيد المستقل، وصمد إلى آخر لحظة من ولايته مدافعاً عن الدستور اللبناني وملتزماً بالضوابط والاحكام التي وردت فيه من دون أن يخترقها، وهذه مكرمة كبيرة تُسجّل له، وقد غادر عندما انتهت مهمّته وقد كان شريفاً في موقعه كما كان شريفاً في مغادرته عندما انتهت صلاحيته في موقع الرئاسة.
مع انتهاء ولاية الرئيس لحود، يعني أن لبنان دخل في فراغ مزدوج، الفراغ الاول فراغ الحكومة، لأنها حكومة غير دستورية وغير ميثاقية وغير شرعية، خرجت منها طائفة بكاملها، وبالتالي يُعتبر الاستمرار فيها غير ذي صفة، وهي لا تُمثّل أحكام الدستور ولا تنسجم مع صيغة العيش المشترك، ولا مع إعطاء التمثيل الحقيقي للطوائف والمواقع الدور المطلوب، والفراغ الثاني هو انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد، إذاً نحن أمام فراغ مزدوج رئاسية وحكومي، وعندما يقول البعض أن الحكومة اللا شرعية تقوم مقام رئيس الجمهورية، هذا يصلح لو كانت الحكومة دستورية وقانونية وشرعية، عندها يمكنها أن تحلّ بشكل مؤقت إلى حين انتخاب الرئيس، أما وهي مطعون بشرعيتها، فلا هي موجودة حتى تتمكن من الحكم، ولا هي قادرة أن تحلّ محل رئاسة الجمهورية، إذاً لبنان اليوم يُعاني من هذا الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية وفي موقع الحكومة، أي أنه من دون سلطة تنفيذية".
وأضاف سماحته: "عندما طرحنا في السابق أن يكون هناك حكومة وحدة وطنية قبل أن نصل إلى الاستحقاق الرئاسي، اتّهمونا أن الحكومة تريد أن تُصادر موقع الرئاسة، واتّهمونا أن الحكومة هي محاولة لعدم انتخاب رئيس، وكنا نقول لهم أن هذه الحكومة تُمهِّد لبناء الثقة بين أعضائها لتُسهِّل انتخابات الرئاسة، فإذا تعثّرت لأي سبب من الاسباب لا يكون هناك فراغ في البلد. ها قد وصلنا إلى الفراغ، وفريق السلطة كان يسوِّف دائماً ويُقطّع الوقت خلال سنة كاملة تقريباً، مُعتقداً أنه إذا جاء وقت انتخابات الرئاسة يستطيع أن يفرض الرئيس الذي يريده، فكنا كلما طرحنا عليهم حلاً رفضوه، وهم يتأملون أن يصلوا إلى الاستحقاق الرئاسي، وقلنا لهم أيضاً أن الاستحقاق الرئاسي لا يمكن أن يتمّ إلا بانتخاب الثلثين. يا جماعة 14 شباط لا تضيِّعوا الفرص ولا تضيّعوا الوقت، ففي نهاية المطاف أنتم مُلزمون بالدستور الذي يقول بانتخاب الرئاسة وفق حضور الثلثين في المجلس النيابي، يعني أنكم بحاجة للتفاهم مع المعارضة، فلا الموالاة تستطيع أن تنتخب وحدها، ولا المعارضة تستطيع أن تنتخب وحدها، وهذا ما حفظه الدستور بشكل مباشر عندما أقرّ الانتخاب بالثلثين من أجل أن يحمي المشاركة في البلد ومن أجل أن يحمي القدرة على تمثيل كل القوى الفاعلة، ومع ذلك رفضتم الالتزام بصيغة الطائف، وحاولتم الترويج لحلول غير دستورية، فأوصلتم البلد إلى هذا المأزق الذي يعيش فيه. لماذا لا يُناقش هذا الفريق الطروحات التي تُقدّمه المعارضة، فمن اللحظة الاولى كنا نسمع منهم رفضاً لكل شيء، يعني وضعوا أمامهم مشروعاً واحداً اسمه اختيار رئيس منهم كيفما كان، وكنا نقول لهم تعالوا إلى أفكار مبدعة ومعقولها، للنناقشها علنا نتلاقى في منتصف الطريق، رفضوا حكومة الوحدة الوطنية، رفضوا النقاش التوافقي المنطقي، رفضوا مبادرة العماد عون بمجرد أن أطلقها، لم يقولوا أنهم سيفكرون فيها أو يغيّرون ويبدلون بعض نقاطها، هم رفضوها مباشرة لأنهم لا يريدون الحوار ولا يريدون النقاش، نحن نحمّل فريق السلطة اللاشرعية مسؤولية عدم انتخاب رئيس جمهورية في الوقت المحدد، لأننا على استعداد دائم للوصول إلى الحل".
وقال الشيخ قاسم: "سأكون صريحاً معكم أكثر، هناك أزمة ثقة في البلد بين المعارضة والموالاة، سببتها الموالاة بسلوكياتها وأدائها، لأنه من لم يعالج مسألة خروج طائفة من الحكومة، وهدد مرارا وتكراراً بالاستفراد بالسلطة ولو بالانتخاب بالنصف زائد واحد خارج الدستور، ومن تمسّك بأسماء مرشحين ولم يتراجع عنهم، ومن لم يلتزم بالاتفاقات السابقة التي عقدناها عندما وجد أن مصلحته الخاصة في الخروج من الاتفاقات والمواثيق، كيف لنا أن نطمئن له في أن يختار رئيساً منه، يمثِّله ويحمل رؤيته طالما أن التجربة كانت مرة جداً معه. هم الذي أوصلوا البلد إلى الفراغ، وهم الذين يجب أن يطمئنونا نحن كمعارضة، نحن الذين نحتاج للطمأنة وليسوا هم، لأن تاريخنا يُثبت أننا شرفاء، ونقدم التضحيات للوطن، ونتحمّل مرارات من أجل الوحدة الوطنية، وندعو دائماً إلى التوافق وإلى المشاركة، وهم دائماً يردون بأن لا للمشاركة ولا للوحدة ولا للتعاون الداخلي ولا لاستقلال لبنان بشكل عملي. إذاً نحن من هو بحاجة للطمأنة، وبالتالي يجب أن يكون الاختيار للرئيس مبنياً على قواعد أساسية لا بد منها، فنحن نريد رئيساً يؤمن بالشراكة الوطنية، ويؤمن بحق الدفاع عن الارض، ويحمي شعبه ومكتسباته، وأن تكون له حيثية مسيحية ووطنية يستطيع من خلالها أن يُطل على الناس، وأن يكون صاحب موقف يلتزم بما تعهّد به، هذه الصفات هي ما تطمئن الجميع، وبكل صراحة فالرئاسة ليست حصة لطائفة أو جماعة، الرئاسة هي مدماك نهضة وتوازن لبنان، لذا نحن بحاجة لهذا الرئيس الذي يتميّز بهذه المواصفات ولا نريد رئيساً كيفما كان".
وقال سماحته: "لقد سمعنا من عدة أشخاص من جماعة 14 شباط انتقادات علنية وواضحة بإشكالهم على الاتفاق المعقود بين حزب الله والتيار الوطني الحر، لأنهم لا يريدون الالتزام بمضمون هذا الاتفاق، بل أكثر من هذا، أنا أعتقد أنه لو فاجأتهم إحدى وسائل الاعلام بالسؤال عن بند واحد من وثيقة التفاهم فلن يتمكنوا من ذكر بند واحد فقط، لأنهم لم يقرأوه، بل رفضوه لأنه في العنوان يوجد كلمة تفاهم، وهم لا يريدون أن يكون هناك تفاهم بين هاتين القوتين الكبيرتين في لبنان، لأنه تفاهم مبني على قواعد يعطِّل مشروعية "فرِّق تسدّ"، ويؤدي في نهاية المطاف إلى خلل كبير في خطّتهم وأدائهم، وإلا فهذا التفاهم موجود أمام الرأي العام، وما فيه هو لمصلحة لبنان ويخدم الوحدة الوطنية، وهذا التفاهم تميّز لأول مرة بين تفاهمات واتفاقات كثيرة حصلت بين عدة أطراف أنه التفاهم الذي وقّعته القيادة والتزمته القاعدة، هذا أول تفاهم يترسّخ في ضمير كل واحد من عناصر الطرفين، ويدخل إلى المواقع الشعبية المختلفة، من هنا هم يخشَون من هذا التفاهم، وقد قلنا مراراً تعالوا والتحقوا به وانضموا إليه، وتعالوا نؤدي دور الشراكة في الالتزامات المشتركة، هم يهربون ويحاولون وضع التهم هنا وهناك، وهم يعلمون تماماً أن حرية لبنان مدينة لحزب الله، وأن سمعة ومكانة لبنان في العالم مدينة للمقاومة، وأن الشرف كل الشرف أن يتفقوا مع هذا الحزب وأن يتعاونوا مع هذا التيار، وأن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من هذا التفاهم الشريف الذي عُقد لمصلحة لبنان والشعب اللبناني".
وأكد الشيخ قاسم: "ليكن واضحاً، لا داعي لاضاعة المزيد من الوقت، فمسار الحل أصبح واضحاً ومعروفاً، إذ أن موقف الجنرال عون هو نقطة ارتكاز أساسية لأي حلّ، ومن دون العودة إلى نقطة الارتكاز هذه لا إمكانية لتجاوز هذا الموقع الاساسي في البلد وهذا التمثيل الشعبي الواسع، وكل محاولة لتجاوزه هي وهم وعبثية وتضييع للفرص، فمن أراد حلاً للبنان عليه أن يجمع بين المعارضة والموالاة من خلال اختيار الرئيس التوافقي، ولا جدوى من الاصرار على الحلول الفئوية التي لن تنفع ولن تُجدي، وأقول لكم أكثر من هذا : ما سنصل إليه من اتفاق بعد سنة أو سنتين هو الذي يمكن أن نصل إليه بعد اسبوع أو اسبوعين، وهو الذي يمكن أن نصل إليه بعد يوم أو يومين، ولذا مهما حاولوا ومهما سوّفوا فمسار الحل معروف، الحل هو التوافق ونقطة الارتكاز هي العماد عون، ويجب أن يعودوا إلى هذا الخط فمن غيره لا إمكانية لاستفراد لبنان ولا أخذه إلى الوصاية الاجنبية ولا لقهره بكل التهديدات التي تأتي من كل العالم، لأننا مصممون على حماية بلدنا وعلى حماية هذا الاستحقاق لأهله ومستحقيه الذين يحملون الجدارة لقيادة لبنان نحو برّ الامان".
وتابع الشيخ قاسم: "آن لنا أن يكون خيارنا خياراً وطنياً بعيداً عن الفئوية والطائفية والوصاية الاجنبية والضغوطات التي تحاول أن تتحكم بلبنان . لو كان هناك نقطة دم عند هؤلاء الذين يدّعون السيادة للبنان، لوقفوا بوجه أمريكا عندما قالت بأنها حجزت على أموال البعض، هي تتدخل لتهدد وتُرسل الرسائل السرية والعلنية من أجل أن تُنجز استحقاقا ًيجعل لبنان ممراً للشرق الاوسط الجديد، لن يكون لبنان ممراً للشرق الاوسط الجديد، وسيبقى لبنان السيد الحر المستقل الذي يرفع رأسه عالياً، وقد جربوا ومهما جربوا سيصلون إلى النتيجة نفسها".
وقال سماحته: "اعلموا أن الاستقواء بالامريكي وبغيره لا ينفع، لأن القواعد الشعبية تريد لبنان الحر المستقل، والتوافق عندما يحصل على الرئيس يفتح كل الابواب الايجابية الاخرى، لأن التوافق يفتح الباب على حكومة الوحدة الواطنية، وحكومة الوحدة تفتح الباب على نقاش الاستقرار السياسية والاقتصادي والاجتماعي والامني، وهذا النقاش يفتح الملفات الداخلية من أجل معالجتها، إذاً نبدأ بسكة الحل من خلال التوافق، ونبدأ بإعادة الثقة فيما بيننا ونحتكم إلى الدستور في كل الصلاحيات التي تكون لكل طرف".
وأضاف الشيخ قاسم: "نحن نعتبر أن الاجابة مطلوبة من جماعة 14 شباط، وحرام عليكم أن تُطيلوا أمد الحل، لأن استجابتكم تضع الحل على السكة فوراً، وعدم استجابتكم يعطّل الحل ويؤجله إلى ما شاء الله. هنا نؤكد مجددا أن المعارضة في الموقع الجدي للعمل التوافقي، وهي أيضاً في الموقع الثابت والقوي والمطمئن لحماية لبنان من الانزلاق نحو التفرد أو الوصاية، فلا يُتعب أحد نفسه بالمراهنة، لا على التطورات الدولية ولا التطورات الاقليمية، نحن شعب مصممون أن نسترد بلدنا إلى حضن أبنائه، ولن نجعله لقمة بيد أحد مهما حاولوا، ومن نجح في مقاومة غطرسة اسرائيل، ينجح في حماية استقلال بلده السياسية بالطرق السياسية والشعبية لأن ما نمثّله كمعارضة هو أغلبية ساحقة من الشعب اللبناني، ونحن نعلم أنه في الطرف الشعبي عند الموالاة من يصرخ ويريد الاتفاق مع شركاء الوطن، فتعالوا نستغل هذه الفرصة، فإذا كنتم جادين بإمكاننا أن نُنجز الاستحقاق خلال اسبوع وإلا ستطول المدة، والناس يعلمون أنكم مسؤولون عنها، فإذا قال البعض: لكن سيكون الرئيس من الطرف الآخر، نقول بأن من كان وطنياً هو ليس طرفاً آخر، ومن كان يلتزم الدستور هو ليس طرفاً آخر. لقد شبعنا كلاماً عن الضمانات، شبعنا تطمينات غير دستورية وغير واقعية، نريد من خلال الدستور أن ننتخب رئيساً توافقيا، نحن حاضرون فهل أنتم حاضرون؟".