يستمر نظام آل خليفة في البحرين في مشروعه الإلغائي الرامي الى استهداف المنابر الدينية، وخصوصاً المجلس العلمائي الاسلامي الذي يعتبر أعلى هيئة دينية للطائفة الشيعية في المملكة، حيث قضت المحكمة الإدارية الكبرى بحلّ المجلس وتصفية أمواله، وذلك إثر الدعوى المرفوعة من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف خالد بن علي آل خليفة.
وادّعى وزير العدل بأن المجلس تأسّس دون سند من الدستور أو القانون وبمخالفتهما، وأنه يمارس نشاطاً سياسياً بغطاء ديني طائفي، وتصريحاته تهدد أمن وسلامة المملكة والسلم الأهلي، وتشجع روح العنصرية المذهبية بما يؤدي إلى تمزيق الوحدة الوطنية ويذكي نار الفتنة الطائفية"، على حدّ تعبيره.
وفي هذا الإطار، قال المحامي محسن العلوي إن "حلّ المجلس العلمائي سياسي، وليس من حق القضاء الحكم بما لم يطلبه الخصوم"، مضيفاً "محاكمنا تجاوزت في تعسفها تعسف السلطة التنفيذية وقضت بحل المجلس العلمائي".
وتابع "من دلائل سياسية الحكم أنه تم تأخير قضية المجلس العلمائي كآخر قضية رغم تواجدنا مبكراً، وكان القاضي يطلب من المحامين الآخرين مغادرة المحكمة".
كذلك صرّح المحامي عبدالله الشملاوي: "كما كان مُتوَقعاً لدرجة اليقين ، قضت المحكمة البحرينية بحلّ بطلبٍ من وزير العدل"، فيما أكدت المحامية زهراء مسعود أن هذا الحكم هو "الأغرب" في حياتها، وأردفت " أغرب حكم رأيته في حياتي، حكم بحلّ كيان غير معترف به قانوناً مستشهدة بما جاء على لسان لسان المدعي في اللائحة عندما قال "ما يُسمى بالمجلس العلمائي".
وأمس، رأى رئيس المجلس العلمائي السيد مجيد المشعل، في كلمة له خلال وقفة تضامنية من العلماء والحوزات مع المجلس، أن "هذا العدد الكبير من العلماء الأفاضل من الحوزات العلمية، يعبّر عن وحدة الهدف، ووحدة المسار، ووحدة المصير".
وأشار المشعل الى أن هذه الوقفة العلمائية "ترسل رسالة إلى السلطة بأن المجلس ليس منفردا، وليس منعزلا، وليس كيانا يمكن الاستفراد به، بل هو متجذّر ومتواصل بكل معنى التواصل مع الحوزات والكيانات العلمائية في هذا البلد، وان أي استهداف له هو استهداف للوجود العلمائي والطائفة الكريمة في هذا البلد".
وفي سياق متصل، أكدت جمعية "الوفاق" في البحرين أمس أن استهداف النظام للمجلس الإسلامي العلمائي يعكس المشروع الطائفي للسلطة، وأن استهداف مؤسسة إسلامية بهذا الوزن يعكس حجم الحرب المنظمة من السلطة ضد حرية المعتقد والشعائر ويكشف عن حجم المشكل السياسي الذي تجاوزت فيه السلطة كل الحدود.
وقالت "الوفاق" إن "هذه المساعي الآثمة تسجل ضمن أبشع الانتهاكات وأكثرها صراحة ضمن الممارسات الطائفية ضد شعب البحرين ومحاولته لتقييد الحريات ومحاصرة النشاط الأهلي مما لا يتوافق مع أهواء النظام وأجنداته الاستبدادية"، وأضافت إن "هذه المساعي جاءت بالتزامن مع سلسلة إجراءات طائفية قام بها النظام، بدأت بالانتهاكات ضد الشعائر الدينية في موسم عاشوراء، ولم تنتهِ بالتعدي على المصلين في المساجد التي قام بهدمها في فترة الطوارئ 2011 ومنع الصلاة فيها، ومحاولة تغيير مواقعها بشكل غير شرعي ولا قانوني، الأمر الذي يفسر كل الدوافع الانتقامية التي ينطلق منها تجاه المواطنين".
وأوضحت "الوفاق" أن "حجم الإنتهاكات الدينية والمساعي الطائفية الآثمة توضح للمجتمع الدولي حجم التهور الرسمي والمصادرة لحقوق الشعب وحرياته، من منطلقات إقصائية توضحت قبل انطلاق الثورة في 14 فبراير/شباط 2011 وتكشفت أكثر بعدها".
وشددت "الوفاق" على أن "الحكم بإغلاق المجلس الإسلامي العلمائي سيثبت للجميع أن النظام في البحرين غير قادر على التعايش مع شعبه، ويعجز عن القبول بالتوجهات الأخرى وينطلق بشكل طائفي واستبدادي في كل مساعيه التي يغلفها بالغلاف القانوني بينما تتضمن أوضح صور التعسف والاستبداد بحق الشعب".
يذكر أن المجلس تأسّس في 21 تشرين الأول 2004.