انتهت جلسات الأمس في مفاوضات جنيف ـ 2 بشأن الأزمة السورية بين وفد الحكومة ووفد "الائتلاف" المعارض على اصطدام بعقدة اختلاف الأولويات بين الطرفين قبل أن يوضع بيان جنيف ـ 1 على طاولة البحث، ورغم الاصطدام بهذه العقدة وغيرها، إلا أن المفاوضات تبدو مستمرة على الرغم من عدم توقع المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي حصول أي معجزات ما يشير إلى صعوبة المحادثات المقبلة.
وقد اعلن الوسيط الدولي المكلف رعاية المفاوضات في مؤتمر صحافي عقده مساء اليوم بعد انتهاء جلسات التفاوض، "غدا سنضع على الطاولة بيان جنيف-1، وبالطبع الطرفان يعرفانه جيدا" و"بعد ذلك، سنقرر معهم كيف نناقش البنود العديدة في هذا البيان، وبينها تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة". لكن المبعوث الدولي استطرد بالقول : "لن نبدا بالتأكيد بهذا الموضوع، انه الموضوع الأكثر تعقيدا".
وينص اتفاق جنيف-1 الذي تم التوصل إليه في مؤتمر غابت عنه الاطراف السورية في حزيران/يونيو 2012، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. وتعتبر المعارضة أن نقل الصلاحيات يعني تنحي الرئيس السوري، فيما الحكومة ترفض مجرد التطرق الى مسألة الرئيس، كما يشكك في تمثيلية المعارضة.
وكانت الجلسة المشتركة التي عقدت صباحا اصطدمت بخلاف على أولويات البحث، ما دفع الابراهيمي الى رفعها.
وقال مصدر مقرب من الوفد الحكومي أن الوفد قدم خلال الجلسة "ورقة عمل تتضمن المبادئ الاساسية لانقاذ سوريا (...) مما تتعرض له من ارهاب تكفيري. وما ان انتهى الوفد من تقديم هذه الورقة حتى رفضها وفد الائتلاف الذي طلب الحديث فقط عن هيئة انتقالية. على الاثر، رفع السيد الابراهيمي الجلسة".
من ناحيتها قالت ريما فليحان من وفد المعارضة ان "المفاوضات اليوم لم تكن بناءة بسبب منطق وفد النظام الذي حاول تغيير مسار الجلسة". واضافت "كان من المقرر ان تبحث الجلسة في تنفيذ بيان جنيف ـ 1 وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية الكاملة الصلاحيات وحاول وفد النظام تغيير المسار الى مناقشة الارهاب".
واوضحت المستشارة السياسية للرئيس السوري بثينة شعبان العضو في وفد الحكومة الى جنيف-2 "ان الورقة كانت تعبيراً عن نوايانا الحسنة، وتتضمن المبادىء السياسية الأساسية التي لا يمكن، بحسب ظننا، لسوريين اثنين ان يختلفا عليها".
واضافت للصحافيين "فوجئنا بان هذه المبادىء الاساسية رفضت من الطرف الأخر الذي، إما لا يملك القدرة على الاقرار بسيادة سوريا، وإما لا يهتم بما يحصل للشعب السوري".
وتنص ورقة الوفد الحكومي على "احترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة اراضيها وعدم جواز التنازل عن اي جزء منها والعمل على استعادة اراضيها المغتصبة كافة". كما تشدد على "رفض الارهاب ومكافحته ونبذ كافة اشكال التعصب والتطرف والافكار التكفيرية الوهابية".
وترفض "اي شكل من اشكال التدخل والاملاء الخارجي في الشؤون الداخلية السورية بشكل مباشر أو غير مباشر، بحيث يقرر السوريون بانفسهم مستقبل بلادهم عبر الوسائل الديموقراطية من خلال صناديق الاقتراع وامتلاكهم للحق الحصري في اختيار نظامهم السياسي بعيدا عن اي صيغ مفروضة".
وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان ما طرح في الورقة "لا يناقض جنيف ـ 1، ونحن يفترض بنا ان نناقش كل شيء. هل تظنون اننا اغبياء لنأتي الى هنا ونوافق فقط على ما يطرحه الآخرون؟ يجب ان يناقش السوريون كل هذه الامور".
وراى ان ورقة العمل يفترض ان تخلق "توافقا وطنيا"، إلا ان بعض الاشخاص في المفاوضات "لا يمثلون الشعب الذي يدعون تمثيله".
وبرغم المطبات التي واجهت الطرفين، إلا أنهما اكدا ارادتهما البقاء في المفاوضات. وعقد الابراهيمي بعد الظهر اجتماعات مع كل وفد على حدة. وقال في مؤتمره الصحافي "انا سعيد لوجود ارادة بمواصلة هذه المحادثات. لا توجد معجزات هنا. سنرى ما هو التقدم الذي يمكننا ان نحرزه وحجمه".
وخلال مفاوضات اليومين الماضيين، بحث الجانبان موضوع ادخال مساعدات انسانية إلا أن وفد المعارضة التمييز بين بعض المناطق فيما اصر الوفد الحكومي أن عدم التمييز بين المناطق وإدخال المواد الاغاثية إلى جميع المناطق . وقال الابراهيمي انه حصل على وعد من السلطات السورية بالسماح للنساء والاطفال المحاصرين منذ اشهر في وسط حمص، بمغادرة المدينة، بحسب قوله الاحد.