من روضة شهداء المقاومة الاسلامية في الغبيري، استهلّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارته للبنان، حيث وضع اكليلاً من الزهر على ضريح الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، وشهداء تفجير السفارة الايرانية.
وفي تصريح له، دعا ظريف الى "الوحدة ومواجهة التطرف ومكافحة العنف"، وقال "كلنا ضحايا للتطرف، والاسلام الحنيف بريء من الفكر التكفيري، فالتطرف لا يفرق بين لبناني وايراني وسوري وسعودي".
ورأى ظريف أن "ذكرى ولادة الرسول (ص) ينبغي أن تحمل في طياتها المعاني الجميلة للمقاومة"، مشيراً الى أن "الدين الاسلامي هو الدين الذي يدفع نحو التصدي للظلم والعدوان والاستكبار، وفي المقابل هو دين حنيف يتبرأ من كل معاني الارهاب والتكفير"، ومشدداً على أن "زيارتنا الى هذه الروضة المباركة هو أبلغ تجسيد لهذه المعاني"، كما دعا العالم الاسلامي الى الوحدة والتكاتف لمواجهة التكفير والارهاب.
ظريف طانت له محطة في ضيافة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الذي استقبله والوفد المرافق له، بحضور السفير الإيراني في بيروت الدكتور ركن آبادي.
وقد جرى استعراض شامل للأوضاع في لبنان والمنطقة وعلى مختلف الصعد.
المحطة التالية في زيارة ظريف كانت في قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وجرى عرض للعلاقات الثنائية والاوضاع في المنطقة والوضع في سوريا.
وأبدى الوزير الايراني ارتياحه "للمناخات الايجابية السائدة في الداخل راهنا وعنوانها الاول تشكيل حكومة جديدة"، منوها بـ"الدور الذي يقوم به رئيس الجمهورية لتوفير مثل هذه المناخات وتوطيد الوحدة والاستقرار"، مشيرا الى اهمية "أن تقوم علاقات جيدة بين ايران والدول العربية وخصوصا المملكة العربية السعودية من اجل تركيز الاستقرار في المنطقة وحمايته".
ولفت الى "ضرورة ان تتوقف دورة العنف في سوريا وان يضع مؤتمر جنيف 2 اسس حلول سلمية، على ان يقرر الشعب السوري بنفسه المستقبل السياسي لبلده"، مشيرا الى ان "ايران، سواء دعيت الى هذا المؤتمر او لم تدع، فهي ستواصل مساعيها من اجل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، الذي ينعكس ايجابا على الوضع في لبنان".
وشكر لسليمان "اكتشاف مرتكبي تفجير مقر السفارة الايرانية"، ناقلا تحيات الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني اليه والرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية.
بدوره، رحب سليمان بالوزير الايراني والوفد المرافق له، منوها بما "تقوم به ايران على المستويين الدولي والاقليمي وانعكاساته الايجابية بشكل عام"، مشددا على "اهمية وضرورة الحوار الايراني مع الدول العربية واقامة علاقات جيدة في سبيل الحفاظ على الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط، كما وضرورة ان يتوصل مؤتمر جنيف 2 الى وضع خريطة طريق لحل سلمي للأزمة السورية وان يقرر تاليا ابناء الشعب السوري مصير بلدهم"، وابدى ارتياحه "للمباشرة بوضع بنود الاتفاق في شأن النووي الايراني موضع التنفيذ".
وحمل رئيس الجمهورية ظريف تحياته الى الرئيس روحاني والامام السيد علي خامنئي.
مصادر سليمان وصفت لقاءه مع وزير الخارجية الإيرانية بـ"الممتاز"، وقالت لـ"العهد" إن "الإجتماع كان مناسبة لبحث العلاقات الثنائية بين لبنان وإيران، وجملة ملفات إقليمية لا سيما مؤتمر "جنيف 2" والإتفاق النووي الإيراني".
والى عين التينة انتقل ظريف، حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الثانية من بعد ظهر اليوم والوفد المرافق والسفير الايراني في لبنان غضنفر ركن آبادي، بحضور وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عدنان منصور والمستشار الاعلامي علي حمدان، وجرى عرض للاوضاع والتطورات الراهنة في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وقد نقل ظريف للرئيس بري دعوة رسمية من رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني لزيارة طهران.
واستبقاه الرئيس بري والوفد المرافق له الى مائدة الغداء.
ظريف زار أيضاً رئيس الحكومة المكلف تمام سلام اليوم في دارته في المصيطبة، ومن المقرّر أن يجول على عدد من المرجعيات السياسية في لبنان على ان يستقبل لاحقاً شخصيات دينية وحزبية وسياسية.
والتقى ظريف أيضاً وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور الذي قال إثر اجتماعه بالضيف الايراني "تربطنا علاقات أخوية وصداقة مميزة تتجسد بمختلف الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة مع الجمهورية الاسلامية، وزيارة ظريف تكتسب أهمية كبيرة نظراً لما تشهده المنطقة ونظراً لما يربطنا بطهران من علاقات نستطيع معها مواجهة التحديات"، وأضاف "المحادثات بيننا تناولت القضايا المهمة في المنطقة وعلى رأسها ما يجري في سوريا وفي دول عديدة، ولا شك أن ما يجري في سوريا يلقي بظلاله علينا جميعاً نظراً لتأثيرات الازمة ليس على سوريا فقط وانما على دول الجوار والمنطقة ولبنان".
وتابع منصور "موجة الارهاب هذه تنال الاهمية القصوى لما تجتاحه وتفعل من مآسٍ على دولنا، لذلك كان التوافق بيننا ان الحل في سوريا لا يمكن ان يتم الا سياسياً"، وأردف "نتطلع معاً الى جنيف 2 من اجل الحل الملائم لسوريا".
بدوره، قال وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف إن"زيارتي الى لبنان ترافقت مع مبادرات سياسية من أجل المزيد من التلاقي والوحدة بين الافرقاء المحليين مما قد يؤدي الى ولادة الحكومة الجديدة، فلبنان يعتبر بالنسبة للجمهورية الاسلامية بلداً صديقاً ونموذجاً يحتذى به في المقاومة والعزة تجاه الاطماع الصهيونية".
ولفت ظريف الى أن"هناك تحديات مشتركة للبنان وإيران ودول المنطقة ما يستدعي توحيد المساعي من أجل مواجهة ظاهرة التكفير والتطرف"، واشار الى ان "الدماء اللبنانية تلاقت وتلاحمت مع الدماء الايرانية خلال الهجوم الارهابي على مقرّ السفارة الايرانية"، وقال :"نحن نثمن الجهود التي بذلتها الحكومة اللبنانية بعد تفجير السفارة الايرانية مما أدى الى وضع يدها على هذا الملف،" مشدداً على "وقوف الجمهورية الاسلامية الى جانب لبنان الذي أبدى حرصاً على الوصول الى حلّ سياسي للأزمة السورية"، كما عبر وزير الخارجية الايرانية عن "الأمل في أن نتمكن من وضع كلّ مذكرات التفاهم بين البلدين موضع التنفيذ."
الى ذلك، رأى ظريف ان "ظاهرة الارهاب وظاهرة التفكير تستهدف الجميع دون استثناء"، وقال :"نحن نعتقد أن هذا التحدي المشترك لا يواجه الا ضمن مساع مشتركة، ونحن نعتقد ان المصالح الآنية والضيقة لا يمكن أن تحجب الرؤيا عن المصالح الاستراتيجية التي تجمع دول المنطقة"، اضاف:"أود أن اؤكد في هذا الاطار اننا نسعى الى إقامة أفصل العلاقات مع دول المنطقة والجوار وعندما نتحدث عن دول الجوار لا يمكن ان نستثني السعودية لأن العلاقة بين الجمهورية الاسلامية والسعودية بامكانها ان تلعب دورا بارزا في استتباب الامن في ربوع المنطقة".
وكان وزير الخارجية الايرانية انهى جولته على المسؤولين اللبنانيين بلقاء سياسي عقده ليلاً في اوتيل فينيسيا بحضور حشد من الشخصيات السياسية المتنوعة، بينها: ممثل الرئيس أمين الجميل نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي، الرئيس حسين الحسيني، ممثل البطريرك الماروني الكادرينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، النائب إميل رحمة، النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، رئيس "حزب التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، رئيس "جمعية المبرات الخيرية الاسلامية" السيد علي فضل الله، وفد من "تجمع العلماء المسلمين" وممثلون عن عدد من الأحزاب والقوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية.
وخلال اللقاء، أشار ظريف الى أن "هناك تحديان أساسيان يواجهان المنطقة وشعوبها: الأول "وجود كيان غاصب يحتل فلسطين ويعمل على زرع بذور الفرقة بين العرب والمسلمين، وهو الامر الذي يتيح له الاستمرار بتنفيذ سياسته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني"، والثاني "هو التحدي المتمثل بظاهرة الارهاب والتطرف التي عصفت بالمنطقة وشعوبها ووصلت أخيرا إلى لبنان".
وفيما لفت ظريف الى أن "آثار أحداث سوريا لم تقف عند حدودها"، حذر من أن "عدم التلاقي والتكاتف لاجتثاث الارهاب سيؤدي إلى انتقال هذا الارهاب إلى المنطقة كلها"، معلناً استعداد بلاده للتعاون "من أجل محاربة ظاهرة الارهاب"، فـ"مسألة الأمن غير قابلة للتجزئة فإما ان نعيش جميعا بهدوء وإما تعم الفوضى في كل ربوع بلداننا".
وشدد ظريف على أن بلاده "ترى أن الحل في سوريا يكون عبر افساح الطريف أمام الشعب السوري للتعبير عما يريده في صناديق الاقتراع".
لبنانيا، حيا ظريف الجهود "التي تبذل في لبنان من أجل الوصول إلى حكومة جامعة"، معتبرا ان "هذه الحكومة ستشكل درعا للبنان من مخاطر الارهاب". وقال إن المسؤولين الإيرانيين "يتابعون التطورات السياسية الإيجابية في لبنان والتي تدل على جهود مشتركة لولادة الحكومة برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام".
وأعلن تصميم بلاده على "المضي قدما بالتعاون مع لبنان في مختلف الميادين، وبما يلبي مصالح البلدين والشعبين"، وكذلك التزامها بكل الاتفاقيات التي وقعت مع لبنان، واستعدادها للعمل على وضع بنود هذه الاتفاقيات موضع التنفيذ.
وجدد القول إن "لبنان بالنسبة لإيران والمنطقة، هو بلد عزيز جدا"، و"نموذج يحتذى من الدول العربية وإيران في مجال المقاومة ومن خلال التعايش بين أبناء الديانة السماوية"، لافتا إلى ان "التطرف والنزاعات والفتن ليس لها أي جذور في الديانات السماوية".
بعد ذلك، أقامت السفارة الإيرانية، عشاء على شرف ظريف، شاركت فيه الشخصيات التي حضرت اللقاء.