لطيفة الحسيني
تصوير: عصام قبيسي
مضى شهران على تفجيري السفارة الايرانية في بئر حسن. وقت قصير لم يهدّئ من روع المصيبة التي حلّت بأهالي الشهداء والضحايا.. الجريمة لا تزال آنية بنظرهم فكيف اذا اكتُشفت هويات القتلة؟ قتلة باتوا معروفين بالأسماء، فكتائب "عبد الله عزام" المرتبطة مباشرة بتنظيم "القاعدة" تبّنت التفجيرين وزعيمها ماجد الماجد أصبح في قبضة الجيش اللبناني.
الى نقابة الصحافة حيث ملأتها لافتات شجب الارهاب السعودي وصور الضحايا، توجّه أهالي شهداء تفجيري بئر حسن، ومن هناك أطلقوا صرختهم للاقتصاص من العدالة "لا لترحيل الماجد الى السعودية ولمحاكمته في لبنان". ومن بوابة إنجاز الجيش في إلقاء القبض على هذا الارهابي، شكر الأهالي قيادة المؤسسة العسكرية على ما بذلته من جهود أفضت الى توقيف المجرم، مطالبين الرؤساء الثلاثة والحكومة مجتمعة ولاسيّما وزارة العدل والأجهزة القضائية المختصة وكلّ من يتحمل المسؤولية تجاه هذه القضية بأن يُصار الى محاكمة ذاك المجرم السعودي على الأراضي اللبنانية حيث ارتكبت جرائمه، داعية الى عدم تسلميه لأي جهة خارجية كانت تحت أي عنوان أو تبرير أو ضغط أو مراعاة.
الأهالي أعلنوا عن انطلاق تحركاتهم كعوائل شهداء وجرحى بدءاً من طلب اللقاء مع الرؤساء الثلاثة وقيادة الجيش، وتالياً برفع دعاوى قضائية بحقّ الماجد ومن يظهره التحقيق، مؤكدين متابعة الملفّ حتى خواتيمه.
الأهالي تحدّثوا لـ"العهد" عن وعد قطعوه لذويهم الشهداء للانتقام من كلّ إرهابي ساعد ودعم ونفّذ جريمة بئر حسن، معوّلين على وعي الأجهزة القضائية والقيادات لمنع ترحيل الماجد حتى تجري محاكمته في لبنان وصولاً الى إنزال عقوبة الاعدام بحقّه، وتنفيذ ذلك في ساحة عامة على مرأى العالم كلّه "فأولادنا ليسوا أقلّ شأناً من أولاد المسؤولين ونحن لسنا مجرمين لكي نسكت عن مظلوميتنا"، ردّ الأهالي.
توازاياً، وتحصيلاً للحقّ العام، تقدّمت المحامية مي الخنسا بدعوى قضائية تحت عنوان "كتاب إخبار" الى النائب العام التمييزي سمير حمود اليوم، ضدّ رئيس الاستخبرات السعودية بندر بن سلطان والأمير السعودي الوليد بن طلال والإرهابي ماجد الماجد ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة والمخابرات الاسرائيلية، دفاعاً عن "اللبنانيين الشرفاء الذين تعرضوا للارهاب السعودي الصهيوني".
الخنسا أبلغت "العهد" أنها أرفقت دعوتها بمستندات تثبت تمويل السعودية للحركات الارهابية وبوثائق تؤكد عمالة السنيورة لـ"اسرائيل"، مشيرة الى حقّ القضاء اللبناني بمحاكمة ماجد الماجد وترحيله فور انتهاء العقوبة التي تصدر بحقّه، وهنا استشهدت بحادثة سجن اللبناني حسين سباط في السعودية لاتهامه بالتنجيم حيث مضت ست سنوات على اعتقاله، والسلطات ترفض تسليمه الى لبنان منذ ذلك الوقت رغم كلّ المحاولات والجهود التي بذلت لاسترجاعه وتحديداً من الرئيس سعد الحريري.
وهنا بعض من الوقائع التي وردت في دعوى الخنسا اليوم:
"نتيجة التصريحات التي ادلى بها المسؤولون في المملكة العربية السعودية ونتيجة التقارير الثابته ، تأكد ان الادارة في المملكة العربية السعودية هي السبب الرئيسي لاشعال الفتنة والقتل والتسبب بالاجرام الحاصل داخل الجمهورية العربية السورية وداخل جمهورية العراق وداخل لبنان وإن الحكومة السعودية هي المتسببة بالارهاب وقتل الابرياء داخل الولايات المتحدة الأميركية وهي موضع ملاحقة حالياً نتيجة الارهاب الذي ارتكبته.
وإنه رغم العلاقات الممتازة بين الادارة الاميركية والادارة السعودية فان هذا لم يحول دون مقاضاة المملكة العربية السعودية أمام القضاء الاميركي لقيامها بتغذية الارهاب وتمويل القاعدة وإن ما تقوم به السعودية من الادعاء بأنها ألقت القبض على إرهابيين وتعلن أسماءهم ما هو إلاّ تغطية مسبقة ونصيحة قانونية قُدّمت للادارة السعودية لحماية نفسها من الملاحقة نتيجة الذي سوف يُكتشف من جرائم إرهابية بحق سعوديين. ومنهم ماجد الماجد المعتقل على يد الجيش اللبناني البطل الذي نوجه له كل التحايا ومستعدين لتقديم كل الدعم بعيداً عن مال الارهاب الذي يهدف الى قتل الشعب اللبناني.
تأكد ونتيجة العملية الجريئة التي قام بها الجيش اللبناني خلال اعتقال الارهابي ماجد الماجد ورفيقه أن الارهاب الاكبر بندر بن سلطان هو راعي الإرهاب في المملكة العربية السعودية الرسمي وعراب عنف حكومته ووكيلهما الحصري في القتل وارتكاب جرائم تفخيخ السيارات وارسال العبوات ولا نبرئه من مقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكافة الشهداء اللبنانيين وآخرهم الشهيد محمد شطح وتفجير المسجدين في طرابلس بهدف إشعال الفتنة واستغلال الفتية في مقتبل العمر لادخال أفكار تكفيرية في ذهنهم. وإن سجل بندر بن سلطان أسود ودموي، ماضيه قاتم ومقيت، ودوره الفتنوي هو نتيجة تعاونه مع المخابرات الصهيونية والتي أصبحت علنية في اللقاء الاخير في "كان" ولم تعد المملكة العربية السعودية تخفي وبشكل علني تآمرها للتخلص من الجيوش العربية كافة وقتل أكبر قدر ممكن من الشباب العربي.
وإن المملكة العربية السعودية هي أول من يتحمل مسؤولية قتل عدد كبير من أبناء الجيش اللبناني وكافة التفجيرات الحاصلة في لبنان ابتداء من التفجير الذي هزّ بئر العبد، والرويس، وطرابلس، وصولاً إلى تفجير السفارة الإيرانية، وتفجير منطقة ستاركو، وأخيراً تفجير الشارع العريض في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإن علاقات بندر بن سلطان السابقة مع الاسرائيليين والاميركيين ومخابراتهم يتحدث عنها كثيرون وليس آخرها ما بفضحه إعلام العدو عن تقاطع المصالح لبلاده والصهاينة، داعياً إلى توثيق عرى التعاون بينهما وتأكيد المخبر عنه الوليد بن طلال بخصوص التعاون مع إسرائيل بشكل علني مما يجعله شريكاً في الارهاب. وإن التقارير الاستخباراتية المؤكدة بيّنت بعد سنين طوال من التفجير، أن بندر بن سلطان (أي الادارة السعودية) قد شارك تخطيطاً وتمويلاً في ثمانينيات القرن الماضي في تفجير سيارة الموت في بئر العبد، التي أُعدّت لاغتيال سماحة السيد محمد حسين فضل الله. وقد اعترف بذلك رسمياً في كتاب "الأمير" لصديقه الكاتب البريطاني ويليام سمبسون، وذكره بوب وودورد في كتابه "الحجاب: الحروب الخفية لوكالة الاستخبارات الأميركية".
منذ ذاك الحين وما قبله ما انكفأ الدور السعودي ولا تراجع عن الساحة اللبنانية، ففي عدوان تموز 2006 منح "عقلاء المملكة" لجيش العدو غطاء عربياً لضرب من أسموهم بـ "المغامرين"، وهو ما أكّده الكاتب الأميركي كريستوفر ديكي في صحيفو "ذا ديلي بيست"، بأن لبندر الدور الفاعل في هذه الحرب والمحرّض على استمرارها، واصفاً إياه بكبير الجواسيس. وإن يد بندر بن سلطان التي تعاونت مع العدو الصهيوني كان لها نفوذاً من خلال المخبّر عنه الرئيس فؤاد السنيورة والي نُشر أكثر من تقرير يؤكد أنه عميل للاستخبارات الاسرائيلية واسمه الحركي "نور".
وقد أكّد رئيس الاستخبارات الفرنسية السابق برنار سكارسيني عن أن بندر يسلّح كل المجموعات "الجهادية" التي بايعت "القاعدة"، المتمركزة في المخيمات الفلسطينية قرب صيدا وطرابلس في مخطط واضح لعرقنة لبنان. لا يقف تصعيد الرجل الستيني ومملكته عند هذا الحد بل يتعداه إلى منع اللبنانيين من التلاقي وتشكيل حكومة جامعة فضلاً عن عرقلة كل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز ليبقى لبنان يمد يده لطلب الحسنة من المملكة العربية السعودية.
وهذه تعتبر من الناحية القانونية أدلّة تبيّن مشاركة السعودية في العمليات الإرهابية التي ترتكب في لبنان منذ وقت بعيد لا سيما خلال معركة نهر البارد ضدّ الجيش اللبناني حيث كان ماجد الماجد رأس الخيط فضلاً عن كثيرين غيره من أمراء الإرهاب تمّ التعرّف على أكثر 51 منهم من بينهم التالية أسماءهم:
طلال مسلم صالح الصيعري، مبارك بن ناجي بن عامر الكربي، عامر بن سالم سليمان الصيعري، محمد بن محيل المطيري، سعيد دليم سعيد عسيري، أبو يوسف الجرزاوي، عصام سليمان محمد الداود، معاذ عبد العزيز ناصر الداود، معاذ عبد الله سليمان المخلق، عبد الله محمد أحمد بيشي، عايض مبارك عبد الله القحطاني، عبد الرحمن حسين عبد الله الماص، عبد الرحمن يحيى عبد العزيز اليحيى، عبد المجيد عمر علي آل علي بن ليث الصيعري، طلال مسلم صالح الصيعري، خالد علي سليمان بن ليث الصيعري، عبد العزيز خالد إبراهيم العبيد، تركي محمد علي آل حمدان الغامدي، الحميدي عبد الله مبارك ثمر الدوسري، حمد مجول حمد الثابتي الشمري، سعد أحمد الكعبور، سعيد يسلم الصعيري، عبد الله سالم صالح آل معروف، يوسف عبد الله الحربي، علي مبارك مساعد الهمامي، جابر مهدي أحمد آل حسين بركة، عبد الله أحمد منصور المنصور، مبارك علي صالح الكربي، عبد الله علي عبد الله الوهابي، فارس سويلم الوريكة، نايف عايد العنزي، عاطف صالح العوفي، صنهات سويلم صنهات الوريكة، عبد الله محمد حسن المورعي، مشعل حمدان مفرح السعيدي الظفيري، أحمد سعد متعب المحمد، عمر فهيد إبراهيم المرواني الجهني، محمد فهد عبد الرحمن الرقيب، فواز فهد غويزي السحيمي الحربي، محمد أحمد عبد الرحمن المسفر، محمد حسن سعيد المداوس العمري، أشرف باتع عتيق اللحياني، ياسر عبد الرحمن أحمد تكروني، سعيد عبدالله الزهراني، فيصل معيض الجعيد، عبد المجيد عويض قليل العتيبي، عبد الله عبد القادر عمر البريكي بالعبيد، أبو عبد الرحمن، أبو الفاروق، أبو شلفة.
وهذا كافٍ لتأكيد التعاون الصهيوني السعودي مع بعض أفراد الحكومة اللبنانية السابقة بهدف التخلص من كلّ ما يهدف وكل من يعمل على مقاومة دولة إسرائيل الغاصبة".