اضاف:" ومن هذه الزاوية يمكن رصد لقاءات رئيس وزراء العدو مع رئيس السلطة الفلسطينية، من دون أن تعطي هذه اللقاءات أية إشارات واضحة للفلسطينيين في مسائل الاستيطان والقدس والجدار الفاصل وعودة أللاجئين، لأن أميركا تريد لهذا المؤتمر أن يعطي إسرائيل فسحة زمنية اكبر لإحكام طوقها الاستيطاني من حول القدس، ولاستمرار مخططها حيال فلسطين الـ48، إلى جانب سعيها لاستهلاك الوقت الضائع ريثما تبتعد الأوضاع الدولية عن الضغط عليها، وخصوصا مع حصارها ألتجويعي والأمني لقطاع غزة، واستمرارها في عمليات الاغتيال التي يسقط فيها الفلسطينيون بالسلاح الأميركي الذي يمثل آلة القتل والجريمة الأميركية - الإسرائيلية التي يراد لها أن تلاحق شعوب المنطقة وحركات الممانعة فيها تحت ذريعة ملاحقة الإرهاب. وهكذا تبدو منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما المنطقة العربية، تعيش الاهتزاز السياسي الحاد، من خلال ما ينتظرها في المستقبل من الأحداث الأمنية والسياسية والانهيارات الاقتصادية، بفعل الخطة الأميركية التي تنتقل مفاعيلها من موقع إلى موقع آخر".
وتطرق الى الوضع في العراق وقال: "ففي العراق لا يزال الوضع يواجه الخطورة في عمليات القتل اليومي التي تنطلق بها جهات تكفيرية من جهة وقوات الاحتلال من جهة أخرى وبقايا النظام السابق. هذا، إلى جانب الكتل السياسية المنطلقة من الخط الطائفي الذي يستخدم الكثير من الأساليب والمواقف السلبية لإسقاط الاستقرار السياسي الذي يحتاجه العراق لتأسيس دولته الحرة المستقلة، إضافة إلى الفوضى التي أثارتها خطة الاحتلال ضمن استراتيجية الفوضى البناءة، حسب تعبير الرئيس بوش، والتي يستهدف منها خلط كل الأوراق لتحقيق مشاريعه السياسية والاقتصادية".
وتطرق الى الوضع في باكستان وقال:" وفي باكستان الحليفة للادارة الأميركية، تعيش الفوضى السياسية والمشاكل الأمنية من خلال الدكتاتورية التي تغطي حكمها بعناوين ديمقراطية، بالرغم من الخطوط التي تلتقي بالسياسة الأميركية التي اعتبرت هذا البلد قاعدة لبسط نفوذها على المنطقة كلها، من خلال حدودها الواسعة مع أكثر من دولة. هذا إلى جانب شعار مكافحة الإرهاب الذي تستخدمه الإدارة الأميركية للضغط على معارضيها، ولا سيما الإسلاميين".
اضاف: "أما أفغانستان التي يسيطر عليها الحلف الأطلسي بقيادة أميركا، فلا تزال الضحايا تسقط في ساحاتها في أكثر من منطقة من مناطقها، بحيث لم يستطع الشعب الأفغاني أن يحصل على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي". وتابع: "وتمتد المسألة إلى الضغوط الأميركية والأوروبية ضد إيران، تحت تأثير تهمة عزمها على صنع القنبلة الذرية في ملفها النووي السلمي، بالرغم من نفي وكالة الطاقة الذرية أي دليل على ذلك. وتقوم أميركا ـ في المقابل ـ بمحاولة القيام بحصار اقتصادي من خلال إقرار عقوبات جديدة في مجلس الأمن، إلى جانب التهديد المتحرك بالحرب ضدها التي قد تؤدي إلى كارثة جنونية في المنطقة الخليجية".
وتحدث عن لبنان وقال:" اما في لبنان، فإن هناك أكثر من عقدة داخلية تتحرك في ملف الاستحقاق الرئاسي، من خلال صراع فريق معين هنا أو هناك على السلطة، بفعل إثارة التعقيدات حول هذا الشخص أو ذاك، مما قد يوحي باستعادة خطأ سياسي تاريخي في تصريحٍ هنا أو هناك، مما يمنع القبول في هذا الموقع، أو الرفض في الموقع الآخر".
اضاف:" ولعل المشكلة، في خلفيات الواقع الذي يشغل الجميع، هي الامتدادات الخارجية للعقد الداخلية، ولاسيما أن البعض يتحدث عن صفقة إقليمية أو دولية لحساب بعض التنازلات الكبرى أو الصغرى في حركة أزمة المنطقة التي تجر خلفها أكثر من أزمة داخلية، وخصوصا أن هناك حديثا يتكرر حول واقعية البحث عن رئيس توافقي في غياب الوفاق الوطني، أو في شعار اللاغالب واللامغلوب الذي يقتحم الوطن كله بذهنية الغالب والمغلوب التي يتصرف فيها هذا الفريق أو ذاك".
وتابع:" أما الناس، في هواجسهم وتطلعاتهم ومخاوفهم، فإنهم يعيشون الحيرة القاتلة، من خلال التصريحات الاستهلاكية المجنونة التي يتحدث فيها البعض عن خطط أمنية، وتنطلق فيها المصالح الدولية التي تبحث فيها كل دولة عن موطئ قدم في لبنان، لتأكيد موقعها السياسي في ساحة اللعبة التي ترى في هذا البلد منطلقا للصراع في دائرة التجاذبات الدولية والإقليمية. ويبقى الغلاء الفاحش الذي لا ضوابط له يفترس مداخيل الناس، ويهاجم أوضاعهم الاقتصادية، ويثير مخاوفهم الأمنية. إنه لبنان المزرعة التي لا يخضع فيها القائمون على إدارته لأي نظام يحترمون فيه شعبهم، والناس يبحثون عن لبنان الدولة التي ترتفع كشعار وتسقط كواقع عملي للانسان كله وللوطن كله".
وختم: "أخيرا، في ذكرى الاستقلال، يتساءل اللبنانيون: هل بقي لهم استقلال أمام التدخلات الدولية والإقليمية في الاستحقاق الرئاسي الذي تمتد فيه الوصاية التاريخية التي اعتادها البلد، من خلال انتظار كلمة السر التي تنطلق من الاتفاقات على الرئيس الذي تلتقي عنده مصالح هذا المحور الدولي أو ذاك، لأن اللبنانيين لا يملكون اختيار رئيسهم بشكل حر متوازن، ويحدثونك بعد ذلك، وفي كل هذا الجنون السياسي، والسجن النيابي، عن السيادة والاستقلال الجديد، والجميع يعرفون أن الوطن لم يعرف الاستقلال الأصيل الذي يولد لبنانيا ويمتد في كل موقع سياسي لبناني، وإذا عرفوه يوما فإنهم لا يلبثون أن يتنكروا له في متاهات التعقيدات السياسية الضيقة".