في الرقة، استفاق السوريون صبيحة يوم مشؤوم، وجدوا السجون في المباني العامة والكهرباء مقطوعة ومنع بيع التبغ في المتاجر ـ إذ يعتبره المغالون في التعصب ضد تعاليم الاسلام ـ وبدأ المقاتلون المتشددون الملثمون يجوبون المدينة.
وقال أحد المقيمين الذي يطالب المتشددون بالقبض على ابنه: "لقد أغلقوا الجامعات أيضاً قائلين بأنه ما دامت النساء يتلقين التعليم فيتعين إغلاقها". وجرياً على النسق الشائع في شمال سورية، شددت جماعة "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) المرتبطة بتنظيم "القاعدة" من قبضتها بالتدريج.
واستولى المقاتلون على المباني الحكومية وحولوها الى سجون ومقرات لقيادتهم. وقال "المرصد السوري لحقوق الانسان" إن كنيسة للارمن في الرقة تحولت الى مكتب وآلت أخرى الى مبنى اداري.
ونفذ المقاتلون المتشددون عمليات إعدام علنية في ساحة رئيسية مما أشاع الرعب بين السكان وقضى على أي احتمال للاحتجاج. ويقول السكان إنه لا تفتح سوى قلة قليلة من المتاجر أبوابها خلال النهار لبيع المواد الغذائية الأساسية. ومع حلول الظلام تخلو الشوارع من المارة.
وقال ناشط فر منذ اسابيع "انقطعت الكهرباء من جميع مناطق المدينة. ولا نرى الكهرباء الا في مبانيهم. تعيش المدينة بأسرها في ظلام دامس فيما ينعمون هم بالكهرباء". وألقى ناشط من الرقة ـ انتقل الى محافظة ادلب في شمال غرب سورية ـ بالمسؤولية عن السماح للمتشددين بالاستيلاء على المدينة، على الجيش الحر المدعوم من الغرب. وقال "كل ما يهم الجيش الحر هو السرقة وجمع الأموال. منذ اليوم الاول لخروج الجيش السوري تركوها (لجماعة) الدولة الاسلامية في العراق والشام."
ويقول أهالي المدينة إنهم لا يعرفون سوى القليل عن المقاتلين. ويقولون إن منهم عراقيون ومن الخليج ومن ليبيا إلاّ انهم يكتمون هوياتهم خلف اللثام ويتحاشون التحدث للآخرين.
وقال أحد السكان وهو في الاربعينات من عمره "كان المسلحون الملثمون يتعاملون بلطف مع الناس في بادئ الأمر وكانوا يساعدون الناس هنا". لكن سرعان ما ظهرت المشاكل لاسيما بعد أن بدأت جماعة "الدولة الاسلامية في العراق والشام" تنفيذ عمليات الإعدام علناً في حق من ناصروا الانتفاضة بل من ساعدوا المقاتلين على الاستيلاء على المدينة.
وقال والد أحد النشطاء المطلوبين "شرعوا في اغتيال قادة الجيش الحر. وأحرقوا الكنائس ودمروا التماثيل في الحدائق العامة ونهبوا المتاحف أيضاً، قائلين بأن التماثيل والصور تتنافى وتعاليم الإسلام".