انجاز ميداني جديد يحققه الجيش السوري، بعد سيطرته على بلدة قارة الحدودية مع لبنان تمهيداً لما اعتبره مراقبون معركة عزل القلمون. بدأت المعركة من بلدة الحميرة التي سيطرت عليها وحدات الجيش السوري، بعد قطعها الطريق على المجموعات المسلحة المنسحبة من بلدة مهين في ريف حمص الشرقي، ومنعها من دخول بلدات القلمون مرة أخرى لتقع في كمائن كان الجيش السوري نصبها في مزارع الحميرة ودير عطية.
لم يتردد الجيش السوري في قطع الطريق الواصل بين قارة وعدة قرى في ريف حمص الجنوبي والشرقي، بعد السيطرة على بلدة الحميرة، ومنع التواصل الجغرافي للمجموعات المسلحة، باتجاه محور قرى وبلدات ريف القلمون بالذات مدينة يبرود المتاخمة لها.
ظنت المجموعات المسلحة أن الجيش السوري سيبدأ بعمليته العسكرية من محور الاتوستراد الدولي، لسببين الاول كان دخوله لبلدة الحميرة من ذلك المحور، والسبب الاخر هو انتشار الوحدات العسكرية والمعسكرات على جانبي الاتوستراد ما يؤمن خط امداد مفتوحا للوحدات التي ستبدأ بالعملية، فنقلت المجموعات المسلحة ثقل عناصرها نحو الاتوستراد الدولي، وركزت عدة مدافع هاون من عيار 120 ملم في ساحة الخان، وبدأت باستهداف الاتوستراد والمناطق المحيطة به، واعتلى القناصون اسطح كتل الابنية المتاخمة له، ليمنعوا حركة السير عليه، وليضغطوا على الجيش السوري، لفك الحصار عن البلدة، بعدما ضرب حصاراً خانقاً عليها من جميع الجهات.
هنا كانت المفاجأة، الخطة العسكرية التي نفذها الجيش السوري كانت غير متوقعة بالنسبة للمجموعات المسلحة، حيث قامت وحدات من الجيش السوري بالالتفاف نحو التلال المحيطة بالبلدة في عمق القلمون، وبدأت بالرماية التمهيدية، بعد أن زودتها وحدات الرصد بالمعلومات التي حددت بدقة المواقع الاستراتيجية لتواجد المسلحين في البلدة، ما دفع بالمسلحين إلى سحب كل عناصرهم من جهة الاتوستراد، وترك بعض القناصين لالهاء وحدات الجيش، هذا الانسحاب أحدث ثغرة كبيرة في الجهة الشرقية لمدينة قارة، سمحت باندفاع وحدات المشاة الى عمق البلدة والبدء بتمشيطها، مع كثافة نارية نفذتها الوحدات المتمترسة على التلال.
المشفى الميداني لعلاج جرحى المسلحين
كل ذلك دفع المجموعات المسلحة إلى الانسحاب من البلدة نحو بلدة الجراجير المجاورة والواقعة بين قارة ويبرود، تاركين خلفهم مستودعات اسلحة بالإضافة إلى عشرات العبوات الناسفة والعديد من السيارات جاهزة للاستعمال، بالإضافة إلى "محكمة شرعية" و"محكمة عسكرية"، تظهر الوثائق التي وجدت في داخلهما، نوعية العمل الذي كانت تقوم به. والابرز كان المشفى الميداني الذي حصلنا على بعض وثائق سير العمل فيه والذي يبين اسماء الجرحى من المجموعات المسلحة التي قام المشفى بعلاجها بالاضافة الى كميات كبيرة من الادوية والمعدات الطبية.
مصادر عسكرية افادت موقع "العهد" الاخباري ان مقاتلي الجيش السوري الذين دخلوا بلدة قارة هم من الجنود الجدد من الذين دخلوا الخدمة الفعلية منذ شهرين، بعد انهاء تدريبات خاصة على حرب الشوارع والمدن، فيما أكد نفس المصدر ان السيطرة على بلدة قارة في ريف دمشق هي عملية قطع شريان حقيقية للمجموعات المسلحة التي كانت تنقل السلاح والمسلحين الواصلين عبر منطقة عرسال اللبنانية نحو قارة ومن ثم نحو الغوطة الشرقية او ريف حمص، ما يجعل المسلحين في ريف حمص بدون خط امداد بالمطلق، وحتى مناطق الغوطة الشرقية. ومع سير العمليات العسكرية في المنطقة فالهدف منها فصل المجموعات المسلحة عن الحدود اللبنانية، وضغطها في حصار بين الداخل السوري والحدود اللبنانية، والقضاء عليها بالحصار خنقاً، بالذات مع دخول موسم الشتاء.
يشار الى ان جبال القلمون هي سلسلة جبلية في غربي سوريا تمتد من الدريج جنوباً إلى البريج شمالاً وتقع إلى الشمال الغربي من مدينة دمشق. وتشمل أيضاً أجزاءً من سلسلة جبال لبنان الشرقية أيضاً، وتنتشر عليها من الجهة السورية مدن وقرى وبلدات مثل صيدنايا وعين منين ومعلولا ورنكوس وتلفيتا وبخعة وجبعدين وحلبون والنبك والقطيفة والرحيبة ويبرود وقارة ودير عطية ورأس المعرة وقرية السحل وعسال الورد وغيرهم.
وتعتبر تلك الجبال امتداداً طبيعياً بين ريفي حمص ودمشق والجبال اللبنانية في البقاع، حيث تضم جبال القلمون حوالي 17 قرية ويصل عدد سكانها الى حوالي مليون شخص.