حسين مرتضى
أحكم الجيش السوري السيطرة الكاملة على مدينة السفيرة بريف حلب الجنوبي الشرقي بعد أن قضى على آخر تجمعات المسلحين في أحياء المدينة حيث تم تدمير جميع متاريسهم والخنادق التي كانوا يتحصنون بداخلها.
وفي بيان للجيش السوري، قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة "إن قواتنا المسلحة الباسلة أحكمت صباح اليوم بعد سلسلة من العمليات النوعية الناجحة سيطرتها الكاملة على بلدة السفيرة في ريف حلب الجنوبي الشرقي موقعة خسائر كبيرة في تجمعات العصابات الإرهابية والمرتزقة الأجانب الذين عاثوا فيها فساداً". وأضاف الجيش "إن أهمية هذا الانجاز الجديد لقواتنا المسلحة تأتي من كون هذه المنطقة الاستراتيجية البوابة الجنوبية الشرقية لمدينة حلب والسيطرة عليها تعزز تأمين طرق الإمداد بالمواد الغذائية والطبية إلى أهلنا في حلب وريفها وتشكل قاعدة انطلاق للإجهاز على العصابات الإرهابية المسلحة في الريف الشرقي لمدينة حلب".
وتابع البيان "إن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة إذ تؤكد عزمها وتصميمها على مواصلة معركتها ضد الإرهاب تدعو كل من غرر به من أبناء الوطن للعودة إلى جادة الصواب والاستفادة من مرسوم العفو رقم 70 لعام 2013 الذي أصدره السيد الرئيس الفريق بشار الأسد".
وفي التفاصيل، وبعد المعاناة التي عاشتها مدينة حلب من حصار المجموعات المسلحة لها، كان من اولويات الجيش السوري، ضرورة فتح طريق سلمية - حلب وتأمينه، وإبعاد المجموعات المسلحة المسيطرة عليها عن حرم الطريق اكبر مسافة ممكنة، ليقلب حصار حلب إلى حصار لمعاقل المسلحين.
مدينة السفيرة تعتبر العاصمة للمسلحين في ريف حلب الجنوبي الشرقي، والتي فرّت إليها مجاميع المسلحين بعد تنظيف بلدتي خناصر وابو جرين كونها ممراً مهماً لعبور السلاح والمسلحين، ومركز تجمع لهم في ذلك الريف من حلب، بالإضافة لكونها نقطة وصل بين الحدود التركية والريف الجنوبي والشرقي، وهي معبر مهم لتنقل المسلحين من شرق حلب نحو الرقة ومن شمال شرق حماة نحو الرقة وحلب، والهدف الرئيس تأمين طريق خناصر – حلب ومحيط معامل الدفاع.
العملية العسكرية في محيط مدينة السفيرة بدأت حين تحرك الرتل العسكري الضخم والذي اعتبر من الأكبر بين أرتال الجيش السوري الذي يتحرك في منطقة مكشوفة باتجاه مناطق ذات طبيعة صحراوية تكثر فيها التضاريس الجغرافية والمناطق المأهولة وتتناثر القرى الصغيرة على جوانب طريقها الدولي مشكلة مكمناً مهماً لمن يريد عرقلة تحرك الجيش وقواته.
كان واضحاً للجميع، أن الرتل القادم بعد تنظيف خناصر ليس مصمماً فقط على فرض السيطرة على الطريق الاستراتيجي وتأمين معامل الدفاع، بل إنطلاق معركة تطهير الريف الشرقي لمدينة حلب بالكامل، وهكذا كان، حيث تقدمت وحدات الجيش السوري نحو قرية أبو جرين في ريف السفيرة وسيطرت عليها، مما جعلها على بعد كيلو مترات قليلة من مدينة السفيرة.
بدأت قيادة العملية بإعداد الخطة التي لم تكتف فيها بحصار السفيرة من كافة الجهات والإطباق عليها من كافة المداخل بالنار، الخطة وضعت، الاسقاط البري واختراق صفوف المسلحين عبر عدة مراحل، بدأت المرحلة الاولى بعد الحصار، تسلل وحدات كومندوس مدربة بشكل جيد، إلى قلب مدينة السفيرة والتمركز في نقاط استراتيجية، حددتها قيادة العملية، كان لها مهمة استخباراتية بالاضافة الى تصويب الرمايات، والتحضير لاسقاط المدينة من الداخل، تلك الوحدات اكتشفت مكامن زرع العبوات الناسفة على الطرقات الرئيسية والفرعية للسفيرة، وبعد إبلاغ القيادة بذلك، حسم الامر وتقرر البدء بالمرحلة الثانية التي كانت تقتضي إدخال وحدات الاستطلاع ترافقها وحدات الهندسة، لتبدأ عملية تفكيك العبوات الناسفة التي كانت بأعداد كبيرة، والتي حضرها المسلحون لمنع تقدم ودخول الجيش السوري. والمعلومات بدأت تصل إلى مقر قيادة العملية مصدرها وحدات الكوماندوس المزروعة داخل المدينة، بالاضافة إلى عدد من مقاتلي المجموعات المسلحة المتعاونين مع الجيش السوري، الذين أبلغوا عن الامدادات العسكرية القادمة للسفيرة بعد إطباق الحصار عليها، فاستهدفها الجيش السوري ودمّر تلك السيارات بما فيها من مقاتلي وعتاد.
المعركة بدأت، اعتقد المسلحون أن استجرار الجيش السوري الى مكمن العبوات الناسفة امر هام ويؤخر عملية اقتحام البلدة والسيطرة عليها. الهجوم بدأ من ثلاثة محاور، الشرقي والغربي والجنوبي، بكثافة نارية وتركيز اهداف، على اثر ذلك انسحبت المجموعات المسلحة لتفسح المجال امام تقدم الجيش نحو كمين العبوات الناسفة، على المحاور جميعها، وحين اصبحت وحدات الجيش ضمن تلك المنطقة، حاولت المجموعات المسلحة تفجير العبوات الناسفة التي فككها الجيش السوري بعملية معقدة، إلّا أن عدم انفجار تلك العبوات أدى الى انهيار في صفوف المسلحين، لخسارتهم خط دفاع كانوا يعتقدون انه سيعيق تقدم الجيش، لتبدأ عناصر المجموعات المسلحة بمحاولة الفرار، إلّا أن الكمائن التي نصبها الجيش السوري في المناطق المحيطة بالسفيرة، ضيّق الخناق حتى على عملية انسحابها، فلم تكن أمام إلّا خيارين إما الانسحاب أو الموت.
مصدر ميداني أكد أنه بعد سيطرة الجيش السوري على منطقة المكابس الواقعة غرب السفيرة وتقدم مجموعاته في المنطقة الغربية من بلدة الواحة الواقعة على مشارف السفيرة، ووصول القوات الى دوار الجسر في قلب المدينة، تم التقاط توجيه العديد من نداءات الاستغاثة عبر أجهزة اللاسلكي.
تنظيف بلدة السفيرة التي تبعد 25 كيلومتراً عن مدينة حلب، سيرخي بظلاله على العملية العسكرية في كافة الريف الحلبي، بالاضافة الى المدينة، كون هذه المدينة تعتبر، من أهم معاقل المسلحين في ريف حلب، وعاصمة المجموعات المسلحة في ريف حلب الشرقي، ما يؤسّس لحالة انهيار وشيكة في صفوف المجموعات المسلحة على عدة جبهات وأهمها، المتاخمة للحدود التركية، والتي بسيطرة الجيش السوري على مدينة السفيرة، تكون فقدت التواصل الجغرافي مع الداخل السوري.